الصدر يدير ظهره للعبادي بسبب احتجاجات البصرة

قائمتا سائرون بزعامة مقتدى الصدر والفتح بزعامة هادي العامري تطالبان رئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته بالاستقالة في أعقاب جلسة برلمانية استثنائية عقدت لمناقشة تصاعد الاحتجاجات والاضطرابات في محافظة البصرة النفطية.

قائمتا سائرون والفتح للعبادي: ارحل وحكومتك
احتجاجات البصرة تعيد رسم خارطة التحالفات السياسية
إيران تطالب العبادي بمحاسبة المسؤولين عن حرق قنصليتها في البصرة
موجة الغضب في البصرة تزداد اتساعا في أسوأ تصعيد اجتماعي بالمحافظة النفطية
الحكومة تتهم مندسين والمحتجون يهاجمون الأحزاب الشيعية الموالية لإيران
قائدان جديدان للجيش والشرطة في البصرة مع تصاعد التوتر

بغداد - طالبت القائمتان الرئيسيتان اللتان فازتا في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار اليوم السبت باستقالة حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي في أعقاب جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة الأزمة القائمة في البصرة.

وقال المتحدث باسم تحالف سائرون الذي يضم التيار الصدري والشيوعيين بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، النائب حسن العاقولي "نطالب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية بتقديم استقالتهم والاعتذار للشعب العراقي".

وقال المتحدث باسم تحالف الفتح بقيادة هادي العامري (زعيم منظمة بدر) النائب أحمد الأسدي إن "التقصير والفشل الواضح في أزمة البصرة كان بإجماع النواب ونطالب باستقالة رئيس الوزراء والوزراء فورا".

وموقف كتلة الفتح البرلمانية المقربة من إيران والمتحالفة مع ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، لا يبدو مستغربا على اعتبار التنافس المحموم مع كتلة النصر بزعامة العبادي لتشكيل الحكومة.

لكن موقف كتلة سائرون بزعامة الصدر يعتبر في خضم أزمة البصرة وفي إطار جهود تشكيل الحكومة موقفا مفاجئا.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي زعيم ائتلاف النصر
احتجاجات البصرة تعيد رسم خارطة التحالفات السياسية

ويشير مطلب قائمة سائرون البرلمانية إلى أنها ربما عدلت بوصلتها نحو تحالف سياسي جديد بعد أن كانت كل المؤشرات والإعلانات الرسمية تشير إلى سعيها لتشكيل تحالف مع ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي.

وعلى ضوء موقف كتلة سائرون يتردد سؤال ملّح حول ما إذا كان الصدر قد أدار ظهره للعبادي وبدأ بالتفكير في التحالف مع كتلة الفتح.

إلا أن هذا الأمر في حدّ ذاته يشكل معضلة سياسية بالنسبة لرجل الدين الشيعي البارز (مقتدى الصدر) الذي يرفض أي تحالف يكون فيه نوري المالكي رجل إيران المخلص في العراق.

كما أن أي تحالف بين سائرون والفتح، سيشكل حرجا للصدر الذي طالما قاد احتجاجات حاشدة على فساد السلطة في عهد نوري المالكي ولاحقا وطالب بمحاسبة الفاسدين في الوقت الذي يعمل فيه على كبح النفوذ الإيراني في بلاده ومحاولة الظهور بوصفه وطنيا وأن ولاءه للعراق فقط.

ويبدو أن الاحتجاجات المتصاعدة في البصرة بدأت ترسم خارطة تحالفات سياسية جديدة في ذروة النقاشات والخلافات حول تشكيل الحكومة الجديدة، حيث كان العبادي يعول على تحالفه السياسي مع ائتلاف "سائرون" الذي يتزعمه الصدر لتشكيل الكتلة الأكبر، وبالتالي تسميته لولاية ثانية.

ودفع تصاعد التوتر في محافظة البصرة (جنوبي البلاد) رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي إلى تعيين قائد جديد للجيش وآخر للشرطة في المدينة المضطربة وإحالة مسؤولين أمنيين وعسكريين مكلفين بحماية القنصلية الإيرانية للتحقيق بعد اقتحامها من قبل محتجين مساء يوم الجمعة وحرقها.

وتأتي هذه التطورات بينما تقف الحكومة المركزية في بغداد عاجزة عن احتواء الغضب الشعبي في المحافظة النفطية التي انتفض أهلها احتجاجا على تردي الخدمات والبطالة واستشراء الفساد والمحسوبية، فيما تخللت المظاهرات أعمال عنف ونهب ومواجهات دامية مع قوات الأمن أسفرت منذ اندلاع الاحتجاجات في مطلع سبتمبر/ايلول عن سقوط 14 قتيلا على الأقل.

وأفاد بيان صادر عن وزارة الدفاع العرقية بأن السلطات فرضت حظر التجول في مدينة البصرة اعتبارا من الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي (1300 بتوقيت غرينتش).

وذكر مصدر عسكري برتبة عميد طلب عدم نشر اسمه أن العبادي عيّن الفريق الركن رشيد فليح قائدا لعمليات البصرة (الجيش)، بدلا من الفريق الركن جميل الشمري واللواء الركن جعفر صدام مديرا عاما للشرطة في المحافظة بدلا من اللواء جاسم السعدي.

وقال مكتب رئيس مجلس الوزراء في بيان في وقت سابق السبت إن العبادي أحال وحدات أمنية مسؤولة عن حماية القنصلية الإيرانية ومؤسسات ب‍البصرة إلى التحقيق لـ"عدم قيامها بواجباتها" على خلفية تعرض القنصلية الإيرانية ومقرات عدد من الأحزاب الشيعية للحرق والاعتداء من قبل محتجين في اليومين الماضيين.

واقتحم محتجون غاضبون مساء الجمعة مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة وأضرموا النار فيها لتحترق بالكامل.

ولاحقا عبّرت وزارة الخارجية العراقية عن "أسفها الشديد" لوقوع الحادث، فيما أعربت طهران عن احتجاجها ومطالبتها بمحاسبة المتورطين.

والخميس أضرم مئات المحتجين الغاضبين النيران في مقرات حكومية ومكاتب أحزاب شيعية بارزة مقربة من إيران على رأسها منظمة بدر بزعامة هادي العامري وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وهي من مكونات قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل شيعية مسلحة موالية لطهران.

وتقول الحكومة العراقية إن مندسين بين المحتجين يعملون على تخريب الممتلكات العامة، وأنها لن تسمح بذلك، فيما يتهم المتظاهرون قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي عليهم بشكل مباشر.

محتج عراقي يدوس صورة علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية بعد حرق قنصلية إيران في البصرة
محتج عراقي يدوس صورة علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية بعد حرق قنصلية إيران في البصرة

ومع تدخل الأمن لمواجهة الاضطرابات المصاحبة للاحتجاجات، قتل 14 شخصا منذ مطلع سبتمبر/أيلول و29 منذ بدئها في يوليو/تموز الماضي، بحسب أحدث حصيلة للمفوضية العليا لحقوق الإنسان (مرتبطة بالبرلمان).

ويطالب المحتجون بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل وينددون بالطبقة السياسية الحاكمة ويتهمونها بالفساد، فيما عكس الغضب المتنامي في البصرة فقدان الثقة في الأحزاب السياسية التي تتنازع على النفوذ وتأمين مصالحها.

وتأتي هذه التطورات، وسط أزمة سياسية في البلاد، حيث تسود خلافات واسعة بين الكتل الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار الماضي، بشأن الكتلة البرلمانية التي ستكلف بتشكيل الحكومة الجديدة.

وعلى ضوء التطورات التي تشهدها البصرة، دعت البحرين رعاياها في العراق إلى المغادرة فورا.

وقالت وزارة الخارجية البحرينية في بيان نقلته الوكالة الرسمية "ندعو كافة المواطنين المتواجدين في الأراضي العراقية إلى ضرورة المغادرة فورا".

وأرجعت ذلك إلى "الظروف والتطورات الراهنة التي تمر بها جمهورية العراق الشقيقة وضمانا لأمنهم وحفاظا على سلامتهم".