العد العكسي لنهاية الحرب في وسط شرق أوروبا...

المستشار السابق في البنتاغون دوغلاس ماكغريغور في صفحته على منصة إكس، أنه يتعين على الولايات المتحدة إما الاعتراف بالهزيمة في أوكرانيا بسبب خطر التصعيد المحتمل، أو إرسال قواتها إلى هناك.

 عندما تبين للتحالف الغربي من الناتو ومكوناته الأخرى أن إستراتيجية الكرملين في الحرب التي اندلعت في فصلها الثاني وسط شرق أوروبا في 24 فبراير 2022 ترتكز على تكتيك الاستنزاف للخصم والتقليص من التكلفة البشرية للقوات الروسية إلى الحد الأدنى الممكن، زادت الشكوك الغربية في إمكانية مواصلة دعم حكومة أوكرانيا بالسلاح والمال لأمد طويل خاصة بعد أن تبين فشل مخطط إحكام الحصار الاقتصادي والسياسي على الكرملين.

 منتصف صيف سنة 2023 وبعد تعثر الهجوم الأوكراني المضاد الذي انطلق في الرابع من شهر يونيو 2023 توقع بعض المراقبين الغربيين ومنهم من كان من أنصار نجاح مخطط تكبيد موسكو خسائر كبيرة تجبرها على التفاوض لإنهاء الصراع العسكري على أسس شروط غربية، أن يواجه التحالف الغربي مشاكل جدية في الاستمرار في تخصيص دعم كاف لحكومة كييف وللجهاز العسكري المشتبك مع روسيا الذي أصبح يضم إلى جانب القوات الأوكرانية الآلاف من جنود الناتو تحت غطاء الشركات الأمنية الخاصة والمتطوعين.

 يوم 30 سبتمبر 2023 برز شرخ هو الأكبر في جبهة دعم التحالف الغربي لكييف، فقد وافق مجلس النواب الأميركي على مشروع تمويل مؤقت للحكومة لحين التوصل إلى تسوية بشأن الاتفاق الحكومي.

وصوت مجلس النواب على مقترح رئيسه الجمهوري كيفن مكارثي بتمويل الإنفاق الحكومي لمدة خمس وأربعين يوما.

وقال ماكارثي إن "ما صوتنا عليه اليوم ليس الخيار الأفضل، لكن تمكنا من التقدم"."، مضيفا في تصريحات أعقبت تمرير القانون "علينا وضع حد للإنفاق الحكومي والتضخم".

ولا ينص القانون على تخصيص أموال لتغطية احتياجات أوكرانيا، رغم تأكيدات بايدن أن واشنطن "لا تستطيع تحت أي ظرف من الظروف" التوقف عن دعم كييف.

وفي مسعى لطمأنة الحلفاء إلى استمرار الدعم المالي الأميركي للجهود الحربية، قال بايدن، يوم الأحد الأول من أكتوبر، إن المساعدات الأميركية لأوكرانيا ستستمر في التدفق في الوقت الحالي، غير أن الوقت ينفد، في تحذير للكونغرس.

وأضاف في تصريحات أدلى بها في قاعة روزفلت بعد أن صوت الكونغرس في وقت متأخر من ليل السبت على تجنب إغلاق الحكومة عبر إقرار حزمة تمويل قصيرة الأجل، أسقطت مساعدة أوكرانيا في الحرب ضد روسيا "لا يمكننا تحت أي ظرف من الظروف أن نسمح بقطع المساعدات الأميركية لأوكرانيا".

وتابع "أمامنا وقت.. ليس الكثير من الوقت وثمة إلحاح كبير"، مشيرا إلى أن فاتورة التمويل تستمر حتى منتصف نوفمبر فقط. وحث الرئيس الأميركي الكونغرس على التفاوض حول حزمة مساعدات في أقرب وقت ممكن قائلا "سوف ننجز الأمر".

وتسعى الدول الغربية من خلال الدعم المادي والعسكري والسياسي الذي تقدمه لكييف، إلى عرقلة أهداف العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، إلا أن موسكو أكدت في أكثر من مناسبة أن العمليات العسكرية في دونباس لن تتوقف إلا بعد تحقيق جميع المهام الموكلة إليها.

الصدمة

قرار الكونغرس الأميركي شكل صدمة لحكومة كييف والساسة الأوروبيين الأشد تحمسا لكسر شوكة موسكو وصد جهودها عبر المواجهات في وسط شرق أوروبا ومناطق أخرى من العالم وخاصة الشرق الأوسط وأفريقيا، لاستبدال النظام العالمي الأحادي القطب بنظام متعدد الأقطاب لا يسمح لواشنطن مستقبلا بفرض إرادتها واملاءاتها على العالم.

 فاتح أكتوبر 2023 دعا جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي المشرعين الأمريكيين إلى إعادة النظر في قرارهم بحذف الدعم المالي لأوكرانيا من مشروع قانون الميزانية المؤقت.

 وفي حديثه في كييف بعد اجتماعه مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، صرح بوريل، إن المسؤولين الأوروبيين فوجئوا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في اللحظة الأخيرة في واشنطن وتعهدوا بأن الكتلة المكونة من 27 دولة ستواصل مساعدة أوكرانيا.

وأضاف بوريل "آمل ألا يكون هذا قرارا نهائيا وأن تستمر أوكرانيا في الحصول على دعم الولايات المتحدة". وذكر الدبلوماسي الأسباني الأصل "نحن نواجه تهديدا وجوديا. الأوكرانيون يقاتلون بكل شجاعتهم وقدراتهم، وإذا أردنا لهم النجاح، فعليك أن تزودهم بأسلحة أفضل وأسرع".

وتابع "الآن تم تقديم دعم منا بأكثر من 25 مليار يورو - هذه مجرد مساعدات عسكرية، ويصل إجمالي الدعم إلى مبلغ 80 مليار يورو". وبحسب بوريل، لم يخصص الاتحاد الأوروبي من قبل مثل هذه المبالغ الكبيرة لهذا النوع من المساعدة.

وأشار إلى أنه أبلغ وزير الدفاع الأوكراني رستم عميروف بهذا الأمر، حين التقى به خلال زيارته لأوكرانيا، مضيفا "في الاجتماع مع عميروف حاولنا أن نفهم بشكل أفضل لماذا لا ينظر إلى دعمنا في بعض الحالات على أنه مهم كما هو حقيقة".

 من جانبهم شدد المسؤولون الأوكرانيون على أن الدعم الأميركي لأوكرانيا سيستمر على الرغم من التشريعات المؤقتة. وذكر أندريه ييرماك رئيس المكتب الرئاسي الأوكراني، إن علاقة أميركا بأوكرانيا لم تتغير وإن المسؤولين الأوكرانيين يجتمعون بانتظام مع ممثلين عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وكتب على تيليغرام "جميع شركاء أوكرانيا الرئيسيين عازمون على دعم بلادنا حتى انتصارها في هذه الحرب".

مع ذلك، فإن حذف المساعدات الأوكرانية الإضافية من الحزمة أثار المخاوف في كييف، التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات المالية الغربية والمعدات العسكرية في حربها.

وقبل أكثر من أسبوع بقليل، التقى المشرعون في مبنى الكابيتول مع زيلينسكي الذي سعى إلى طمأنتهم بأن جيشه ينتصر في الحرب، لكنه شدد على أن المساعدات الإضافية ستكون حاسمة لمواصلة القتال.

غير أن التصويت الأخير في مجلس النواب أشار إلى زيادة النزعة الانعزالية الأميركية والمقاومة المتزايدة لتقديم المزيد من المساعدات مع استمرار الحرب، التي دخلت الآن شهرها العشرين.

وقال عضو البرلمان الأوكراني أوليكسي غونشارينكو في كتابته على تيليغرام يوم الأحد إن كييف بحاجة إلى اعتماد إجراءات جديدة لتلقي الدعم المستمر من المسؤولين الأميركيين وعامة الناس. وصرح غونشارينكو أنه بدونها، لن يكون لدى الأوكرانيين "أي فرصة عمليا" للدفاع عن أنفسهم. وقدم قائمة من المقترحات التي تضمنت نشر مندوبين أوكرانيين بشكل دائم في واشنطن.

وكتب غونشارينكو "نحن بحاجة إلى التحدث بلغة المال مع الولايات المتحدة: كيف ستستفيد الولايات المتحدة من انتصار أوكرانيا؟ ما الذي ستحصل عليه الولايات المتحدة؟ ما الذي سيحصل عليه دافعو الضرائب الأميركيون؟. نحن بحاجة إلى تغيير الإستراتيجية. نحن بحاجة إلى التصرف بشكل مختلف. دعونا نصلح هذا الوضع. لا يمكننا أن نخسر".

ذكرى نكسة واشنطن في أفغانستان

في العاصمة الأميركية واشنطن اعتبر السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام أن وقف المساعدات الأميركية لأوكرانيا ستكون له عواقب أسوأ بعشر مرات من عواقب انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

 وقال النائب الجمهوري من كارولينا الجنوبية في مقابلة مع شبكة سي ان ان، إن تايوان سوف تتأثر سلبا من وقف المساعدات الأميركية لكييف، معتبرا أن "قطع التمويل عن أوكرانيا هو بمثابة حكم الإعدام على تايوان".

 من جانبه أكد رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي في ​​مقابلة مع شبكة "سي بي إس"، أن المصالح الأميركية أكثر أهمية من تقديم مساعدة إضافية لأوكرانيا، مشيرا إلى المشاكل على الحدود الأميركية، مضيفا "أولويتي هي أميركا وحدودنا. أنا أؤيد تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها. لكن أولا وقبل كل شيء، أؤيد تعزيز الحدود".

وشدد مكارثي على أن البيت الأبيض لديه الآن أكثر من ثلاثة مليارات دولار لمساعدة كييف، مضيفا أنه إذا ظهرت مشاكل في تخصيص الأموال، فإن الجمهوريين في مجلس النواب مستعدون لمناقشة الحلول الممكنة.

 تمويل مؤقت يمنح بحسب زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، أعضاء المجلس مزيدا من الوقت لمواصلة المناقشات المهمة حول أولويات الموازنة، وسط توقعات بان يبدأ المشرعون دراسة مشروع قانون منفصل يتعلق بمبلغ أربعة وعشرين مليار دولار من المساعدات لكييف، والتصويت عليه.

وفي محاولة لمنع انتشار الذعر في أوساط حكومة كييف وللحد من خطر تدخل الجيش الأوكراني لتبديل نظام الحكم والتوصل إلى تسوية مع الكرملين بعيدا عن مشاريع الناتو، ناقش وزير الدفاع الأوكراني رستم عميروف يوم الأحد 1 أكتوبر مع نظيره الأميركي لويد أوستن، خلال مكالمة هاتفية، مسألة الاستمرار في تقديم المساعدات العسكرية الأميركية لكييف.

وكتب عميروف عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) "أجريت اليوم محادثة هاتفية مع نظيري الأميركي لويد أوستن لبحث المزيد من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، وأكد لي السيد أوستن أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا سيستمر".

 

زيلنسكي اصبح يراهن على الدعم العسكري الغربي في مواجهة روسيا
زيلنسكي اصبح يراهن على الدعم العسكري الغربي في مواجهة روسيا

وتعليقا على قرار الكونغرس، أشارت السفيرة الأوكرانية لدى الولايات المتحدة أوكسانا ماركاروفا إلى أن كييف تأمل في أن تجهز واشنطن في غضون 45 يوما قرارات جديدة تؤثر على استمرار توريد الأسلحة إلى أوكرانيا.

بدوره قال الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو، إن كييف تعمل بنشاط مع السلطات الأميركية لضمان أن تتضمن الميزانية الأميركية للسنة المالية المقبلة مساعدات لأوكرانيا.

لندن وعقدة الصرع مع موسكو

في بريطانيا اعتبر وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أن وقف توريد الأسلحة الغربية إلى قوات كييف، لن يؤدي إلى انتهاء النزاع في أوكرانيا.

وقال الوزير متحدثا في فعالية لمركز أبحاث "أونوورد" "أنا الآن أكثر ثقة من أي وقت مضى بأنهم "أوكرانيا" لن يتوقفوا عن القتال حتى يستعيدوا بلادهم. كل تلك الأصوات المحبطة التي تقول إنه إذا توقفت بريطانيا أو الغرب عن تسليح أوكرانيا، فإن الحرب ستنتهي، يقولون كلاما هراء. ستنتهي هذه الحرب عندما تغادر روسيا، وليس قبل ذلك. وسيتمسك الأوكرانيون بوجهة النظر هذه. ووعدناهم بأننا سنكون معهم حتى يعودوا إلى بلادهم".

وعندما سئل عما إذا كانت بريطانيا تدعو السلطات الأوكرانية إلى التخلي عن مطالباتها بشبه جزيرة القرم، أجاب كليفرلي بأنه لا يرى أن من الصواب تقديم المشورة لكييف في ما يتعلق بحدود البلاد.

وشدد على أن "موقفنا يتحدد بناء على موقف أوكرانيا. لا أعتقد أن لدينا الحق في البدء بأن نملي على الدول الأخرى عن أي جزء من أراضيها يجب أن تتخلى".

ومن جانبه، أعلن وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس يوم الأحد 1 أكتوبر أن المملكة المتحدة تخطط لتدريب أكثر من 50 ألف عسكري أوكراني بحلول نهاية عام 2023.

كما أعلن أن لندن ستنشر طائراتها المقاتلة من طراز "تايفون" في بولندا، وهي خطوة أرجعها إلى "الحاجة لحماية حليف لها من روسيا".

ومساء يوم السبت 30 سبتمبر 2023، كشف وزير الدفاع البريطاني الجديد، أن هناك مشروعا لنشر قوات بريطانية في أوكرانيا للمرة الأولى بموجب خطط تتم مناقشتها مع القادة العسكريين هناك، وذلك لنقل برنامج تدريب رسمي بقيادة لندن"إلى أوكرانيا" بدلا من الاعتماد على قواعد بريطانيا وأعضاء الناتو الآخرين.

في رد فعل على الفكرة البريطانية صرحت عضو الكونغرس الأميركي مارغوري تايلور غرين إن بريطانيا بإرسالها قوات إلى أوكرانيا ستشعل حربا عالمية ثالثة. وأضافت غرين عبر  منصة اكس "بريطانيا ستشعل الحرب العالمية الثالثة. لا تستطيع الولايات المتحدة المشاركة. لا قوات أميركية. يجب أن ندافع عن حدودنا". وأضافت أنه يتعين على الولايات المتحدة حماية حدودها بدلا من دعم أوكرانيا.

سلوفاكيا ومسلسل التفكك

يوم الأحد الأول من أكتوبر وتزامنا مع تصويت الكونغرس الأميركي، فاز حزب "سمير-إس دي" بقيادة رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو بالانتخابات البرلمانية في سلوفاكيا، المعروف بموقفه المعارض لدعم أوكرانيا والمطالب بتحسين العلاقات مع روسيا.

وحصل حزب "سمير-إس دي" بقيادة رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو على 23.3 في المئة، متغلبا على حزب سلوفاكيا التقدمي الذي حصل على 17 في المئة.  وتعهد فيكو بأن سلوفاكيا لن ترسل "قذيفة واحدة" إلى أوكرانيا ودعا إلى تحسين العلاقات مع روسيا.

ويتوقع المراقبون أن تحدث حكومة فيكو تغيرا جذريا في سياسة سلوفاكيا الخارجية لتلحق بالمجر الرافضة للحرب والعقوبات ضد روسيا.

ويرجح أن يسيطر حزب "سمير" على 42 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 150 وبالتالي سيحتاج إلى شركاء في الائتلاف لنيل الأغلبية.

وينظر إلى حزب "هلاس-إس دي" اليساري الذي ظهر عام 2020 عندما انسحب عدد من نواب "سمير" من حزب فيكو كشريك محتمل لحزب فيكو، حيث من المتوقع بأن يحصل على 27 مقعدا.

 صحيفة نيوز ويك الأميركية قدرت أن وصول المعارضة السلوفاكية إلى السلطة يهدد بوقف إمدادات الأسلحة لأوكرانيا. وأكدت أنه من المرجح أن تكون نتائج الانتخابات السلوفاكية "دعوة للاستيقاظ بالنسبة لكييف" التي تلقت سابقا مساعدات عسكرية من سلوفاكيا، لكن رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو أكد مرارا في حملته الانتخابية أنه يسعى لقطع إمدادات الأسلحة عن كييف في حال فوز حزبه بالانتخابات.

وانتقد فيكو مرارا السلطات السلوفاكية بعد تسليمها نظام الدفاع الجوي إس-300 إلى أوكرانيا في أبريل 2022، وأكد أيضا أن إرسال مقاتلات ميغ-29 إلى أوكرانيا يعد انتهاكا صارخا للدستور السلوفاكي.

وأشار فيكو أيضا إلى أن نقل الأسلحة السلوفاكية إلى كييف يؤدي فقط إلى قتل الناس وإطالة أمد الصراع.

 وكان رئيس وزراء سلوفاكيا السابق روبرت فيتسو قد صرح قبل ساعات من ظهور نتائج الانتخابات أن العالم بدأ بأكمله يسأم من الرئيس زيلينسكي، مشيرا إلى أنه حتى أكبر "الصقور" أدركوا بالفعل أن النزاع الذي طال أمده "غير قابل للاستمرار".

وكتب فيتسو "انظروا كيف يتغير الموقف تجاه الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي بدأ يضايق العالم أجمع. لقد أدرك أكبر الصقور بالفعل أن النزاع في أوكرانيا الذي طال أمده والمعقد تمويله بصورة لا تصدق، هو غير قابل للاستمرار على المدى الطويل".

وأضاف "بدؤوا في التحدث إلى زيلينسكي بلغة مختلفة ويجب أن يعتاد زيلينسكي على حقيقة أنه لم يعد يتم الترحيب به في كل مكان بحفاوة بالغة. ولم يسمح له مؤخرا بالتحدث أمام الكونغرس الأميركي، وكان من المفترض أن تكون الصرخات الذي أطلقها عليه المتظاهرون في كندا في أثناء زيارته غير الرسمية إلى ذلك البلد بمثابة تحذير له بشأن تراجع الدعم".

ويوم الأحد فاتح أكتوبر أوقفت السلطات الأميركية العمل بقانون "الإعارة والتأجير لأوكرانيا" الذي كان ساري المفعول في الولايات المتحدة حتى 30 سبتمبر، بحسب ما ذكرت صحيفة "سترانا" الأوكرانية.

ووفقا للصحيفة، أعطت هذه الوثيقة الرئيس الأميركي جو بايدن الحق في نقل الأسلحة والمساعدات الأخرى إلى أوكرانيا بموجب إجراءات مبسطة وكان من المفترض أن يعمل القانون بشكل مشابه لما كان عليه الحال خلال الحرب العالمية الثانية، عندما زودت الولايات المتحدة حلفاءها بالأسلحة والمساعدات، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي، دون دفع مسبق.

الغزو الروسي لاوكرانيا قلب المعادلات الجيوسياسية
الغزو الروسي لاوكرانيا قلب المعادلات الجيوسياسية

وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يتم في الواقع استخدام هذا القانون أبدا، حيث تلقت كييف أصلا مساعدة من واشنطن في إطار برامج أخرى دون الحاجة إلى دفع ثمنها على الفور.

يذكر أن الرئيس الأميركي كان قد وقع مشروع قانون في مايو 2023، لتبسيط تقديم المساعدة العسكرية إلى كييف. وينص على أن بايدن قد يطلب من إدارته في العامين الماليين 2022 و2023، توفير المعدات والممتلكات العسكرية للاستخدام المؤقت من قبل حكومة أوكرانيا أو دول أوروبا الشرقية للمساعدة على زيادة القدرة الدفاعية.

لعبة طويلة الأمد

وفي مواجهة عثرات الناتو في مواجهة موسكو، كتب ريتشارد نيلسون في واشنطن بوست أنه على الولايات المتحدة وحلفائها إطلاق "لعبة طويلة الأمد" في أوكرانيا، كما يفعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف أن النزاع في أوكرانيا أعاد إلى الأذهان أهمية الاستراتيجيات التنافسية طويلة الأمد خلال الحرب الباردة، والتي كانت النقطة الأساسية فيها هي مطابقة نقاط قوتك مع نقاط ضعف العدو.

وأضاف "لدى الرئيس الروسي تصور عن مثل هذا التفكير طويل الأمد ويعرف الروس حق المعرفة، أن نفاد الصبر قد يكون من العيوب والنواقص القاتلة لدى الديمقراطيات التي تفضل الخيارات الأبسط والأقصر زمنا".

وأشار إلى أن "الدعم الذي تحظى به أوكرانيا في الولايات المتحدة بدأ يعاني من التصدعات"، وأن فيتنام وأفغانستان علمتا الولايات المتحدة أن الإرادة السياسية قد تكون أكثر حسما من التوازن العسكري، مضيفا "بوتين يلعب لعبة طويلة الأمد. وينبغي علينا أن نفعل ذلك أيضا".

 من جانبه صرح المستشار السابق في البنتاغون دوغلاس ماكغريغور في صفحته على منصة إكس، أنه يتعين على الولايات المتحدة إما الاعتراف بالهزيمة في أوكرانيا بسبب خطر التصعيد المحتمل، أو إرسال قواتها إلى هناك.

وتابع "لقد وصلنا إلى اللحظة التي يتعين علينا فيها إما أن نقول هذا كل ما نستطيع فعله، ولا يمكننا أن نفعل أي شيء أكثر من ذلك، لأن خطر الحرب المباشرة مع روسيا كبير للغاية، أو نتدخل بشكل أعمق ونتحدث عن إرسال قواتنا البرية إلى أوكرانيا".

وأضاف أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للسيناريو الثاني وحث واشنطن على التوصل للسلام قائلا "اصنعوا السلام أيها الحمقى".

الدعم طويل الأمد

 وجاء في تقرير نشر في لندن بتاريخ 13 سبتمبر 2023 تحت عنوان هل يتخلى الغرب عن أوكرانيا في ظل الإرهاق الشعبي المتزايد والضغط الداخلي؟

وعندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وهاجمت شرق أوكرانيا في عام 2014، سعت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى المراوغة عبر اتفاقية منسك لكسب الوقت وتسليح كييف لتمكينها من استعادة السيطرة الأوكرانية ومن خلال فرض عقوبات على روسيا ومن خلال الدبلوماسية، لكنها رفضت التدخل العسكري المباشر ولم يقدموا مساعدة عسكرية فتاكة إلا في وقت متأخر، كما فعلت أميركا.

ولكن بحلول 24 فبراير 2022، عندما حشدت روسيا قواتها على الحدود الأوكرانية، تلاشى هذا التردد إلى حد كبير. وقد أدى الهجوم الذي أعقب ذلك، إلى توليد جولة أولى من المساعدات العسكرية والمالية الغربية.

لكن مع ذلك، فإن الدعم العسكري الغربي يأتي بمخاطره وتحدياته الخاصة، مثل اعتماد أوكرانيا الشديد على المساعدات العسكرية والمالية الغربية وإدمانها عليها. حتى تحول الجيش الأوكراني بعيدا عن البنية الأساسية القديمة والمبادئ العتيقة التي ميزته خلال حقبة ما بعد الاتحاد السوفييتي وأصبح يعتمد بشكل كبير على المعدات الغربية والتخطيط الاستراتيجي.

تقول مجلة foreignaffairs الأميركية، إنه لا يمكن ضمان استمرار الالتزام الغربي تجاه أوكرانيا. وتتساءل الدوائر السياسية في أوروبا والولايات المتحدة عن الدعم طويل الأمد لأوكرانيا. وحتى الآن لا تزال هذه الأصوات أقلية، لكنها تتضاعف وترتفع. ويظل الترويج لوجهات النظر المؤيدة لروسيا والمعادية لأوكرانيا بشكل علني أمرا نادرا على المستوى السياسي.

وبدلا من ذلك، تميل الشكوك إلى الظهور من المناقشات السياسية الداخلية المستمرة منذ فترة طويلة. وفي الولايات المتحدة، أصبحت الحرب في أوكرانيا أحدث نقطة اشتعال في الصراع الدائر حول مدى اهتمام الأميركيين بدعم الشركاء والحلفاء في الخارج والإنفاق عليه.

وفي أوروبا، مارس وباء كوفيد 19 والتضخم المرتفع في أعقاب الحرب ضغوطا اقتصادية. وقد بدأ التفاؤل بشأن نجاح أوكرانيا يتلاشى، الأمر الذي أدى إلى الشعور بعدم الارتياح إزاء اندلاع حرب كبرى مفتوحة على الأراضي الأوروبية.

وفي الوقت نفسه، فإن التطورات على الخطوط الأمامية وخاصة الوتيرة البطيئة والمكاسب المتواضعة للهجوم المضاد الذي أطلقته أوكرانيا في صيف 2023 شجعت المتشككين في الدعم الغربي لكييف. وحتى لو اشتد الهجوم المضاد، فإنه لن ينهي الحرب في أي وقت قريب.

خارج أوكرانيا، تهيمن الآن قصص أخرى غير الحرب على الأخبار. كلما طال أمد المواجهة، تراجعت حدة الصراع ما يغذي تصورا بعدم الجدوى ويعزز الدعوات لإيجاد حل تجميلي

جدوى الحرب

تقول فورين أفيرز إن أنصار أوكرانيا لا يملكون نظرية واضحة ومتفقا عليها لتحقيق النصر، الأمر الذي يشكل عائقاً سياسيا. وخارج أوكرانيا، تهيمن الآن قصص أخرى غير الحرب على الأخبار. وكلما طال أمد المواجهة، تراجعت حدة الصراع، الأمر الذي يغذي تصورا بعدم الجدوى ويعزز الدعوات لإيجاد "حل تجميلي" على الأقل.

إن الخطر الرئيسي الذي يواجه أوكرانيا لا يتمثل في حدوث تحول سياسي مفاجئ في الغرب بقدر ما يتمثل في التفكك البطيء لشبكة المساعدات الأجنبية المنسوجة بعناية. ومع ذلك، إذا حدث تحول مفاجئ، فسوف يبدأ في الولايات المتحدة، حيث سيتم طرح الاتجاه الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية على ورقة الاقتراع في نوفمبر 2024، حين تجري الانتخابات الرئاسية.

ونظراً للخطر الذي قد تفرضه الخسارة التدريجية للدعم، ناهيك عن احتمال حدوث انقطاع مفاجئ، يتعين على الحكومة الأوكرانية أن تنوع تواصلها مع مختلف الأطياف السياسية وأن تكيف نداءاتها للمساعدة مع احتمال نشوب حرب طويلة الأمد.

ومن ناحية أخرى، يتعين على الزعماء السياسيين في الولايات المتحدة وأوروبا أن يبذلوا قصارى جهدهم لترسيخ المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا في دورات الميزانية الطويلة الأجل، مما يجعل من الصعب على المسؤولين في المستقبل أن يتراجعوا عن المساعدات، كما تقول المجلة الأميركية.

الأصوات المعارضة

لا تزال المجر دولة "ناشزة" في ما يتعلق بالحرب، وهي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ومن الواضح أنها غير متحمسة لقضية أوكرانيا. وفي مقابل عدم خرق إجماع بروكسل الذي يفضل فرض عقوبات على روسيا، انتزعت المجر العديد من التنازلات من الاتحاد الأوروبي. وحتى الآن، كان هذا كافيا لإبقاء رئيس الوزراء فيكتور أوربان في منصبه.

ومن غير المرجح أن يتراجع الدعم الأوروبي القوي قريبا. ووفقا لمسح أجرته مؤسسة يوروباروميتر في يونيو، فإن 64 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي يؤيدون تمويل شراء وتوريد المعدات العسكرية إلى أوكرانيا.

 وتتراوح هذه النسبة بين 30 في المئة في بلغاريا و93 في المئة في السويد. ولم يتمكن أي حزب أوروبي يدعو صراحة إلى أجندة مؤيدة لروسيا من بناء ائتلاف انتخابي مستدام. كما أن العديد من الشعوب الأوروبية أصبحت أكثر دعما للاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي منذ بداية الحرب.

ومع ذلك، فإن نوعا من الإرهاق يؤثر سلبا على أوروبا. ويمكننا أن نجد أفضل مثال على ذلك في ألمانيا، التي تمكنت من النجاة من اختناق الطاقة الناجم عن الحرب واستقبلت مليون لاجئ أوكراني، في حين زادت مساعداتها تدريجيا لأوكرانيا. وكما هي الحال مع الجائحة، فإن طول الشد في الأزمة هو الذي يولد الإحباط: فقد أدى ارتفاع أسعار الطاقة، والركود، والمخاوف بشأن تراجع التصنيع، والائتلاف الحاكم المختل، إلى الشعور بالضيق، وهو ما أفاد حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني.

وتشير استطلاعات الرأي الآن إلى أن حزب البديل من أجل ألمانيا هو ثاني أقوى حزب في ألمانيا، فهو يريد سحب ألمانيا من منظمة حلف شمال الأطلسي ووقف الدعم لأوكرانيا، ولكن شعبية الحزب لا تنبع من وجهات نظره المؤيدة لروسيا.

 وبالنسبة للأوروبيين كلما طال أمد الحرب، بدت مستعصية على الحل ومكلفة وأداة لقوة الولايات المتحدة أكثر من كونها مصلحة أوروبية أساسية. وبما أن دعم الحرب هو الوضع الراهن في أوروبا، فإن السياسيين من رواد الأعمال يمكنهم التركيز على الجبهة الداخلية وإلقاء اللوم على النخب في العواصم وبروكسل لاهتمامهم بأوكرانيا أكثر من اهتمامهم بسكانهم.

على سبيل المثال، شبهت عضو البرلمان الألماني اليسارية التي تتمتع بشعبية كبيرة، سارة فاجنكنشت، مؤخرا الدعم لأوكرانيا بحفرة لا نهاية لها، في حين يجري خفض الميزانية الفيدرالية في كل المجالات الأخرى. ومن الممكن أن تصبح مثل هذه الآراء أكثر شيوعا في أوروبا بسهولة، ولن يحتاج أنصارها إلى تقديم سياسة بديلة قابلة للتطبيق؛ إنهم لا يحتاجون حتى إلى قول الحقيقة.

ماذا عن الأميركيين؟

بحسب ليانا فيكس، المؤرخة وعالمة السياسة في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي وزميل أستاذ التاريخ مايكل كيماغ، يتمثل الخطر الرئيسي الذي يواجه أوكرانيا في التفكك البطيء لشبكة المساعدات الأجنبية المنسوجة بعناية. البديل في الحرب هو الولايات المتحدة. ومن المرجح أن تكون عودة ترمب للرئاسة الأميركية كارثة بالنسبة لأوكرانيا.

كرئيس تعامل ترامب مع أوكرانيا باعتبارها ملحقة لحملة إعادة انتخابه وحاول إقناع زيلينسكي بقوة لإلحاق الضرر بسمعة بايدن، المنافس الرئيسي. ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز اقترح ترامب عدة مرات في عام 2018 بشكل خاص انسحاب الولايات المتحدة من الناتو بحضور كبار مسؤولي الإدارة. ولم يتابع الفكرة أبدا.

وتقول فيكس إذا حكمنا من خلال خطاب ترامب خلال الحملة الانتخابية، فإنه يبدو عازما على الذهاب إلى أبعد من ذلك في انتهاك الأعراف والتقاليد الراسخة إذا عاد إلى البيت الأبيض. وفي الأشهر الأخيرة، أكد الرئيس الأميركي السابق أنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة.

ويشير مثل هذا التهديد خلال الحملة الانتخابية إلى أن ترامب يفضل التوصل إلى تسوية للصراع عن طريق التفاوض بشروط روسية على الأرجح على الاستمرار المستمر في تقديم المساعدات إلى أوكرانيا.

وقد لا يصبح ترامب مرشح الحزب الجمهوري، لكن من اللافت للنظر أنه من بين المرشحين الآخرين، فإن المرشحين اللذين حصلا على أعلى أرقام في استطلاعات الرأي، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، هما الأكثر رفضاً لأوكرانيا.

ويظل الجناح الريغاني -نسبة إلى رونالد ريغن- في الحزب الجمهوري الذي يقدم دفاعا قويا عن الديمقراطيات الحليفة ويضم شخصيات مثل نائب الرئيس السابق مايك بنس والسيناتور ميتش ماكونيل من كنتاكي، ممثلا بشكل جيد في الكابيتول هيل، وفي مراكز الأبحاث في واشنطن ولكن بين الناخبين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية، بدأت هذه الرؤية تنهار.

وترى قاعدة الحزب الجمهوري أن الصين تشكل تهديداً أكبر بكثير من روسيا، ويرى العديد من الجمهوريين مقايضة بين دعم أوكرانيا ومعالجة المشاكل الداخلية. ووفقاً لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في يونيو 2023. ويعتقد 50 في المئة من الجمهوريين أن واشنطن تبالغ في دعمها لأوكرانيا، مقارنة بـ43 في المئة في بداية الحرب.

ويفضل 49 في المئة من الجمهوريين إنهاء الصراع بسرعة، حتى لو كان ذلك سيسمح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي سيطرت عليها.

وكتب فيفيك راماسوامي المرشح الجمهوري الذي لمع نجمه في المناظرات الداخلية للحزب الجمهوري مؤخرا "إننا نبذل قصارى جهدنا لاستخدام الموارد العسكرية الأميركية للدفاع عن غزو حدود شخص آخر عندما لا نفعل شيئا على الإطلاق لوقف الغزو بمساعدة الكارتلات عبر حدودنا الجنوبية هنا في الداخل".

وهذه الحجة التي قد تكون سطحية ومعادية للأجانب تحظى بقبول حدسي قوي لدى العديد من الجمهوريين والمحافظين. من المحتمل أن يكون له صدى لدى العديد من المستقلين وحتى بعض الديمقراطيين والتقدميين.

مأزق ساسة أوكرانيا

ترى فيكس وزميلها كيماغ، أنه في النهاية يجب أن تعلم أوكرانيا أنها لا تتمتع بنفوذ كبير على السياسة الداخلية لشركائها في زمن الحرب. وعلى الرغم من أنه لا يمكن لأحد أن يقدم حجة أفضل لأوكرانيا من زيلينسكي، فإن الرأي العام والانتخابات في أوروبا والولايات المتحدة سوف يتبعان منطقا داخليا في هذه البلدان.

ويتعين على الحكومة الأوكرانية أن تعمل على تنمية العلاقات مع الشخصيات والأحزاب السياسية التي لا تؤيد بقوة المعسكر الأوكراني، بما في ذلك أحزاب أقصى اليسار وأقصى اليمين، تماماً كما طورت الحكومة الأوكرانية علاقاتها مع الصين أثناء الحرب، على الرغم من قرب الصين من روسيا. وبهذه الطريقة تستطيع كييف أن تعمل ضد الاستقطاب السياسي الذي يهدد بتآكل الدعم الذي تحظى به أوكرانيا.

ومع استمرار الصراع، سيتعين على أوكرانيا تكييف سردها للحرب ليتناسب مع الرأي العام الغربي، فبدلا من تحقيق نصر سريع وحاسم، كما كان يأمل كثيرون عندما بدأ الهجوم المضاد في الصيف لأول مرة، سوف يكون لزاما على كييف أن تشرح النتيجة النهائية لحرب مطولة والتي تتمثل في بقاء أوكرانيا. وإلا فإن الشعور بالانفصال قد يترسخ، خاصة إذا تحولت الحرب على نحو متزايد إلى الأراضي الروسية من خلال ضربات الطائرات من دون طيار أو أنواع أخرى من الهجمات.

وعلى الرغم من أنها قد تكون ضرورية للدفاع عن النفس ورفع الروح المعنوية لأوكرانيا، فإن مثل هذه الهجمات قد تصبح مكلفة سياسيا إذا ساهمت في "التحيز للجانبين" في المناقشات الغربية. والسؤال هو هل أشرفت أوروبا على عهد نهاية حرب لم يكن من الممكن الفوز فيها ؟.