الصراع في الشرق الأوسط يلقي بظلاله على منتدى المستثمرين في السعودية

وزير الاستثمار السعودي يؤكد أن المملكة تضررت حتما من الأعمال العدائية في المنطقة.

الرياض - اجتمعت قيادات عالمية من قطاعات الأعمال والتكنولوجيا والخدمات المالية في العاصمة السعودية لحضور قمة مبادرة مستقبل الاستثمار السنوية هذا الأسبوع، فيما أبدى مسؤولون سعوديون أسفهم على الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الصراع الإقليمي، في حين أبلغ صندوق الثروة السيادية للمملكة الخليجية منتدى للمستثمرين أنه سيقلص استثماراته الخارجية.

وللعام الثاني على التوالي، يخيّم الصراع في الشرق الأوسط على المناقشات والاجتماعات الجانبية لمنتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" والذي يشار إليه أحيانا باسم "دافوس في الصحراء".

وانعقد المنتدى العام الماضي بعد أسابيع فقط من هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقد حذر متحدثون رفيعو المستوى خلاله من الاضطرابات الاقتصادية في حال تمدد القتال في دول أخرى.

وبعد مرور عام، تحققت تلك المخاوف، إذ تواصل إسرائيل عملياتها ضد حزب الله في لبنان وتنفذ ضربات انتقامية متبادلة ضد إيران.

ومن المتوقع أن يجذب الحدث الذي يستمر ثلاثة أيام هذا العام أكثر من سبعة آلاف مندوب، بينهم الرئيس التنفيذي لمنصة "تيك توك" شو زي تشيو والرؤساء التنفيذيين لـ"سيتي غروب" و"غولدمان ساكس".

وقال رئيس المصرف الإسلامي للتنمية محمد الجاسر في ندوة الثلاثاء إن منطقة الخليج "نقطة مضيئة في المنطقة" لكن الحروب الدائرة تشكل عبئا على النمو، مضيفا أن "الإمكانات التي كانت تنتظر أن يتم استغلالها تتبخر مع كل هذه الصراعات وهذا المستوى من انعدام اليقين".

وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح اليوم الثلاثاء إن المملكة تضررت حتما من الأعمال العدائية في المنطقة، بما في ذلك الهجمات التي شنها المتمردون الحوثيون في اليمن على السفن في البحر الأحمر.

وأوضح الفالح "نحن مركز الشرق الأوسط. ونحن نشعر بالألم الذي يحدث على المستوى الإنساني ونرى الاضطرابات في البحر الأحمر".

وأطلقت "مبادرة مستقبل الاستثمار" في العام 2017 كنافذة على العالم لأكبر مصدّر للنفط في العالم، فيما يحاول تنويع اقتصاده بعيدا عن الذهب الأسود تحت قيادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي حين امتنع معظم المتحدثين عن توجيه رسائل سياسية صريحة، استغل الخبير الاقتصادي الأميركي جيفري ساكس فرصة التحدث لإصدار نداء قوي لإقامة دولة فلسطينية.

وقال "لماذا هناك حرب في غزة ولبنان وربما تمتد إلى إيران وإلى أبعد من ذلك في هذه المنطقة؟ لأنه من الواضح أنه لا توجد دولة فلسطينية. لأن إسرائيل تمنعها، والولايات المتحدة تمنعها، وإلى أن يحدث ذلك، فلن يكون هناك سلام في المنطقة".

وكان الرئيس التنفيذي لمعهد "مبادرة مستقبل الاستثمار" ريتشارد أتياس قال في مؤتمر صحافي في الرياض الشهر الحالي إن التجمع لا يهدف إلى التركيز على "السياسة" ويجب أن يتناول بدلا من ذلك الاستثمارات الكبيرة "لبناء عالم أفضل".

وأوضح أتياس، المنتج السابق للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا "نحن منصة مستقلة ولا نريد أن نكون، سامحوني على هذه الكلمة، ملوثين بأي أحداث سياسية. أقوم بتنظيم الأحداث منذ 35 عاما، وتعلمت شيئا واحدا: يجب أن يستمر العرض".

وتعتبر الفعالية فرصة للحاضرين لتكوين علاقات مع عدد من أكبر الشركات في السعودية وصندوق الثروة السيادي بها الذي يبلغ حجمه 925 مليار دولار. ويأتي ذلك في وقت تسود فيه مخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وقبل أسبوع واحد فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وقال ديفيد سولومون الرئيس التنفيذي لجولدمان ساكس "من الصعب التفكير في السياسة النقدية في 2025 بالولايات المتحدة حتى تمضي الانتخابات ونحصل على مؤشر أكثر وضوحا على التحركات على صعيد السياسية".

وأضاف "التضخم الناجم عن قصور في الاقتصاد متعمق في الاقتصاد العالمي بشكل أكبر مما يقال في الوقت الراهن. هذا لا يعني أنه سيعاود الظهور بشكل سيء، لكن أعتقد أن هناك احتمالا، اعتمادا على الإجراءات السياسية المتخذة، أن تكون هناك معوقات أكثر مما هو عليه الإجماع في السوق حاليا"، متابعا "نحن في فترة تعافٍ وتوقعاتي هي أن تشهد أسواق رأس المال نشاطا أكثر قوة في 2025 و2026". 

وقال لاري فينك الرئيس التنفيذي لبلاك روك إن "دليل" سياسات البنوك المركزية يحتاج إلى إعادة نظر لأن التحول إلى أسعار الفائدة المرتفعة لإبطاء الاقتصاد كان أثره أكبر وطأة مما كان مرجوا منه مع تقدم أعمار السكان وبسبب التغيرات في سوق الإسكان، مضيفا "أعتقد أن لدينا تضخما في العالم أكبر عمقا مما رأيناه على الإطلاق".

وصرح كين جريفين المؤسس والرئيس التنفيذي لسيتاديل بأن "الأسواق تتوقع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية المقبلة، لكن النتيجة لا تزال أشبه برهان ملك أو كتابة".

وأضاف "نحن الآن في تلك اللحظة التي تبلغ فيه الضبابية ذروتها"، لكنه توقع تحسنا في الإقبال على المخاطرة بالأسواق بغض النظر عن النتيجة.

وقالت روث بورات الرئيسة ومديرة الاستثمار في ألفابت وغوغل إن شركة التكنولوجيا العملاقة متحمسة حيال آفاق المركبات ذاتية القيادة، مضيفة أن التكنولوجيا يمكن أن تساعد في تعزيز السلامة على الطرق. وذكرت "إذا كنت تريد إنقاذ الأرواح، يجب أن نتبنى القيادة الذاتية".

وقال ستيفن شوارزمان الرئيس التنفيذي لبلاكستون إن الاتصالات بين الولايات المتحدة والصين "عادت إلى طبيعتها إلى حد ما" بعد أن تعثرت قبل نحو عامين، وهو ما كان يشي "بآفاق مخيفة للغاية"، مضيفا "عتقد أن البلدين ممتنان في الأساس لأن التدهور في العلاقات توقف".

واعتبر إريك شميت الرئيس التنفيذي السابق لغوغل أن تعريف الحرب النمطي حاليا هو أنها: رجل وبندقية وإطلاق نار ورجل آخر وإطلاق نار ومحاولة قتل بعضهما البعض... إذا كنت عالما في مجال الحاسوب، فهذا لا معنى له على الإطلاق... يجب أن تكون الأسلحة آلية... وأن يكون هناك أناس يشربون القهوة في مكان آخر".

وتابع "إذا كنت من المتخصصين في قطاع الروبوتات، فإن أسرع طريق إلى الروبوتات هو في الواقع الحرب بالطائرات المسيرة... يؤسفني أن أقول ذلك... هناك تبعات هائلة لدخول الطائرات المسيرة الحروب"، مضيفا "وجهة نظري هي أن الحرب بطائرات مسيرة ستوقف إلى حد كبير الحروب البرية، ولن يختفي الصراع. سوف يحدث في مجالات أخرى".