السيسي يتعهد برأب الصدع بين الأطراف السودانية بلا أفق لحل الأزمة

من غير المتوقع أن تنتهي أزمة معقدة وصعبة مثل حرب السودان في اجتماع واحد في القاهرة.
قوات من الجيش السوداني وصلت جنوب السودان بعد خسارتها قاعدة في الميرم

القاهرة - أعرب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أن بلاده لن تألو جهداً ولن تدخر أية محاولة، في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، حيث تقوم القاهرة بمهمة صعبة في جمع الأطراف المتحاربة للتوصل إلى اتفاق، في وقت تحقق فيه قوات الدعم السريع تقدما عسكريا.

واستقبل السيسي الأحد وفداً من المشاركين في مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي تستضيفه مصر، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الأطراف الإقليمية والدولية، وشدد على ضرورة أن يتضمن الانتقال للمسار السياسي للأزمة مشاركة كافة الأطراف، وفقاً للمصلحة الوطنية السودانية دون غيرها، وأن يكون شعار "السودان أولاً" هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة.

وقد حضرت الفصائل السياسية السودانية المتنافسة محادثات رسمية للمصالحة في القاهرة السبت، وهي الأولى منذ اندلاع الصراع في البلاد قبل 15 شهرا تقريبا، لكنها أقرت بأن فرص إنهاء الحرب سريعا تبدو ضئيلة.

ورفضت الكتلة الديمقراطية المتحالفة مع الجيش خلال المؤتمر عقد جلسات مشتركة مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) التي تتهمها الكتلة بالتعاطف مع قوات الدعم السريع. ولم يحضر ممثلون عن الجيش ولا قوات الدعم السريع المحادثات.

وأكد السيسي أن الدولة المصرية تبذل أقصى الجهد ثنائياً أو إقليمياً ودولياً، لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية، وذلك عبر تقديم كافة أوجه الدعم، بما يعكس خصوصية العلاقات المصرية السودانية، حيث تستمر مصر في إرسال عدد كبير من شحنات المساعدات الإنسانية للأشقاء في السودان، فضلاً عن استضافة ملايين الأشقاء السودانيين بمصر.

وأجبرت الحرب في السودان، التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023، ما يقرب من عشرة ملايين شخص على ترك منازلهم وأثارت تحذيرات من المجاعة وموجات من العنف لأسباب عرقية يُلقى باللوم فيها إلى حد كبير على قوات الدعم السريع.

ورغم نجاح مصر في تجميع هذه الفصائل، جلس الحضور الرئيسيون على جانبي القاعة في مواجهة بعضهما البعض عند افتتاح المؤتمر.

ولم يتفق الفصيلان السياسيان سوى على تشكيل لجنة فرعية صغيرة للتوصل إلى بيان نهائي يدعو إلى إنهاء الحرب، وهو البيان الذي رفض ثلاثة من قادة الكتلة الديمقراطية التوقيع عليه.

وقال وزير المالية السوادني جبريل إبراهيم لرويترز إنه أخبر المسؤولين المصريين بألا تكون لديهم طموحات كبيرة بخصوص هذا الاجتماع. ولم يوقع إبراهيم على البيان إلى جانب حاكم دارفور مني أركو مناوي ونائب مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار.

وأضاف إبراهيم "في الظرف الحالي لو جلسنا وضحكنا وأكلنا وشربنا مع الناس المتحالفين ومتشاركين في الجرائم المرتكبة سنرسل رسالة خاطئة لمواطنينا وقواتنا".

وأضاف أن نهاية الحرب لن تكون واقعية دون انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق المدنية بموجب الاتفاق الموقع في جدة العام الماضي.

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن التدهور الكبير في الوضع الإنساني والعواقب الكارثية لهذه الأزمة تتطلب العمل على وقف العمليات العسكرية بصورة فورية ومستدامة.

وفي نهاية العام الماضي، انهارت محادثات استضافتها مدينة جدة السعودية بين الجيش وقوات الدعم السريع تحت رعاية الولايات المتحدة والسعودية.

ورفض رئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية عبد الله حمدوك الاتهامات التي تشير إلى أن التنسيقية على صلة بقوات الدعم السريع، قائلا إنه ينتظر موافقة الجيش على الاجتماع.

وقال لرويترز إنه من غير المتوقع أن تنتهي أزمة معقدة وصعبة مثل هذه في اجتماع واحد، وطالب بالتحلي بالصبر والبناء على أي نتائج إيجابية تخرج عن هذا الاجتماع.

بدوره أفاد المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو إنه يأمل أن يستمر الزخم الذي حققته محادثات اليوم حتى اجتماع آخر دعا إليه الاتحاد الأفريقي بعد أيام، وهو اجتماع ضمن عدة مبادرات.

وفي حين مازال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يراهن على الحل العسكري قائلا إن الجيش لن يتفاوض مع قوات الدعم السريع، تحقق الأخيرة انتصارات عسكرية وتقدمت الأسبوع الماضي في ولاية سنار، وفي الرابع من يوليو/تموز الجاري، سيطرت على منطقة الميرم بولاية غرب كردفان، التي تبعد نحو 60 كيلومترًا عن الحدود مع دولة جنوب السودان، واستحوذت على قيادة اللواء 92 التابع للفرقة 22 مشاة بابنوسة.

وأعلن جنوب السودان السبت، استقباله عناصر من الجيش السوداني عبروا الحدود بين البلدين، الأسبوع الماضي، بعد سقوط قاعدة عسكرية بولاية غرب كردفان في يد قوات الدعم السريع.

وقال قائد قوات دفاع شعب جنوب السودان، اللواء أنقون أنقوم، لـموقع "سودان تربيون" المحلي "استقبلنا وحدات من القوات المسلحة السودانية التي انسحبت من الميرم في بلدة وارقيت".

وأوضح أنه أخطر القوات السودانية المنسحبة بالبقاء في الموقع الذي وصلته، وسيتم معاملتهم كلاجئين لحين تلقي توجيهات من القيادة العامة للجيش في دولة جنوب السودان.

وأفاد محافظ مقاطعة أويل الشرقية، دينق أهر نغون، "إن القوة التي وصلت إلى دولة جنوب السودان يقودها عميد في الجيش السوداني وهو قائد حامية الميرم، وأضاف "حددنا أماكن يمكننا أن نجمعهم فيها، وهذه الوحدات الآن أصبحت تحت جيشنا في مناطق وارقيت، مجاك ووي، وواراين بولاية شمال بحر الغزال، وننتظر توجيهات من القيادة العامة والقيادة السياسية".

وتعد بلدة الميرم واحدة من النقاط الاستراتيجية على الحدود بين السودان وجنوب السودان، حيث تمر عبرها المؤن الغذائية إلى ولايات دارفور وكردفان، كما أن المنطقة التي تقطنها قبائل المسيرية تجاور مناطق إنتاج البترول.