الضربة الأميركية لإيران تقترب أكثر من أي وقت مضى

تقارير إعلامية أميركية تؤكد أن ترامب وافق 'سراً' على تدخل واشنطن في الصراع مع احتدام الهجمات المتبادلة بين طهران وتل أبيب.
نتنياهو وكاتس يهددان خامنئي بدفع ثمن استهداف مستشفى في جنوب البلاد

طهران/القدس - شنّت إسرائيل هجمات على إيران لليلة السابعة على التوالي الخميس في حين لم يستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إمكان دخول الولايات المتحدة الحرب للقضاء على البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية وسط حديث لوسائل اعلام على أن الإدارة الأميركية أقرت الضربة في انتظار التنفيذ.
ولدى سؤاله عمّا إذا قرر توجيه ضربات أميركية إلى إيران، أشار ترامب إلى أنه لا يسعى للقتال، لكنه أضاف "إذا كان الخيار هو القتال أو حيازتهم قنبلة نووية، يجب أن أفعل ما يلزم. وربما لا نحتاج إلى القتال". وسيتم إطلاعه على مستجدات الحرب الخميس، وهو يوم عطلة رسمية في الولايات المتحدة، في غرفة العمليات حيث تُتخذ أكثر القرارات العسكرية حساسية.
وقبل ذلك ذكرت تقارير إعلامية أميركية، أن الرئيس وافق "سراً" على تدخل الولايات المتحدة في الصراع الذي بدأ بهجمات إسرائيلية على إيران.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، مساء الأربعاء، عن مصادر مطلعة أن ترامب "أعطى الضوء الأخضر لخطط الولايات المتحدة لمهاجمة إيران".
وقالت المصادر أن الرئيس الجمهوري وافق "سرا" على خطط أميركية لمهاجمة إيران، في اجتماع عقد في وقت متأخر من يوم الثلاثاء لكنه أرجأ إصدار الأمر النهائي لمعرفة ما إذا كانت طهران ستتخلى عن برنامجها النووي أم لا.
وأشارت إلى أن منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض في إيران ستكون واحدة من الأهداف الأولى المحتملة للولايات المتحدة.
وردا على تصريحات ترامب الذي دعا إيران في اليوم السابق إلى "استسلام غير مشروط"، أكّد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الأربعاء أن بلاده "لن تستسلم أبدا".
وميدانيا، تتواصل المواجهة العسكرية مع انطلاق صافرات الإنذار في إسرائيل صباح الخميس مع إطلاق إيران دفعة جديدة من الصواريخ باتجاه الدولة العبرية. وسمع بعد ذلك دوي انفجارات قوية في تل أبيب والقدس.
وأصيب ما لا يقل عن 32 شخصا بجروح في الضربات الصاروخية الإيرانية، بحسب أجهزة الإسعاف الإسرائيلية.
وفي بيان قال متحدث باسم جهاز نجمة داود الحمراء أن الفرق الطبية "تقدم العلاج الطبي وتجلي شخصين إلى المستشفى، وهما بحالة خطرة فضلا عن 30 شخصا إصابتهم طفيفة". وأوضح أن فرق إسعاف إضافية "تعالج مصابين عدة في مواقع مختلفة". وكان مصدر عسكري إسرائيلي أفاد أن "عشرات الصواريخ البالستية" أطلقت خلال الهجوم الإيراني استهدفت مستشفى ومقرا للبوصة.
ووصفت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارين هاسكل الهجوم على مستشفى سوروكا في جنوب إسرائيل بأنه "متعمد" و"إجرامي" عقب هجمات صاروخية إيرانية صباح الخميس.
وكتبت على موقع اكس "ضربت إيران للتو مستشفى سوروكا في بئر السبع بصاروخ باليستي. هذه ليست قاعدة عسكرية، بل مستشفى. هذا هو المركز الطبي الرئيسي لمنطقة النقب في إسرائيل بأكملها. متعمد. إجرامي. هدف مدني. على العالم أن يتحرك".

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس إن إيران "ستدفع ثمنا باهظا" بعدما أصاب صاروخ مستشفى سوروكا في جنوب إسرائيل.
وقال نتانياهو في منشور على اكس "هذا الصباح، أطلق الطغاة الإرهابيون الإيرانيون صواريخ على مستشفى سوروكا في بئر السبع وعلى مدنيين في وسط البلاد. سنجعل الطغاة في طهران يدفعون ثمنا باهظا".
وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الخميس بأن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي "سيتحمل المسؤولية" بعد الهجوم الصاروخي الذي أصاب مستشفى في جنوب الدولة العبرية، مؤكدا انه أوعز بـ"تكثيف الضربات" على إيران.
وقال كاتس في بيان "هذه بعض من أخطر جرائم الحرب، وخامنئي سيتحمل المسؤولية عن أفعاله". وأضاف "أمرنا (رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وأنا) الجيش بتكثيف الضربات ضد الأهداف الاستراتيجية في إيران وضد البنية التحتية للطاقة في طهران من أجل القضاء على التهديدات ضد دولة إسرائيل وهزيمة" النظام الإيراني.
ويواصل الجيش الإسرائيلي هجومه على إيران وأعلن الخميس "سلسلة جديدة من الضربات على طهران ومناطق أخرى في إيران". وقد طلب من سكان قريتي أراك وخنداب الإيرانيتين الواقعتين قرب منشآت نووية، إلى الإخلاء معلنا ضربات وشيكة.
كما أعلن الخميس انه ضرب مجددا منشأة نطنز النووية فضلا عن "مفاعل نووي متوقف" في أراك خلال ضربات ليلية.

الجيش الاسرائيلي قصف نطنز مجددا
الجيش الاسرائيلي قصف نطنز مجددا

وأوضح أن سلاح الجو "ضرب موقع لتطوير أسلحة نووية في منطقة نطنز" مضيفا أن "المفاعل النووي المتوقف في اراك في إيران استهدف" أيضا.
من جهتها، أشارت وكالة أنباء مهر الإيرانية إلى تفعيل الدفاعات الجوية في وسط طهران.
وباشرت إسرائيل هجوما غير مسبوق على عدوتها إيران في 13 حزيران/يونيو، مؤكدة امتلاك معلومات استخباراتية تفيد بأن البرنامج النووي الإيراني شارف "نقطة اللاعودة".
ومنذ بداية المواجهة غير المسبوقة بين البلدين العدوين، أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل 224 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من ألف آخرين في إيران، وفقا لحصيلة رسمية.
وفي إسرائيل، أسفرت الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية عن مقتل 24 شخصا على الأقل، بحسب الحكومة.
وقال ترامب إن القادة الإيرانيين تواصلوا مع الولايات المتحدة من أجل التفاوض، مؤكّدا أنهم "عرضوا المجيء إلى البيت الأبيض".
لكن إيران سارعت إلى النفي. وجاء في منشور لبعثة إيران لدى الأمم المتحدة على إكس "لم يطلب أي مسؤول إيراني إطلاقا التذلل عند بوابات البيت الأبيض".
وتعد الولايات المتحدة التي نشرت حاملة طائرات ثالثة في المنطقة، الدولة الوحيدة التي تملك قنبلة "جي بي يو-57" القادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية الموجودة في عمق الأرض، في فوردو.
وقال ترامب في تصريح لصحافيين حول تدخل محتمل في الحرب "قد أفعل ذلك وقد لا أفعل".
والأربعاء حذّر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قائلا "على الأميركيين أن يعلموا أن أي تدخل عسكري من جانبهم سوف يسبب بالتأكيد أضرارا لا يمكن إصلاحها".
في الأثناء، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أي "تدخل عسكري إضافي" في النزاع بين إيران واسرائيل، لأن "تداعياته ستكون هائلة" على المنطقة برمتها.
وفي طهران سُمع الأربعاء دوي انفجارات قوية وشوهدت أعمدة دخان تتصاعد من مواقع عدة. وأعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس أن سلاح الجو دمر "المقر العام للأمن الداخلي" الايراني.
من جهتها، أعلنت طهران إطلاق صواريخ فرط صوتية على إسرائيل من نوع فتاح، على غرار ما فعلت ليل الثلاثاء.
ومنذ بدء عملية "الأسد الصاعد"، أطلقت إيران "نحو 400 صاروخ بالستي" على إسرائيل، أصاب 20 منها مناطق مدنية، وألف مسيّرة، وفق أرقام أعلنها مسؤول عسكري مساء الأربعاء.
وشدّدت السلطات الإيرانية الأربعاء القيود المفروضة على الإنترنت، متهمة إسرائيل بـ"استغلال" الشبكة لأغراض عسكرية".
ومنذ شنّت هجومها في 13 حزيران/يونيو، استهدفت إسرائيل مئات المواقع العسكرية والنووية، وقتلت مسؤولين عسكريين كبارا وعلماء نوويين. كذلك، أكّد ترامب أنه قادر على قتل المرشد الأعلى الإيراني.
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليقا على المواجهة الإسرائيلية الإيرانية في لقاء مع صحافيين أجانب "نرى اليوم أن في إيران... تعزيزا للدعم الشعبي للقيادة السياسية للبلاد" مؤكدا أن "أصدقاءه الإيرانيين لم يطلبوا" مساعدة عسكرية من موسكو.
وعرض بوتين وساطة بلاده الجمعة، في اليوم الأول من المواجهة بين إسرائيل وإيران. وكرّر الكرملين هذا العرض الأربعاء، لكن الاتحاد الأوروبي استقبل الاقتراح بفتور معتبرا أن روسيا "لا تستطيع أن تكون وسيطا موضوعيا".
كذلك، غيّر الرئيس الأميركي الذي قال في البداية إنه "منفتح" على اقتراح مماثل، نبرته الأربعاء.
وصرح لصحافيين في البيت الابيض "لقد عرض القيام بوساطة، فطلبت منه أن يسدي لي خدمة ويقوم بوساطة لنفسه. فلنهتم أولا بواسطة من أجل روسيا"، وأضاف مخاطبا بوتين "يمكنك أن تهتم بذلك (النزاع في الشرق الاوسط) لاحقا".
وتتّهم إيران التي تنفي سعيها لصنع أسلحة نووية، إسرائيل بمحاولة نسف المفاوضات النووية التي بدأت بين طهران وواشنطن.
في طهران أغلقت متاجر كثيرة أبوابها منذ بدء الجرب وتشكلت طوابير طويلة أمام محطات توزيع الوقود.
وعند الحدود مع العراق، قال سائق شاحنة يبلغ 40 عاما تحدث تحت اسم مستعار هو فتّاح، إن هناك "نقصا في المواد الغذائية، مثل الأرز والخبز والسكر والشاي"، مشيرا إلى ازدحام في محطات الوقود وارتفاع الأسعار.