السيميائية في روايات محمد جبريل

البحث يهدف إلى قراءة أعمال الروائي محمد جبريل قراءة سيميائية، بدءًا من عتباتها الأولية مرورًا بالعناصر الأخرى من شخصيات وزمان ومكان.
الوصول إلى كنه الأعمال الروائية وقراءتها قراءة أدبية تحليلية
جبريل من الكتاب الذين يحملون مشروعًا ورسالة تبلورت معالمها من أول عمل أنتجه

القاهرة ـ ناقشت كلية للغة العربية بإيتاي البارود جامعة الأزهر رسالة الدكتوراه بعنوان "السيميائية في روايات محمد جبريل" المقدمة من الباحث محمد جبريل أبوالفتوح حمودة المدرس المساعد في قسم الأدب والنقد بالكلية.
ويهدف هذا البحث إلى قراءة أعمال الروائي محمد جبريل الروائية قراءة سيميائية، بدءًا من عتباتها الأولية سواء أكانت خارجية أم داخلية، مرورًا بالعناصر الأخرى من شخصيات وزمان ومكان. إضافة إلى إظهار جماليات العناصر المختلفة، وبيان مدى قدرة الكاتب على توظيفها والملاءمة بينها، وبيان مواقع الإجادة والإخفاق من خلال إخضاع أعماله للتشريح النقدي؛ بغية الوصول إلى كنهها، وقراءتها قراءة أدبية تحليلية. 
ويقول الباحث: حصلت على عدة نتائج – من خلال الدراسة - من أهمها: أن الروائي محمد جبريل من الكتاب الذين يحملون مشروعًا ورسالة تبلورت معالمها من أول عمل روائي أنتجه وما تلاه من أعمال تمثلت في الكشف عن معاناة الإنسان، وبيان أوجاعه وهمومه ونوازعه النفسية والاجتماعية والسياسية.
ويؤكد أنه ظهر بوضوح اعتناء الكاتب بمفهوم الوطن وبيان قيمته حتى أنتج له في باكور أعماله عددًا من الروايات يحاول فيها أن يجاوب عن سؤال شغله كثيرًا مفاده ما الوطن؟ هل الذي يحقق الإنسان فيه الغنى المادي والنفسي وإن لم يكن ولد فيه؟ أم أنَّ وطن الإنسان، هو المكان الذي ولد على أرضه والتحف سماءه مهما عانى فيه من أوجاع وآلام كما جاء في رواية "زمان الوصل"؟ أم أنه هو موطن الآباء والأجداد حتى وإن لم يولد فيه الإنسان، فجذوره موجودة في جينات الإنسان تنبض بالحنين إليها وتسوقه إلى فضائه في يوم من الأيام كما جاء في وراية "الشاطئ الآخر" ورواية "صيد العصاري".
كما بدا واضحًا حرص الكاتب على الابتكار والتجديد في كل عمل روائي أنتجه، بدءًا من بناء الرواية ومرورًا بالعناصر الأخرى. كما بدا واضحًا حرص الكاتب على الابتكار والتجديد في كل عمل روائي أنتجه، مرورًا بالعناصر الأخرى، حيث يعمد الكاتب إلى بناء الرواية وتشكيلها وتلوينها بما يتناسب مع أحداث الرواية وباقي عناصرها.

ففي رواية "من أوراق أبي الطيب المتنبي" أخذت الرواية شكل التحقيق العملي للكتب والمخطوطات، وتوزعت الرواية على شكل أوراق مرقمة بصفحات. فتأتي كل مجموعة من الأوراق تشمل على مجموعة من الأحداث، ويقتصر عمل الكاتب على تحقيق هذه الأوراق إلى أن تنتهي الرواية؛ إيهامًا للقارئ أنه يعيش في فترة تاريخية معينة، وأنه ينقل لا يبدع، ومن ثَمَّ فلا علاقة لها بالواقع الذي يعيشه.
وتشير الدراسة إلى رواية "قاضي البهار ينزل البحر" حيث يقسم الكاتب الرواية إلى موجات، فاستخدم كلمة موجة بديلاً من كلمة فصل أو باب، وتحتوي كل موجة على مجموعة من الأحداث والمواقف إلى أن تنتهي الرواية؛ مراعاة لأحداثها التي انتهت بنزول قاضي البهار إلى البحر؛ للتخلص من المعاناة التي تلاحقه، وكأن الأحداث - التي تدور في جمع المعلومات عن قاضي البهار ومواجهته والتضييق عليه وتعذيبه – ما هي إلا موجات عاتبة ابتعلت محمد قاضي البهار وقضت على حياته.
كما تظهر براعة الكاتب في توظيف الراوي في كل عمل، حيث يجد القارئ أن الكاتب وظّفه توظيفًا خاصًا في كل عمل، بحيث يختلف موقعه في كل رواية عن الأخرى. 
ومن الناحية الفنية اختار الكاتب عنوانات أعماله الإبداعية بفينة فائقة بحيث يختزل العنوانُ العمل الروائي، ويكون نصًا موازٍيًا يحيل إلى أهم العناصر الروائية. كما جاءت أغلفة الرواية في أغلبها مشيرة إلى المتن الداخلي ومحيلة على أهم الأحداث والعناصر الروائية التي تتعالق مع الشخصية الرئيسة وحبكتها، كما تظهر روعة الكاتب وإجادته وإتقانه من خلال التصدير الذي جعلها مقدمة لعمله الروائي، كما تظهر براعة الكاتب في اختيار أسماء شخصياته، فلم يأت الاسم اعتباطاً، بل جاء دالًا يشير إلى الشخصية وأفعالها وحركتها داخل العمل الروائي، كما ظهر اهتمام الكاتب بالمكان لا سيما مدينته الأثيرة الإسكندرية التي ولد عليها وعاش فيها طفولته وباكر شبابه، وبدا واضحًا استخدام الكاتب للزمن استخدامًا يعكس تصرفات وأفعال وانطباعات شخصياته الفكرية والنفسية. 
أشرف على الرسلة الدكتور أنور حميدو فشوان مشرفا أساسيًا، والدكتور محمد إبراهيم بظاظو مشرفًا مشاركا، وناقشها الدكتور محمد على سعد مناقشا داخليا، والدكتور عبدالباسط عطايا مناقشا خارجيا.