العالم يزداد انغلاقا وسط حيرة إنقاذ البشر أو الاقتصاد من كورونا

مشاورات بين رؤساء الدول والوزراء تقام عبر الانترنت وسط توقعات بالمزيد من الخسائر الاقتصادية بعد اتخاذ تدابير وقائية أفرغت الشوارع من الناس وشلت حركة النقل.

باريس - تتضاعف في العالم خطط إنعاش الاقتصاد المتعثر بسبب فيروس كورونا المستجد من خسائر متوقعة بالمليارات وشوارع مقفرة وخوف متزايد، خصوصا في أوروبا التي تواصل إجراءات الانغلاق كما يحدث في بلجيكا الأربعاء.

ويفترض أن يتشاور وزراء النقل الأوروبيون عبر الفيديو صباح الأربعاء حول قطاع بات منكوبا بسبب الأزمة الصحية التي شتتت أنظار السياسيين بين مواجهة الانهيار الاقتصادي أو الحد من انتشار الفيروس وتكثيف الاجراءات الوقائية أولا لتخفيف الأضرار.

وفي البلدان العربية أخذت الحكومات تدابير وقائية أكثر تشددا منذ بداية الأسبوع الجاري حيث أعلن بعضها حظر التجول ونزول الجيش من ثكناته لتأمين احتياجات المواطنين الملزمين بالبقاء في منازلهم، بينما اتخذت دول أخرى إجراءات دعم حكومية للشركات والمؤسسات المتضررة من الوباء.

وأعلنت السعودية التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين إنها ستعقد قمة استثنائية لقادة المجموعة الأسبوع المقبل لطرح مجموعة منسقة من السياسات لحماية الأفراد والاقتصاد العالمي وتوحيد الجهود في مواجهة انتشار كورونا.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) ليل الثلاثاء/الأربعاء أن "مجموعة العشرين ستعمل مع المنظمات الدولية بكل الطرق اللازمة لتخفيف آثار هذا الوباء. وسيعمل القادة على وضع سياسات متفق عليها لتخفيف آثاره على كل الشعوب والاقتصاد العالمي".

وأوضحت أن "القمة ستبنى ستبني على جهود وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين، وكبار مسؤولي الصحة والتجارة والخارجية، لتحديد المتطلبات وإجراءات الاستجابة اللازمة".

وسجلت الدول الخليجية العربية أكثر من ألف إصابة بالفيروس ومعظمها له صلة بالسفر إلى إيران التي تعد بؤرة للتفشي في منطقة الشرق الأوسط.

وفي خضم خسائر الطلب بسبب الجائحة، تواصل تراجعت أسعار النفط بعد أن فشلت لجنة فنية بين أوبك وغير الأعضاء في الاتفاق على تمديد تخفيضات المعروض لدعم السوق بسبب رفض روسيا المشاركة فيها.

وقالت وزارة الطاقة السعودية الثلاثاء إن صادرات المملكة من الخام ستزيد في الأشهر المقبلة إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا، مع عزمها استخدام مزيد من الغاز لتوليد الكهرباء بدلا من حرق الخام.

‏وأفادت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز تباحث هاتفيا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التطورات التي يشهدها العالم في ضوء انتشار وباء كورونا، واستعراضا أبرز تداعياته على الاقتصاد العالمي.

وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي قد أعلنت السبت عن إعدادها برنامجاً تبلغ قيمته حوالي 50 مليار ريال، أي حوالي 13.3 مليار دولار، يهدف إلى دعم القطاع الخاص، وخصوصاً قطاع المنشآت الصغيرة المتوسطة.

hg
دول العالم تقاوم 

من جهتها أعلنت الإمارات عن اتخاذها إجراءات سريعة وصارمة منذ بداية الأزمة للحدّ من انتشار الفيروس، مطمئنة المواطنين والمقيمين على أراضيها بأن الدولة لديها القدرة والكفاءات اللازمة لمواجهة الظروف الاستثنائية.

وشدّد الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي على أولوية حماية الناس والحفاظ على سلامتهم، معبّرا عن ثقته في الإجراءات التي اتّخذتها الدولة في الوقت المناسب، وطمئن المجتمع بشأن وفرة جميع الإمكانات والوسائل الضرورية لتخطّي الظرف الصعب من معدّات طبية وصحية ومن أدوية وأغذية وغيرها.

وقال في كلمة له بمجلس في قصر البحر بحضور عدد من الشيوخ والوزراء والمسؤولين “نحن بدأنا استعداداتنا قبل كورونا.. وبفضل الله تعالى الإمارات آمنة ومستقرة ومتطورة طبيا ونحن في خير وأمان.. وجاهزيتنا مستدامة لمواجهة التحديات كافة”.

وتوجه الشيخ محمد بن زايد إلى المواطنين والمقيمين في الإمارات برسالة قال فيها “أريد أن أطمئن كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة أن دولة الإمارات قادرة على تأمين الدواء والغذاء إلى ما لا نهاية”، معتبرا أنّ “الدواء والغذاء خط أحمر في دولة الإمارات يجب تأمينهما لأهلنا إلى ما لا نهاية بغض النظر عن أي تحديات سواء كورونا أو غيرها”.

ولي عهد أبوظبي قد أجرى خلال الأيام الماضية سلسلة مكالمات هاتفية مع العديد من القادة وكبار المسؤولين في الإقليم والعالم، تمّ التطرق خلالها إلى وباء كورونا وسبل مواجهته.

ولتخفيف أثر تفشي الفيروس اتخذت الإمارات مجموعة إجراءات استثنائية لدعم الاقتصاد عبر تسهيل القوانين والتشريعات الاستثمارية.

وأعلن مصرف الإمارات المركزي، السبت، عن خطة دعم اقتصادي شاملة تبلغ قيمتها 100 مليار درهم، أي حوالي 27.2 مليار دولار لدعم الاقتصاد الوطني وحماية المستهلكين والشركات في البلاد.

وتضررت الرحلات الجوية في العالم بأسره بشكل كبير من وباء "كوفيد-19" وإجراءات الإغلاق للحد من انتشاره. وأعلنت الحكومة الإيطالية مستعدة لتأميم شركة الطيران الوطنية "أليتاليا" التي تواجه خطر الإفلاس منذ سنوات.

وبشكل أشمل، ينوي الرئيس دونالد ترامب بعدما تأخر في الرد، التحرك لدعم الاقتصاد ببرنامج مساعدة "جريء ومهم جدا" للشركات الأميركية المتعثرة.

ولم يكشف وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين قيمة خطة المساعدات التي يجري التفاوض حولها لكن الصحف الأميركية تحدثت عن حوالى 850 مليار دولار، بينما ذكرت شبكة "سي ان بي سي" الأميركية أن المبلغ قد يتجاوز الألف مليار دولار.

في الوقت نفسه، أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي الذي يقوم بمهم البنك المركزي، سلسلة من الإجراءات للتأكد من أن النسيج الاقتصادي يستفيد من آلاف المليارات من الدولارات التي يضخها منذ أسبوع.

وأدت إعلانات الاحتياطي الفدرالي الأميركي ونية إطلاق خطة للإنعاش الاقتصادي إلى طمأنة الأسواق، إذ أغلقت وول ستريت بورصة نيويورك على ارتفاع كبير مع كسب مؤشر داو جونز 5.17 بالمئة ومؤشر ناسداك 6.23 بالمئة.

مدا
مدارس العالم مقفلة

من جهته، قدم البنك المركزي الأوروبي أكثر من مئة مليار يورو من السيولة إلى المصارف. وفي المجموع، سحب 110 مصارف ما قيمته 109.1 مليار يورو من العملة من البنك المركزي.

وتندرج عملية إعادة التمويل هذه وهي الأولى من أصل 13 مقررة حتى منتصف حزيران/يونيو، في إطار حزمة إجراءات أعلن عنها قبل خمسة أيام.

وأعلنت إيطاليا الدولة الأكثر تضررا حتى الآن بالوباء بين بلدان الاتحاد الأوروبي، عن خطة بقيمة 25 مليار يورو.

وفي فرنسا، أعلنت الحكومة عن تأجيل أو إلغاء سلسلة من الرسوم بقيمة 32 مليار يورو لشهر آذار/مارس وحده. وهذا المبلغ يشكل الجزء الأكبر من خطة "فورية" بقيمة 45 مليار يورو أعلنها الثلاثاء وزير الاقتصاد برونو لومير. ولم يستبعد رئيس الوزراء إدوار فيليب من جهته تأميم شركات في حال الضرورة.

أما اسبانيا فقد أعلن رئيس حكومتها بيدرو سانشيز الثلاثاء أن الدولة ستضمن قروضا بقيمة مئة مليار يورو للشركات.

من جهتها، ستقدم لندن ضمانات من الدولة لقروض إلى الشركات بقيمة 330 مليار جنيه استرليني (363 مليار يورو)، وهو مبلغ يمكن أن تتم زيادته في حال الحاجة إلى ذلك، كما ستقدم مساعدات بقيمة عشرين مليار جنيه، كما أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون.

ويحرك أصحاب القرار السياسي المليارات في عالم بات في حالة توقف ويتعلم العيش في المنزل أو التزود باستثناء للتحرك بينما تراقب قوات حفظ النظام الوضع.

فوسط باريس مثلا المزدحم بالحياة الليلية عادة، كان مقفرا ليل الثلاثاء الأربعاء، باستثناء قلة من الأشخاص خرج بعضهم من أجل كلابهم. أما حركة السير فكانت شبه معدومة.

وجاء دور بلجيكا التي تبدأ إجراءات الإغلاق اعتبارا من ظهر الأربعاء مع استثناءات للتوجه إلى طبيب أو نشاطات رياضية في الهواء الطلق وبعض المتاجر الأساسية.

وألزمت الشركات التي لا تستطيع تنظيم العمل من المنازل، فعليها أن تؤمن لموظفيها "احتراما صارما في المسافات" في مكان العمل ووسائل النقل، كما ذكرت رئيسة الحكومة صوفي فيلميس التي تحدثت عن "غرامات كبيرة" وحتى إغلاق إداري لأي رب عمل لا يحترم تحذير أول في هذا الشأن.

وأدى مرض "كوفيد-19" الذي رصد في الصين في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، إلى وفاة 7842 شخصا في العالم بينما بلغ عدد المصابين به 191 ألف شخص، حسب حصيلة تستند إلى مصادر رسمية حتى مساء الثلاثاء.