السيجارة الإلكترونية بين الترويج البراق والمخاطر الخفية

السجائر الإلكترونية لا تزال تثير الجدل في أوساط الرعاية الصحية بشأن فاعليتها في الإقلاع عن التدخين ومضارها الكثيرة.
الدعايات المنظمة تجذب الشباب نحو التدخين
السيجارة الالكترونية متهمة بالتسبب بالكثير من الأمراض الخطيرة
منظمة الصحة العالمية تحذر من أضرار هذه السيجارة
دراسات عديدة أثبتت فعالية السيجارة الالكترونية في الإقلاع عن التدخين

لندن - تتداول الوسائل الإعلامية العالمية باستمرار معلومات ودراسات متضاربة حول مخاطر السجائر الإلكترونية وفاعليتها في الإقلاع عن التدخين، وسط انقسام شديد في أوساط الرعاية الصحية بشأن فوائدها ومضارها.
اخترعت السيجارة الالكترونية في العام 2003 على يد الصيدلاني الصيني هون ليك، ثم طرحت في العام 2004 على شكل السيجارة التقليدية المعروفة، وتم تطويرها حتى وصلت إلى أشكال وأحجام متنوعة وبألوان جذابة.
ووجدت هذه الأجهزة الصغيرة سوقا رائجة منذ ذلك الوقت وخاصة بين أوساط الشباب، مدعومة بدعايات منظمة وبراقة، وأقبل عليها كثير من المدخنين وغير المدخنين، بعضهم رغبة في ترك السيجارة التقليدية، وبعضهم للتجريب خاصة وأن الدعايات تقول إنها آمنة.
وتعمل السجائر الإلكترونية من خلال إنتاج كميات مقننة من بخار النيكوتين بالاستعانة ببطارية وطرحت في الاسواق بتعهد من مصنعيها وموزعيها بتقديم النيكوتين بطريقة آمنة كبديل عن التدخين. وهي تقوم بتسخين سائل مشبع بالنيكوتين لإنتاج بخار به كميات من الفورمالدهيد وكيماويات أخرى يستنشقها المدخن لرئتيه بدلا من حرق التبغ.
وتجمع غالبية الدراسات الصادرة عن مراكز علمية كبرى على أن من يستخدمون السجائر الإلكترونية بهدف الإقلاع عن التدخين يمكنهم تحقيق هدفهم بنسبة تزيد 95 بالمئة تقريبا عمن يحاولون الإقلاع دون الاستعانة بأي شيء يمكن أن يساعدهم على ذلك، مثل اللاصقات والعلكة التي تستخدم لطرد النيكوتين من الجسم وعقار فارينيكلين الذي تنتجه شركة فايزر.

التدخين
التدخين الالكتروني والعادي يبثان نفس المخاطر

وفي حين تتفق الأبحاث على أن السجائر الإلكترونية أكثر فاعلية مرتين تقريبا في مساعدة المدخنين على الإقلاع من وسائل أخرى بديلة للنيكوتين، غير أن العلماء منقسمون بشأن مخاطرها المحتملة على الصحة العامة.
فقد فندت دراسات عديدة مخاطر هذه السجائر ودورها في الإصابة بالكثير من الأمراض، وفي أحدث الإفادات العلمية ذكرت دراسة أميركية أن التعرض لدخان السجائر الإلكترونية يعطل وظيفة الرئة الطبيعية، ويقلل أيضًا من قدرة الخلايا المناعية الموجودة في الرئتين على مواجهة العدوى الفيروسية.
وكانت دراسات سابقة كشفت أن النكهات المستخدمة في السجائر الإلكترونية تسبب استجابات التهابية وتأكسدية في خلايا الرئة.
كما أن آثار تلك النكهات يمتد إلى الدم، فهي سامة وتتسبب في الموت المبرمج لخلايا الدم البيضاء.
ونشرت منظمة الصحة العالمية أيضا تقريرا في 2015 حذرت فيه من أن السجائر الإلكترونية تحتوي على مواد سامة ضارة بالصحة.
ومؤخرا قالت إن "تأكيد أن هذه المنتجات تساعد في الإقلاع عن التدخين ليس مثبتا".
كما حذر أطباء من الأضرار التي قد تلحقها السجائر الالكترونية بمدخنيها، حيث تتسبب في مشاكل بالجهاز التنفسي وتحدث التهابات بالرئتين، فضلا عن إتلافها لخلايا حيوية بالجسم.
ويرى باحثون أنه يمكن للسجائر الالكترونية إتلاف بعض الخلايا الحيوية والجهاز المناعي، وإلحاق ضرر بالغ بالخلايا الجذعية في المخ، قد يصل لحد التلف والموت، خاصة لدى الأجنة والشباب.

منظمة الصحة العالمية قالت مؤخرا إن تأكيد أن هذه المنتجات تساعد في الإقلاع عن التدخين ليس مثبتا
 

وقال دراسة أميركية حديثة أن استخدام السجائر الإلكترونية بنكهاتها المختلفة قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وكشفت أخرى أن السجائر الإلكترونية قد تقلل من قدرة الجسم على مكافحة الفيروسات وتحديدًا فيروسات الإنفلونزا.
ووجد الباحثون أن من يدخنون السجائر الإلكترونية بأنواعها، انخفضت استجابة جهاز المناعة لديهم والتي تعمل كمضاد للفيروس، ما زاد من انتشاره في أجسادهم، مقارنة مع غير المدخنين الذين قامت مناعتهم بمهاجمة الفيروس.
وخرجت دراسة أميركية بتحذير عن آثار هذه السيجارة، في زيادة فرص الإصابة بسرطان الفم، بصورة تماثل السجائر التقليدية.
ويشعر بعض خبراء الرعاية الصحية بقلق من قلة ما يُعرف عن الأخطار الصحية المحتملة للسيجارة الالكترونية، ويشعرون بقلق بشكل خاص من تزايد استخدام المراهقين للسجائر الالكترونية والخوف من احتمال أن يؤدي ذلك إلى ظهور جيل جديد متعلق بالنيكوتين.
ونظرا لهذا الانتشار الكبير للسيجارة الجديدة، قلصت شركات كبرى في صناعة التبغ مثل مجموعة التريا وفيليب موريس انترناشونال ورينولدز اميركان إنتاجها من السجائر التقليدية لاستبدالها بمجموعة منتجات "خالية من الدخان"، مثل السجائر الإلكترونية والمنتجات التي تسخّن التبغ من دون إحراقه.
وتروج هذه الشركات لهذه المنتجات على أساس أنها آمنة ولا اضرار لها على الرغم من كل الدراسات والأبحاث التي أفادت بالكثير من المخاطر القاتلة لهذا النوع الجديد من السجائر.