الطيب زيود يلون 'الموزاييك' بجمال جربة
يواصل الفنان الحرفي المبتكر ابن جربة الطيب زيود متابعة معرضه ضمن جناح الموزاييك بقصر المعارض بالكرم في سياق فعاليات صالون الابتكار للصناعات التقليدية والمنتظم في الفترة بين 10 و19 مارس/آذار 2023.
وتعرض أعمال الفنان التشكيلي الطيب زيود منذ الافتتاح يوم الجمعة 10 مارس/آذار بالقاعة عدد 1 الجناح عدد 1601، وذلك إلى جانب عديد المشاركين من الحرفيين.
وقد سبق له وأن قدم عددا من الأعمال الفنية في معارض خاصة وجماعية، ومن نشاطه مؤخرا ضمن مهرجان إضاءات اللوتس الشعري بحومة السوق من جربة، حيث تضمن البرنامج قراءات شعرية وجولات في أرجاء جربة السياحية والتراثية ومنها بحي الرياض حيث الأعمال الفنية المبثوثة في كل زاوية ومكان ومنها اللوحة الفسيفسائية المميز عن الشاعر محمود درويش وهي من إنجاز الفنان ابن الجزيرة الطيب زيود الذي رافق الشعراء في المتن والهامش.
وتتنوع أعمال زيود في سياق تجربته الفنية المفتوحة، ففي هذا الإطار نجد عددا من اللوحات الفنية المنجزة وفق تلوينات الجمال وتقنيات الفسيفساء التي اشتغل عليها الفنان ابن جزيرة جربة ومن سنوات.
ومن هذه الأعمال عناوين شتى هي "المخاض" و"الصراع" و"افتخار" و"البسكري" و"متاهات" و"الصرخة" وغيرها.
في اشتغالات الفنان والمكون الحرفي الطيب زيود سياق هو "مجاز وذاكرة" يبرز من خلاله صاحبه هذه الأعمال التي تضم الجديد بينها في إطار العمل والتجربة الفنية مع الحرص على التجدد والابتكار للمواءمة بين ما هو تشكيلي ومقتضيات الخصوصية الفنية للموزاييك وكسرا لنمطية هذا الفن الذي جعله البعض محدودا وخاصا بالأساطير والتاريخ والأحداث الرومانية وغير ذلك.
الطيب زيود فنان وحرفي بعين تواقة للإبداع وعقل يمضي مع التجديد وروح حالمة، كل ذلك في إطار الوعي الفني بالخصائص التقنية لهذا الفن.. فن الفسيفساء من جربة الأعماق.. قادته شؤون الحرفة وشجونها إلى عوالم الفن الفسيفسائي يزخرف ويزين مساحات عمله الفني وفق تصاميم متعددة ومواضيع بين المشاهد والتقاليد وغيرها من الأجواء الجربية.
عمل لسنوات جاهدا وباحثا عن آفاق جديدة لعمله الفني، فبدت في أطوار منه رغبات البحث عن التجديد والقطع مع الصورة النمطية لفن الفسيفساء بما يحيل إليه من تناول مأخوذ بالتاريخ والتراث وما هو قديم من أزمنة وعصور غابرة.
في أعماله الفسيفسائية جانب فني بين الزخرفة والتجريد عموما وهو ما يستدعي قراءات متعددة وتقبل جمالي مختلف وقد عمل الفنان الطيب زيود على أن تكون أعماله قابلة لوضعيات شتى منها اللوحات والجداريات والديكور وتجميل الفضاءات، غايته في ذلك استعادة الفن الفسيفسائي بروحه الجمالية في هامش التقبل الجمالي للناس عامة ومنهم أحباء الفنون.
اشتغل على العديد من المشاريع في التزيين والتزويق لأفراد ومؤسسات من خلال إبداء قدرات فنية في التعاطي الإبداعي مع الموزاييك وفق روح تجديدية فيها حرفية عالية ونزوع بين نحو الابتكار.
هذا كله قاده إلى بعث مهرجان "حرفي – فنان" الذي كان يرمي من ورائه إلى النهوض بالملكات الإبداعية لدى الحرفيين لتجديد أساليب الابتكار في حرفهم من خلال الإفادة من الفنانين التشكيليين المبدعين، وحصل ذلك في دورات كانت بداياتها بجربة جمعت الحرفيين بالفنانين التشكيليين من خلال ورشات ومعارض وندوات بحضور مجالات للشعر والموسيقى.
تعددت أعمال الطيب زيود لتحيل إلى حرصه الدفين على التجدد في هذا الفن العريق من خلال تخريجات فنية فيها الكثير من التخييل، فالمساحة الفسيفسائية عنده مجال شاسع للجمال والتلوين والابتكار.
والفنان التشكيلي الطيب زيود أصيل منطقة مليتة بجزيرة جربة، حيث أسس ورشة لإنجاز الفسيفساء الفني وهو مؤسس وصاحب فكرة ملتقى "حرفي- فنان" الذي انتظم بجزيرة الأحلام لثلاث دورات ودورة بولاية نابل.
تم عرض أعماله برواق العلاني بمناسبة مهرجان المدينة بالرياض بجزيرة جربة لعدة دورات، وتم عرض أعماله برواق دار الثقافة ابن خلدون المغاربية بتونس، إلى جانب عرض لوحاته الفنية من الفسيفساء بالرواق الثقافي بفضاء الفندق بجربة سنة 2020.
يشارك ضمن معارض اتحاد الفنانين التشكيليين بتونس العاصمة، كما أنه عرض عددا من أعماله برواق الفنون علي القرماسي.
وعن فنه وتجربته يقول الفنان التشكيلي الطيب زيود "رغم اختصاصي في صناعة المصوغ اخترت الحجارة والرخام وتخليت وابتعدت عن الحجارة الكريمة والمعادن الثمينة.. اخترت الفسيفساء لأنني أرى في الحجارة الألوان والمواد التي تجذبني أكثر من غيرها من المعادن الأخرى".
وأضاف "الكثيرون يرون في الفسيفساء صنعة بسيطة، بينما أنا أرى فيها فنا وحرفية وابتكارا.. الفن مجال شاسع للإبداع والابتكار وقد وجدت في الموزاييك ذاتي التي نهلت من جمال جربة وقدمها وعراقة أحوالها".
وتابع "الفسيفساء عالم بأسره فيه الإبداع وهو ما أعمل عليه وفيه التأثيث الجمالي ومنه تجميل الفضاءات منها الخاصة والتجارية وغيرها، حيث أعمل وفق طلبيات تمنح المكان عبر منجزها الفني حالات من الجمال الذي يسر الناظرين وهذا بدوره فن.. الفن الفسيفسائي يجمع الحرفي والفنان بما يجعل منهما بالنهاية ينجزان عملا يحبه الناس ويرون فيه ذواتهم وشيئا من أحوالهم المتعددة".
هذا حيز من الشغف الجمالي للفنان الطيب زيود تجاه لون فني أحبه وسار في دربه يبتكر ضمنه حالاته وأحلامه الأخرى في أرض الأحلام جربة.
هكذا تحضر مرة أخرى أعمال الفنان زيود في الصالون الوطني للابتكار في الصناعات التقليدية ليتواصل ذلك إلى غاية يوم الأحد 19 مارس/آذار 2023 بقصر المعارض بالكرم.