الطلبة الجزائريون يعودون للتظاهر ضد رموز بوتفليقة

الطلبة يجددون رفضهم لمواصلة رموز نظام بوتفليقة إدارة شؤون البلاد ونقابة أساتذة الجامعات تعبر عن تخوفها من سنة بيضاء في ظل استمرار مقاطعة الطلبة للدراسة منذ مارس الماضي.

الجزائر - خرج آلاف الطلبة الجزائريين، اليوم الثلاثاء، في مسيرات مناهضة لرموز نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة بالعاصمة وعدة مدن ورفضا لأي حوار معهم.

وانطلقت مسيرة من ساحة الشهداء بالعاصمة على غير العادة شارك فيها ما يزيد عن ألف طالب، في أول ثلاثاء بعد عيد الفطر.

وتوجهت المسيرة صوب ساحة البريد المركزي عبر شارع العربي بن مهيدي وسط حضور لافت لقوات الشرطة التي عززت تواجدها بالشوارع والطرقات المجاورة.

ولاحقا، نظم طلبة وأساتذة ومواطنون مسيرة ثانية انطلاقا من الجامعة المركزية الحكومية بالعاصمة؛ حيث توجهت صوب ساحة البريد المركزي؛ حيث التقى الجمعان، في مسيرة واحدة قارب عدد المشاركين فيها نحو 10 آلاف، حسب تقديرات للطلبة.

وهتف الطلبة المحتجون ضد رموز نظام بوتفليقة التي ما زالت تدير شؤون الحكم، وخصوصا الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، ورئيس الوزراء نورالدين بدوي، وأعضاء حكومته لتصريف الأعمال.

كما ردد الطلبة هتافات رافضة لأي حوار يكون بن صالح وبدوي مشرفين عليه، على غرار "بن صالح..بدوي ديغاج" ومعناها "إرحلا".

ورفعت أيضا لافتات تطالب بسجن كافة المتورطين في قضايا الفساد من السياسيين ورجال الأعمال.

ومنذ استقالة بوتفليقة تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة، أودع شقيقه سعيد بوتفليقة رفقة رئيسي جهاز المخابرات السابقين محمد مدين، وبشير طرطاق السجن بتهم "التأمر على الدولة والجيش" كما تم الاحتفاظ بعدد من كبار الأثرياء ومن رجال الأعمال الجزائريين النافذين، رهن الحبس المؤقت.

ويجري القضاء الجزائري حاليا تحقيقاً في إطار تهم بالفساد وتبييض الأموال بحق 45 شخصاً بينهم مسؤولون كبار في الدولة متورطون في قضية رجل الأعمال محي الدين طحكوت، وفق ما أفادت نيابة الجزائر العاصمة الثلاثاء.

وأمس الاثنين أكد أحد محامي طحكوت، خالد بورايو، أن "محيي الدين طحكوت وابنه واثنين من أشقائه" وضعوا "رهن الحبس المؤقت" موضحاً أن الأمر يتعلق بتهم بالفساد وتبييض الأموال.

ومن بين 56 شخصاً استمع إلى أقوالهم وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي محمد منذ الأحد الماضي في إطار هذه القضية، يشمل التحقيق القضائي 45 شخصا قرر قاضي التحقيق المخطر بملف القضية "وضع 19 متهما رهن الحبس المؤقت و7 متهمين تحت نظام الرقابة القضائية و19 متهما في الإفراج" وفق بيان النائب العام.

وقال المصدر نفسه إن "الأشخاص الذين تمت متابعتهم جزائيا هم طحكوت محي الدين وابنه وأخوان له إلى جانب 38 موظفاً لدى مختلف الإدارات العمومية والمصالح الوزارية و3 عمال تابعون لمؤسسات طحكوت".

واستمع إلى أقوال 11 شخصاً آخرين بينهم رئيس وزراء سابق ووزيران سابقان ووزير حالي وخمسة ولاة سابقين وواليان حاليان، وفق المصدر الذي لم يذكر أسماء.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الإثنين أنه تم الاستماع إلى أقوال رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى.

وقال البيان إنه نظراً للوظائف التي كان يشغلها هؤلاء "بتاريخ الوقائع تم إرسال الشق من الملف الخاص بهم إلى النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر لاتخاذ ما يراه مناسبا في شأنهم".

وتتمثل التهم الموجهة للمتهمين الخمسة والأربعين في تبييض الأموال وتحويل الممتلكات الناتجة عن عائدات إجرامية لجرائم الفساد بغرض إخفاء وتمويه مصدرها غير المشروع في إطار جماعة إجرامية وتحريض موظفين عموميين على استغلال نفوذهم الفعلي والمفترض بهدف الحصول على مزية غير مستحقة وكذا الاستفادة من سلطة وتأثير أعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية الخاضعة للقانون العام والمؤسسات العمومية والاقتصادية".

ويخشى مراقبون أن يكون الهدف من حملة المحاكمات والاعتقالات تقديم "قرابين" للحركة الاحتجاجية لكسب ودها، وفي الوقت نفسه "اجتثاث" رموز النظام السابق في إطار "صراع بين العُصب" داخل السلطة.

لكن الطلبة تعهدوا بمواصلة المسيرات كل ثلاثاء ورددوا "ماناش حابسين كل ثلاثاء خارجين"، أي "لن نتوقف وسنخرج للتظاهر كل يوم ثلاثاء".

وأغلقت الشرطة الجزائرية ساحة البريد المركزي بركن مركباتها وانتشار لعناصرها وكذلك الشأن للنفق الجامعي المعروف شعبيا بـ"غار حراك"، وكذلك شارع محمد الخامس المؤدي من وسط المدينة نحو مبنى قصر الرئاسة.

وإلى غاية منتصف النهار بالتوقيت المحلي لم تتدخل الشرطة لمنع أو تفريق المتظاهرين واكتفت بالمراقبة والانتشار المكثف لعناصرها.

ونشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات لمسيرة شارك فيها طلبة وأساتذة جامعة بجاية الحكومية (منطقة القبائل)، مرددين شعارات تطالب بتغيير لا النظام.

وهتف المتظاهرون بـ"صامدون وللنظام رافضون وبالتغيير مطالبون".

كما خرج آلاف الطلبة في مسيرة بجامعة قسنطينة (شرق) الحكومية ثالث كبرى مدن البلاد عبروا فيها عن رفضهم القطاع لكافة رموز نظام بوتفليقة.

والاثنين، أعلن مسؤول حكومي جزائري تمديد العام الجامعي لنحو شهر، لاستكمال تقديم الدروس المتأخرة بسبب الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

وذكر جمال بوكزاطة مدير التكوين العالي بوزارة الجامعات، للإذاعة الحكومية، أنه "يمكن لمؤسسات التعليم العالي (الجامعات) التي عرفت تأخرا في تقديم الدروس تمديد السنة الجامعية حتى 31 يوليو/تموز 2019 كحد أقصى".

وأوضح أن التمديد ضمان لاستدراك الدروس الضائعة، والتي قدرت بثمانية أسابيع.

وتنطلق السنة الجامعية بالجزائر في سبتمبر/أيلول من كل عام، وتنتهي مطلع يوليو/تموز من العام الذي يليه.

وتحولت مسيرات طلبة وأساتذة الجامعات إلى موعد احتجاج أسبوعي كل يوم ثلاثاء بالعاصمة ومدن عدة، وذلك منذ بداية الحراك الشعبي في الجزائر 22 فبراير/شباط الماضي، الذي أطاح ببوتفليقة، في 2 أبريل/نيسان الماضي.

وعبرت نقابة أساتذة الجامعات عن تخوفها من سنة بيضاء (بدون دراسة) في ظل استمرار مقاطعة الطلبة للدراسة منذ مارس/ آذار الماضي في العديد من الجامعات، وإصرارهم على رحيل رموز النظام.

وتوجد بالجزائر 106 جامعات كلها حكومية نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018، وفق بيانات رسمية، منتشرة عبر محافظات البلاد الـ 48.

وتضم الجامعات الجزائرية نحو 1.5 مليون طالب، و60 ألف أستاذ جامعي.