الشعر المغربي ورهانات التوثيق والرقمنة

ندوة دار الشعر المغربي بمراكش تناقش وضعية الأرشفة والتوثيق لذاكرة شعرية في أفق رقمنتها.
علاقة الأرشفة بالتكنولوجيا الحديثة سهل من وسائل الوصول إلى ذاكرة الشعر المغربي
جزء مهم من رهانات صون الذاكرة الشعرية المغربية

مراكش (المغرب) ـ نظمت دار الشعر بمراكش، وضمن سلسلة ندواتها العلمية، ندوة "الشعر المغربي: رهانات التوثيق والرقمنة". مساء الجمعة الماضية 12 أبريل/نيسان، بمقر دار الشعر بمراكش. وعرفت مشاركة لفيف من النقاد والباحثين، الناقد سفيان الماجدي، أحد المتهمين بالتصورات النظرية للأدب العربي الحديث، والناقد الدكتور محمد بالاشهب أستاذ التعليم العالي - بكلية الآداب والعلوم الإنسانية  بني ملال والباحث والشاعر عبدالغني فنان، والذي راكم تجربة مهمة في مجالات التنظير والاهتمام بالصورة والشعر.
وسعت هذه الندوة الى استقصاء، أحد أهم التحديات المطروحة اليوم على الشعر المغربي، من خلال مناقشة وضعية الأرشفة والتوثيق لذاكرة شعرية في أفق رقمنتها اليوم، في ظل الحضور القوي للوسائط التكنولوجية الجديدة. جزء مهم من رهانات صون الذاكرة الشعرية المغربية، وتوفيرها أمام الباحثين وجميع المنشغلين بالمجال الثقافي والاعلامي، الاهتمام بأرشفتها ورقمنتها. 
وتعتبر هذه الندوة محطة مضافة، ضمن مسارات الأسئلة التي تفتحها دار الشعر بمراكش، ابتداء من أسئلة الترجمة والحداثة ومسرحة الشعر. واليوم يتم استقصاء أحد أهم القضايا الإشكالية، في علاقة المنجز الشعري المغربي برهانات التوثيق والرقمنة.
إن علاقة الأرشفة بالتكنولوجيا الحديثة قد سهل من وسائل الوصول الى ذاكرة الشعر المغربي، من خلال دخول التقنيات الرقمية الحديثة. وهو ما يطرح السؤال اليوم، الى أي حد استطاع الشعر المغربي أن يستفيد في السنوات الأخيرة من هذه الرهانات، والتي بإمكانها أن تشكل مكتبة رقمية مفتوحة أمام الباحثين، وتيسر عمليا الولوج إلى المعلومة، وتصبح جزءا من الذاكرة التاريخية للمجتمع المغربي. 
وتقع هذه الندوة ضمن صلب اهتمامات دار الشعر بمراكش، والتي تسعى مستقبلا الى تحويل مكتبتها إلى ذاكرة رقمية للشعر المغربي، بجميع حساسياته وتجاربه ولغاته وألسنه.
من التوثيق الى الرقمنة:
ركز المشاركون على تحديد مصطلحات الندوة، "التوثيق" و"الرقمنة"، وعمليات الانتقال من فعل التوثيق الى الرقمنة، معيدين التأكيد على التباس مفهوم الشعر المغربي. وإذا كان الناقد سفيان الماجدي قد استعاد الاجتهادات التي تمت لتوثيق المنجز الشعري المغربي، من "النبوغ المغربي" لعبدالله كنون انتهاء بكتابات محمد بنيس حول ظاهرة الشعر المغربي المعاصر، فالناقد محمد بالاشهب، وارتباطا بتمرسه في البحث وإشرافه على بحوث الطلبة، قد توقف عند غياب نصوص الشعر المغربي في المقررات التعليمية، و"الجهل" بالتجارب الشعرية المغربية عند العديد من الطلبة المقبلين على الدرس الأكاديمي. ونبه الباحث عبدالغني فنان إلى الضياع الذي قد يكون مس تاريخ الحركة الشعرية المغربية، في غياب إرادة قوية لتوثيق الشعر المغربي، مستعيدا بعض المحطات التاريخية والتي أضاع فيها البحث المغربي فرصة إعادة اللحمة لهذه الذاكرة الشعرية المتقدة.

التوثيق والرقمنة
الانتقال من فعل التوثيق الى الرقمنة

أعاد الناقد محمد بالاشهب التركيز على هذه الثنائية المركزية للندوة، ماذا نوثق؟ ولمن سنوثق؟ منبها لمفارقات المشهد الثقافي المغربي، والذي لا يعطي للشعر مكانته الأساسية والجمالية والرمزية. بينما يرى الناقد سفيان الماجدي أنه تم هناك اجتهادات لافتة، وتم التركيز هنا على وزارة الثقافة وبيت الشعر بالمغرب، الأولى مؤسسة عمومية والمنوط بها الحفاظ على الذاكرة الشعري والإبداعية والثقافية المغربية، والثانية إطار مدني، يختص في الشعر المغربي، وساهم من خلال إصداراته في تسويق التجارب المغربية.
ويذهب الباحث عبدالغني فنان، إلى الإصدارات المغربية، مركزا على المجلات المغربية ودار توبقال، التي ظلت صامدة بحضورها إلى اليوم. واعتبر الباحث فنان أن صدور الانطولولوجيات، لا تمثل في النهاية إلا ذائقة معديها، ولا يمكن أن تكون إلا كذلك، منتقلا إلى أنماط التعاطي اليوم مع عملية التوثيق، في استخدام الصورة مثلا. وانتقالا إلى مفهوم الرقمنة، والذي خلق التباسات ونقاشات مهمة بين المتدخلين، والذين نبهوا إلى القصور البين الذي يعرفه المغرب الثقافي في التعامل مع الوسائط التكنولوجية، في علاقة الأدب والرقمنة.
انتقال الشعر المغربي إلى مجال الرقمنة، هو رهان من رهانات توثيق الذاكرة الشعرية المغربية، والحفاظ عليها. لكن، هذا الرهان مؤجل، بحكم أن عمليات الانتقال يحكمها رابط الانتباه الى ضرورة توظيف هذه الوسائط في النهاية، إلى جعل الديوان والكتاب هو الأفق النهائي. 
انتقل النقاش إلى الحضور، والذي تكون من باحثين طلبة، ليتحدد انتقال الشعر المغربي إلى رهان الرقمنة من ضرورة توثيقه وتجميعه وتحقيقه. الحفاظ على هذه الذاكرة الجمعية، من خلال معرفة رموزها عبر حفريات التاريخ القديم للمغرب الشعري. 
وانتهت الندوة على أمل تحقيق حلم دار الشعر بمراكش، في إنشاء مكتبة رقمية للشعر المغربي، وتيسيرها أمام الباحثين والمنشغلين بالشعر والأدب المغربي.