الصحافة البريطانية تحذر ليفربول من ملاعب الموت في قطر

الرئيس التنفيذي لنادي ليفربول طالب اللجنة العليا التي تنظم بطولة كأس العالم للأندية وكأس العالم 2022 بالتحقيق في وفاة عمال الملاعب في قطر.

لندن - حثت صحيفة ذا غارديان البريطانية قادة الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم على الانضمام إلى المنظمات والفرق التي تكافح من أجل تحسين ظروف العمل أثناء استعدادهم لمباراة كأس العالم للأندية في قطر، حيث شهدت ملاعب يتم تجهيزها لمونديال 2022 حوادث قاتلة بسب الظروف السيئة التي يتعرض لها العمال هناك.
وقالت الصحيفة إنه "عندما سيشاهد مشجعو فريق ليفربول مباريات كأس العالم للأندية الأسبوع المقبل وهم جالسون على مدارج ستاد خليفة الدولي في الدوحة، قد لا يدركوا أن "العشرات من العمال الذين جددوا ذلك المكان كانوا يعملون في ظروف قاتلة وينامون جانب مياه الصرف الصحي ليستنشقوا روائح قذرة".

وتحتضن قطر اعتبارا من اليوم الأربعاء وحتى 21 كانون أول/ديسمبر الجاري بطولة كأس العالم 2019 للأندية، في وقت تطالب فيه منظمات حقوق الإنسان الدولية النظام القطري بإجراء تحقيقات كاملة في حالات وفاة مئات العمال المهاجرين في الإمارة الخليجية الصغيرة بسبب الإجهاد خلال عملهم في منشآت رياضية يتم تجهيزها لمونديال 2022.

وسيشارك نادي ليفربول الإنكليزي في البطولة بصفته بطلا لدوري أبطال أوروبا.

وكتبت ذا غارديان في تقرير نشرته أمس الثلاثاء تحت عنوان "وفيات ملعب قطر: الجانب المظلم لمكان متلألئ يستضيف ليفربول" إنه "لن تكون هناك لافتات إعلانية في ستاد خليفة تشير إلى أن هؤلاء الرجال كانوا يتلقون أجورا زهيدة، وتمت مصادرة جوازات سفرهم ولم يتمكنوا حتى من ترك عملهم ويغادروا البلاد، وهو ما جعل البعض منهم عرضة للعمل القسري وضحايا الرق الحديث"، مشيرة إلى تقارير منظمة العفو الدولية حول الانتهاكات الصارخة لحقوق العمال الأجانب في قطر.

وقالت ذا غارديان إن أقواس الملعب المرتفعة ستمنع جماهير ليفربول من تذكر عامل البناء البريطاني زاك كوكس الذي قضى في يناير 2017 خلال عمله في المنشآت الخاصة ببناء ملاعب ومرافق مونديال 2022 في قطر.

ذا غارديان: ستاد المدينة التعليمية التي أرجئ افتتاحه السبت شاهد على لعبة الموت واللامبالاة في قطر

والسبت، أعلنت اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إرجاء افتتاح ستاد المدينة التعليمية، أحد الملاعب المضيفة لمونديال 2022، ونقل المباريات التي كان من المقرر أن يستضيفها في كأس العالم للأندية، إلى ستاد خليفة الدولي الذي أعيد تأهيله وافتتاحه في 2017، من بينها مباراة ليفربول.

وأوضحت الصحيفة البريطانية أن لستاد المدينة التعليمية الذي يتسع لنحو 40 ألف متفرج، "قصة عن لعبة الموت واللامبالاة على أعلى مستويات"، ففي يونيو الماضي، توفى عامل من نيبال يبلغ من العمر 24 عامًا، بعد أن فقد القدرة على التنفس من أعلى سقالة في الملعب حين كان قيد الإنشاء في ضواحي الدوحة.
وأشارت إلى أنه حتى بعد مرور ستة أشهر من وفاة العامل النيبالي لم تتلق زوجة أي تعويض من قطر، وكشفت للصحيفة أن إدارة الشركة التي كانت تشغل زوجها تقوم بالضغط عليها لقبول دفع 7000 ريال قطري (1460 جنيهًا إسترلينيًا).
وأكدت الصحيفة البريطانية أن قضية العامل النيبالي ليست الوحيدة، إذ توفي ما يقرب من 11 عاملا في ستاد المدينة التعليمية في عام 2018، ومن بين هذه الوفيات، تم تصنيف 10 حالات بأنها "لا علاقة لها بالعمل"، ويرجع معظمها إلى فشل القلب أو الجهاز التنفسي المفاجئ وغير المبرر، بينما لم يتم نشر بيانات عن عدد وفيات عمال الملعب في عام 2019.
وتواصلت ذا غارديان العام الماضي، مع أسر 5 أفراد من العمال الذين سقطوا أثناء العمل في قطر، وقال اثنان منهم إنهم لم يتلقوا أي تعويض من قطر، فيما ذكر الثلاثة الآخرون أنهم حصلوا على تعويضات فقط بعد أن كشفت الصحيفة البريطانية عن قصصهم العام الماضي.
وقال متحدث باسم اللجنة العليا في قطر التي تنظم البطولة وكأس العالم 2022، في بيان إنه في معظم الحالات يتم دفع التعويض فقط عندما يموت العامل في حادث مرتبط بالعمل.

وقالت ذا غارديان إن بيتر مور الرئيس التنفيذي لليفربول، سعى للحصول على تأكيدات من اللجنة العليا في قطر حول التقدم المحرز في التحقيقات في مقتل رجلين كانا يعملان في بناء ملاعب كرة القدم.
وأكدت أن مور أوضح موقف فريقه في رسالة إلى نيكولاس مكجيهان وجيمس لينش، مديري منظمة فير/سكوير لحقوق الإنسان، الذين طلبا منه في نوفمبر/تشرين الثاني التعبير في بيان علني عن قلق الفريق بشأن حقوق العمال ووفياتهم في قطر.

وتحدثت تقارير صحفية بريطانية في وقت سابق عن رفض النادي الإنكليزي عرض الإقامة في فندق فاخر تم حجزه في الدوحة لإقامة لاعبيه وطاقمه خلال فعاليات مونديال الأندية، بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان حصلت فيه، من خلال إجبار العمال على العمل لـ 12 ساعة في ظل حرارة تصل إلى 45 درجة مئوية مقابل 8 جنيهات إسترلينية للساعة الواحدة.

وفي الأشهر الأخيرة تعرضت الدوحة لموجة انتقادات دولية حادة بسبب ظروف العمل والقيود المفروضة على العمالة الأجنبية في قطر ومنها ما يتعلق بقضية الكفيل وحرية الانتقال من موقع عمل إلى آخر ومن مؤسسة إلى أخرى.

وألقت مآسي العمال الأجانب في المنشآت الرياضية التي يجري تشييدها لاحتضان فعاليات مونديال 2022، بظلال قاتمة على وضع قطر كجهة منظمة، شكك كثيرون في قدرتها على الوفاء بتعهداتها في ما يتعلق بتحسين ظروف العمال الأجانب، مشيرين إلى جملة من القوانين التي تعتبر وفق تقديرهم قوانين جائرة.

ولتهدئة المخاوف الدولية من انتهاكات تصفها منظمات حقوقية بأنها جسيمة، أعلنت قطر في أكتوبر الماضي عن إجراءات لإلغاء قواعد كانت تفرضها على بعض العمال الأجانب الحصول على تأشيرات خروج لمغادرة البلاد والموافقة المسبقة قبل تغيير مكان العمل، لكن منظمات دولية قالت إنه تلك القرارات غير كافية.

وأوضحت الصحيفة البريطانية أن عدد عمال بناء الملاعب الذين يموتون كل عام يمثلون مجرد جزء بسيط من إجمالي عدد وفيات العمالة الوافدة في قطر، حيث يعمل أقل من 2 بالمئة من القوى العاملة المهاجرة في ملاعب كأس العالم 2022، بينما يعمل عشرات الآلاف في البنية التحتية ضمن استعدادات المونديال بما في ذلك بناء الفنادق والسكك الحديدية والطرق.

وأظهرت بيانات حكومية في الهند، ونيبال، وبنغلاديش، أرقام صادمة لوفيات من عمالهم في قطر، حيث مات ما لا يقل عن 1025 عاملاً من نيبال بين عامي 2012 و 2017، 676 منهم لأسباب تعتبر "طبيعية".

وفي عام 2018، توفي 149 عاملاً من بنغلاديش مع 107 حالة وفاة تم تصنيفها على أنها "طبيعية"، فيما توفي بين عامي 2012 و أغسطس 2018، 1678 عاملاً هنديا.

وفي أكتوبر الماضي، كشفت ذا غارديان أنه في الغالبية العظمى من الحالات، لا تجري السلطات القطرية فحوصات بعد الوفاة، مما يجعل من المستحيل تحديد سبب الوفاة بدقة.

يذكر أن قطر وضعت نفسها في موقف لا تحسد عليه في أكتوبر الماضي حين استضافت بطولة ألعاب القوى تمهيدا لمونديال 2022، حيث شهدت الفعالية الرياضية الكبيرة انسحابات متتالية للعدائين الدوليين بسبب فشل الدوحة في مواجهة موجة الحر الشديدة وتوفير ظروف ملائمة للرياضيين والمشجعين على حد السواء.