العبادي يرصد 'المعادلة الملغومة' في حكومة عبدالمهدي

رئيس الوزراء العراقي السابق يتحدث عن تنفيذ الاجندات الأجنبية ونظام المحاصصة في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

بغداد – اعتبر رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي ان المعادلة السياسية التي أفرزت حكومة خلفه عادل عبدالمهدي "ملغومة ومتناقضة وهشة"، مؤكدا انه سيستمر بالمنافسة على المنصب.
وعلى عكس سلفه نوري المالكي، فشل العبادي في الاحتفاظ بمنصبه لدورة ثانية إثر نتائج ضعيفة لائتلافه السياسي (النصر) في انتخابات 2018 وإخفاقه في عقد تحالفات من شأنها تأمين صدارته المشهد السياسي بالبلاد.
ورفض العبادي في مقابلة أجرتها معه وكالة الأناضول التركية للأنباء الإسهاب في تفاصيل أسباب تراجع حضوره السياسي، مكتفيًا بالإشارة إلى "خليط من القراءات الخاطئة للبعض ومؤامرة من قبل البعض وعمل آخرين في ضوء أجندات أجنبية".
وأشار إلى أن طبيعته الشخصية "المفضّلة للمصالح العامة على التنازع الشخصي الفئوي الضيق" ساهمت في ذلك أيضًا، مؤكدًا أنه سيكشف المزيد من التفاصيل "في الوقت المناسب".
وأضاف "لم أرشّح نفسي رسمياً بل كنت مرشح ائتلاف النصر وقررت خوض الانتخابات في وقت متأخر".
إلا أن الرجل أكد في الوقت نفسه عزمه خوض غمار المنافسة على المنصب مجددًا.
وقال في هذا السياق "نعم. وبكل وضوح وقناعة أقولها، لدي رؤية وإرادة وتجربة ناجحة لإدارة الدولة التي هي همّنا ومصيرنا المشترك ولن أهرب من معركة بنائها وقيادتها".

ليست رغبتي بالبقاء مسألة شخصية تنم عن الشره بالامتياز

وتابع "إني هنا أفصل بين الذات والموقع وليست رغبتي بالبقاء كرئيس للوزراء مسألة شخصية تنم عن الشره بالامتياز ولو كانت كذلك لأعددتُ للانتخابات قبل عقدها بزمن ولسخّرت الدولة وإمكاناتها لخدمة بقائي في المنصب وهذا لم يحدث".
وأضاف "كانت رسالتي التي أخذت جل اهتماماتي هي تحرير الدولة من الاغتصاب الداعشي وإدارة ملفاتها السياسية والاقتصادية والسيادية بأفضل الممكن المتاح وسط تحديات هائلة ومصيرية".
وقال العبادي عن حكومة خلفه عادل عبد المهدي قال العبادي "إن المعادلة السياسية التي انتجتها ملغومة ومتناقضة وهشة ولكن آمل أن تنجح وأساندها رغم أني وائتلاف النصر لم نُشرك فيها بأي موقع".
وأضاف "القضية لا تتصل بالأشخاص بل بالمعايير. على القوى السياسية تحييد ملفات الأمن والسيادة أو حتى الثقافة والتعليم عن المناكفات ونظام الصفقات المحاصصية فضلاً عن تمرير رغبات الأجنبي أياً كان"، في اشارة على ما يبدو الى ايران والولايات المتحدة.
كما عبّر عن أمله في أن تنجح الحكومة الجديدة باستكمال الحرب على تنظيم داعش الإرهابي مؤكدًا مساندته لها في ذلك، "فالإرهاب شر مطلق وتهديد وجودي لنا".

العبادي: كانت لدي خطة لمكافحة الفساد لو فزت بالرئاسة الثانية
العبادي: كانت لدي خطة لمكافحة الفساد لو فزت بالرئاسة الثانية

وتابع "إنه اختبار إدارة للحكومة ولقدراتها فالمعركة مع الإرهاب شاملة، أمنية عسكرية مخابراتية سياسية اقتصادية إقليمية دولية, ومن يريد النجاح في معركته ضد الإرهاب عليه التحلي برؤية وإرادة وسياسة كونية قادرة على فهم طبيعة المعركة وشدة تعقيداتها وتوازناتها".
وفي معرض رده على اتهامات له بالتقاعس في مكافحة الفساد قال العبادي "على العكس أحالت إدارتي 8 وزراء وعشرات الوكلاء ومئات من ذوي الدرجات الخاصة (من حكومته وحكومات سابقة) إلى القضاء وسنّت العديد من القوانين وأجرت إصلاحات هيكلية لمحاربة الفساد".
إلا أن الرجل أكد أنه لم ينجح في هذه المهمة تمامًا معللًا ذلك بأن "الفساد منظومة سياسية إدارية ثقافية تحتاج إلى تفكيك متزامن ومترابط وشامل".

عليّ القول هنا إنني غير محبوب من قبل النواب

وقال "لقد كانت خطتي للفترة الرئاسية الثانية تركز على تفكيك شامل لهذه المنظومة ما يتطلب وقتًا وإرادة وقوة". وتابع "الجميع يعلم حزم الإصلاحات التي أطلقناها في يوليو/تموز 2015 والتي خفضنا من خلالها 50% من رواتب الرئاسات (الدولة والحكومة والبرلمان) و40% من رواتب الوكلاء والمستشارين و30% من رواتب موظفي الرئاسات إضافة إلى إلغاء مناصب نواب الرئيس ورئيس الوزراء وغيرها من الإجراءات".
كما لفت إلى أن عام 2016 شهد تخفيض رواتب أعضاء مجلس النواب بواقع النصف وتقليل حجم الحمايات الأمنية الخاصة "تحقيقًا للعدالة والتكافل الاجتماعي". وأضاف "عليّ القول هنا إنني وبسبب هذه الخطوات غير محبوب ومرغوب به من قبل النواب".
وتولى العبادي (67 عامًا) رئاسة حكومة العراق عام 2014 خلفًا للمالكي ويعتبر أنصاره أنه تمكن في هزيمة تنظيم داعش بعد اجتياحه الواسع للبلاد وسيطرته على نحو ثلث مساحتها عامي 2013 و2014.
ويرى مراقبون أن تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية في الجنوب خلال الأعوام الأخيرة ساهم في فقدان الرجل الكثير من أصوات القاعدة الشعبية الشيعية في انتخابات مايو/أيار 2018.
كما استمرت في البلاد حالة فقدان المكون السنّي الثقة في العملية السياسية إثر ما تعرضوا له من انتهاكات على يد الأجهزة الرسمية والميليشيات الموالية للحكومة على السواء رغم كونهم المتضرر الأكبر من اجتياح داعش، وهو ما حرمه إلى حد ما من استثمار "انتصاره" على التنظيم الإرهابي انتخابيًا.