
السيف في دول الخليج قطعة فنية وجزء من التراث
الدوحة - غاب السيف عن معارك العصر الحديث، لكنه لم يغب عن المجتمعات الخليجية التي ظلت محتفظة به كجزء من الإرث والأصالة.
واشتهر العرب منذ القدم ارتباطهم واعتزازهم بالسيف، حيث كان أداة للذود عن الأرض والعرض، ولم تتلاش تلك العلاقة مع تكنولجيا الأسلحة الدفاعية.
غير أن السيف لم يعد سلاح الحرب والمعارك، لكن بات زينة في المنازل وأداة للرقص في الأعراس، وهدية قيمة في المناسبات.
ومن هنا تحول سوق السيوف إلى صناعة فريدة من نوعها، وتحتاج إلى دقة وتناهي في العمل لإرضاء عشاق اقتناء السيوف.
وفي زيارة الى المحل الأشهر لبيع السيوف بسوق واقف، وسط العاصمة القطرية الدوحة، حيث يشبه متحفاً يحوى أنواعاً مختلفة من السيوف.
يقول شمسان الجباهي، مدير محلات "الغيث" للسيوف إن "السيف تراث عربي وخليجي وجزء من الحضر والبادية لأن العرب تميزت بالسيف عبر التاريخ".
ويضيف: "الآن يدخل السيف في حياتهم فهو موجود في الأعياد والمناسبات والأعراس والأيام الوطنية والهدايا الدبلوماسية وحتى في المجاملات البسيطة".

ويوضح "هناك من يريد نقش اسمه أو اسم الشخص الذي يهديه السيف أو اسم العائلة التي ينتمي إليها".
وعن أكثر ما يميز السيوف العربية، يوضح "خفتها ورشاقتها وهي تعد قطعة فنية جميلة، يقتنيها الناس كأنتيكة أو قطعة أثرية".
وأشار إلى أن أشهر السيوف "الحدب" وهو السيف القطري والسيف الهلالي والسيف الهندي والعثماني الدمشقي والفارسي.
ويلفت إلى أن راوج تجارة السيف يشمل القطرين والأجانب، "فلا يخلو بيت قطري من السيف، إلى جانب سيوف ورثوها عن الآباء والأجداد".
كما يحرص السياح الأجانب على شراءه للذكرى، بل وينقشون عليه أسماءهم.
وعن المواد التي يصنع منها السيف، يقول الجباهي "يصنع في الأغلب من معدن الجوهر، وهو خليط من الحديد والمنغنيز الذي يساعد على زيادة لمعانه ومنع أكسدته".
كما يضاف له مواد عضوية نباتية وظيفتها تسهيل عملية تزيين السيوف، لأنها تجعل المعدن يكتسي تموجات تظهر بأشكال طولية في نصل السيف.
ويصنع المقبض من العاج، أو خشب الأبنوس الأفريقي، والزراف المصنوع من قرن وحيد القرن يعتبر أغلى أنواع المقابض.
ويضيف تاجر السيوف القطري "سيوفنا جميعها صناعة محلية بشكل كامل، وبعض المواد الخام التي نستخدمها مثل الذهب والفضة تأتي من أماكن معينة مثل تركيا وإيطاليا".
وتعرف السيوف والخناجر لدى القطريين باسم "الجنابي" لأن الرجل يضعها على جانبه، ويشد عليها الحزام متفاخراً بها في المناسبات العامة وخاصة في الأعراس.
ويمثل الشباب الزبائن الأكثر إقبالا على شراء السيوف (ما بين 18-30 سنة)، وينتعش سوق السيوف في المناسبات الوطنية وتحديدا اليوم الوطني.
ومع اقتراب اليوم الوطني في ديسمبر/كانون الأول سنويًا، يُقبل العديد من الشباب على شراء متعلقاتهم المرتبطة بهذه الذكرى الوطنية، وفي مقدمتها السيوف.
وحول أسعار السيوف قال الجباهي إن بعضها يصل سعره إلى مليون ريال (274,7 ألف دولار أميركي) وأكثر، وتكون من الذهب.
أما السيوف من الفضة فيبدأ سعرها من 10 آلاف ريال (2.7 ألف دولار) وما أكثر، فالمشتري هو من يحدد السعر من خلال المواصفات والإضافات..
غير أن الأسعار تبدأ عادة من ألفي ريال (500 دولار)، وهذا للسيوف الخفيفة والبسيطة التي تسخدم في الرقصات المحلية داخل الأفراح.
والسيوف القديمة سواء العثمانية أو الدمشقية لها أسعار خاصة فهي نادرة، وتبدأ أسعارها أيضاَ من 100 ألف ريال.
ويشير الجباهي إلى أن "السيف شيء أساسي داخل الأعراس القطرية، فالقادمون إلى العرس يحضرون بسيوفهم حتى الأطفال".

ويقوم القطريون خلال الأعراس باستخدام السيوف في رقصة العرضة مع الأغاني التراثية والأشعار العربية.
ويضيف الجباهي أن "السيف الذي نصنعه من الذهب أو الفضة لا يتكرر منه نسخة ثانية، فكل سيف مثل بصمة الإنسان لا شبيه له".
ويصنع السيف على هوى المشتري فمنهم من يريد أن يضيف عليه قطعة من الأحجار الكريمة أو الذهب وغيرها.
فهذا السيف يصنع خصيصاً لشخص معين ويحصل على شهادة خاصة بالسيف ورقم تسلسلي يحمل كل التفاصيل التي يحتوى عليها السيف من المواد والمجوهرات والأحجار وتكون موقعة ومختومة.
ويشير إلى أن صناعة السيف الخاص قد تستغرق من شهرين إلى ثلاثة أشهر لأن كل جزء من السيف يصنع بعناية.
ويشبه الجباهي صناعة السيف بالعملية الجراحية، وأي خطأ ينهي العمل بأكمله.