الطرود المتفجرة تشيع الخوف والتوتر السياسي في أميركا

كل الطرود المشبوهة أرسلت إلى شخصيات معارضة للرئيس الأميركي الذي بات يواجه اتهامات متزايدة بتأجيج العنف، فيما تأتي تلك الهجمات قبيل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس والتي تشكل بدورها بوصلة للانتخابات الرئاسية القادمة.

كل الطرود المفخخة التي أرسلت لمعارضي ترامب متشابهة
الرئيس الأميركي يدعو للوحدة ويهاجم الإعلام
الخوف يخيم على الولايات المتحدة قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس

نيويورك - بعد التوتر الذي ساد على اثر إرسال قنابل يدوية الصنع إلى معارضين لدونالد ترامب، استؤنفت الحركة السياسية بقوة إذ دعا الرئيس الأميركي إلى الاتحاد وحمّل وسائل الإعلام "مسؤولية تدهور الأجواء بينما اتهمه الديمقراطيون بتأجيج العنف.

وقال ترامب إن "أي عمل أو تهديد بعنف سياسي" يشكل "هجوما على ديمقراطيتنا بحد ذاتها"، داعيا في تجمع انتخابي في ولاية ويسكونسين (شمال) وسائل الإعلام إلى "الكف عن الأعمال العدائية التي لا تتوقف والهجمات السلبية والخاطئة في أغلب الأحيان".

وقبل ساعات، أعلن أن ستة طرود مشبوهة أرسلت في مناطق تمتد من نيويورك إلى فلوريدا إلى جانب إنذار كاذب في كاليفورنيا، ما أشاع أجواء من الخوف.

ولم يسجل سقوط ضحايا لكن أجهزة الشرطة المحلية ومكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) وضعت في حالة تأهب.

وأدان كل من رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو وحاكم الولاية اندرو كومو هذه الحادثة معتبرين أنها تدل على "رغبة في الترهيب".

وفي أول رد فعل، قال دونالد ترامب في البيت الأبيض "في مثل هذه اللحظات، علينا أن نتحد"، مضيفا أن "الحكومة الاتحادية تجري تحقيقا متقدما وسنجد المسؤولين ونقدمهم إلى القضاء. آمل أن يتم ذلك بسرعة".

وقال قائد شرطة نيويورك إنه واثق من أنه سيتم الكشف عن المذنب أو المذنبين "في الأيام المقبلة".

وفي أحدث الهجمات بالطرود المتفجرة، أرسل طرد مشبوه إلى نائب الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن وذلك بعدما تلقى عدد من معارضي الرئيس الأميركي طرودا مماثلة كما أفادت وسائل إعلام أميركية الخميس.

وذكرت شبكة ان بي سي أن الطرد مماثل لتلك التي أرسلت إلى عدة شخصيات ديمقراطية وشبكة سي ان ان يوم الأربعاء.

ويجري التداول باسم بايدن الذي كان نائبا للرئيس باراك أوباما بانتظام كمرشح ديمقراطي محتمل للانتخابات الرئاسية عام 2020.

وبدأت القضية صباح الأربعاء عندما أعلن المكتب الاتحادي المكلف بحماية الرؤساء السابقين أنه ضبط طردين يحويان "ما قد يكون عبوات ناسفة" مرسلان إلى وزيرة الخارجية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون التي تقيم في ضاحية نيويورك والرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما في واشنطن.

وتم ضبط الطرد المرسل إلى كلينتون التي هزمت في الانتخابات الرئاسية أمام ترامب في 2016 وينتقدها الرئيس باستمرار، مساء الثلاثاء.

 أما الطرد الذي أرسل إلى باراك أوباما فقط تم اعتراضه صباح الأربعاء، حسب المكتب السري. ولم يصل أي من الطرود إلى وجهته.

وبعيد ذلك، قامت شبكة التلفزيون للأخبار المتواصلة "سي ان ان" التي يدينها ترامب باستمرار أيضا ويتهمها بانتقاد رئاسته بشكل منهجي، بإخلاء مكاتبها في نيويورك بعد العثور على طرد مشبوه.

وصرح قائد شرطة نيويورك إن الطرد يحوي عبوة "ناسفة على ما يبدو" و"مسحوقا أبيض" يجري تحليله.

وكان الطرد مرسلا إلى جون برينان المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) والذي يدلي بتعليقات على "سي ان ان" ينتقد فيها ترامب بشدة. وكان الأخير قد قرر معاقبته في اغسطس/اب وسحب منه تصريحه الأمني.

الطرود المتفجرة استهدفت في معظمها شخصيات ديمقراطية ومعارضة لترامب
الطرود المتفجرة استهدفت في معظمها شخصيات ديمقراطية ومعارضة لترامب

وقالت الشرطة الفدرالية بعد ذلك إنها عثرت على طرد مشبوه بالقرب من البرلمانية ديبي واسرمان شولتز الرئيسة السابقة للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي.

واستهدفت طرود مشبوهة مماثلة شخصيتين ديمقراطيتين أخريين على الأقل من السود هما ايريك هولدر وزير العدل في عهد أوباما والنائبة الكاليفورنية ماكسين ووترز.

وأعلن مكتب التحقيقات الفدرالي مساء الأربعاء أن طردين آخرين "شكلهما مشابه" للطرود الأخرى، أرسلا إلى ووترز ما يرفع عدد هذه لطرود إلى سبعة، بينما لم تتبن أي جهة إرسال تلك الطرود.

وكان قد عثر على عبوة ناسفة الاثنين في علب رسائل منزل الملياردير جورج سوروس في نيويورك. وسوروس ديمقراطي تحول إلى هدف للقوميين الأميركيين والأوروبيين.

ولم يعلن عن توقيف أي شخص، لكن مكتب التحقيقات الفدرالي أكد أن الطرود الخمسة الصغيرة التي أرسلت إلى سوروس وكلينتون وأوباما وهولدر وبرينان "متشابهة" وتحمل عددا من الطوابع ومصدرها عنوان واحد هو عنوان واسرمان شولتز.

وأدانت عدة شخصيات الاستقطاب في الحياة السياسية الأميركية منذ انتخاب دونالد ترامب الذي ذهب أبعد من اللازم.

وقالت هيلاري كلينتون من فلوريدا "إنها مرحلة من الانقسامات العميقة وعلينا أن نفعل ما بوسعنا لنتحد".

أما رئيس بلدية نيويورك الديمقراطي فقد قال"نمر بفترة يشعر فيها الناس بوجود كراهية كبيرة في الجو".

وعلى الرغم من دعوات ترامب إلى الاتحاد والإدانات التي عبر عنها العديد من المسؤولين الجمهوريين للعنف، اتهم رئيسا الكتلتين الديمقراطيتين في مجلسي الكونغرس الرئيس بغض النظر عن العنف.

وكتب السناتور تشاك شومر زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ونانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب في بيان "الرئيس تغاضى باستمرار عن عنف جسدي وبث الفرقة بين الأميركيين بأقواله وأفعاله".

وأضافا أن دعوة ترامب إلى الاتحاد "لن تلقى صدى ما لم يتراجع عن تصريحاته التي يتغاضى فيها عن أعمال العنف". وأشارا إلى أن الرئيس الأميركي يصف "الصحافة الحرة بعدوة الشعب".

واتهم رئيس مجلس إدارة شبكة سي ان ان جيف زاكر البيت الأبيض "بعدم تفهم كامل لخطورة هجماته على وسائل الإعلام".

وتشهد الولايات المتحدة حاليا حملة للانتخابات التشريعية التي ستجرى في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني لا تبدو نتيجتها حاسمة للولاية الرئاسية لترامب.

وشكلت الهجرة القضية الرئيسية في الحملة التي هيمنت عليها مسيرة آلاف المهاجرين من هندوراس باتجاه الحدود المكسيكية الأميركية.

وتعهد ترامب الذي يشارك في تجمعات انتخابية في البلاد بوقف هؤلاء. واتهم الديمقراطيين بأنهم يشجعون هؤلاء المهاجرين بينما اتهمت شخصيات محافظة سوروس بدعمهم ماليا بدون تقديم أي دليل.