العراقيون مصممون على الاحتجاج رغم عمليات القتل والاختطاف

الآلاف يحتجون في ساحة التحرير ببغداد للتنديد بأعمال قتل واختطاف بحق متظاهرين في وقت يتم في العثور على جثة ناشط مدني مناهض لنفوذ الايراني بعد ساعات على اختفائه.
مجهولون يطلقون سراح 10 محتجين خطفوا في طريقهم الى كربلاء قبل اكثر من اسبوع

بغداد - انضم الآلاف من المتظاهرين إلى نظرائهم في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، الثلاثاء في احتجاجات حاشدة للتنديد بأعمال قتل واختطاف بحق متظاهرين.
ومنذ يوم الجمعة، قتل 26 متظاهراً في بغداد فضلاً عن هجمات، بدت منسقة، ضد ناشطين في الاحتجاجات قتل خلالها أحدهم وأصيب آخرون. 
وبدءًا من مساء الاثنين، بدأت قوافل الحافلات التي تقل المحتجين من محافظات وسط وجنوبي البلاد وخاصة من بابل وذي قار والديوانية بالتدفق على ساحة التحرير، استجابة لدعوان نشطاء إلى تنظيم مليونية للتنديد بـ"القتل". 
ولوح آلاف المحتجين في ساحة التحرير بالأعلام العراقية وسط أجواء هادئة، باستثناء مكبرات الصوت التي كانت تبث بين الحين والآخر تعليمات للمحتجين وأغاني وطنية لبث الحماس بين صفوف المتظاهرين.
ونشرت السلطات الأمنية عناصرها بكثافة في مناطق متفرقة وبشكل خاص في مداخل ومخارج العاصمة، والمناطق القريبة من ساحات الاحتجاج فضلاً عن المنطقة الخضراء التي تضم مقرات الحكومة والبعثات الدبلوماسية الأجنبية. 
وقال متظاهر قادم من كربلاء عرف عن نفسه باسم "أبو الفضل"إن "الكثير من المحتجين كانوا ينوون القدوم إلى بغداد، إلا أن أنباء إغلاق الطرق حال دون ذلك". 
وأضاف أن الناشطين في بغداد حثوا بدورهم أبناء الجنوب على عدم القدوم خوفاً من حدوث اضطرابات قد تفضي إلى أعمال عنف. 
وتابع "أبو الفضل"، "نحن هنا اليوم لنقول إننا لن نبارح ساحات الاحتجاجات لحين تقديم القتلة للمحاكم ورحيل الفاسدين". 
واستخدم ناشطون مكبرات الصوت لتحذير المتظاهرين من الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي باقتحام المنطقة الخضراء لتجنب إراقة المزيد من الدماء. 
وقال الناشطون عبر مكبرات الصوت إن "التظاهرات بدأت سلمية وستبقى سلمية"، مشيرين إلى أن هذه الدعوات "مخطط من قبل الفاسدين لجعل التظاهرات تخريبية". 
وكان مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي قد دعوا إلى اقتحام المنطقة الخضراء، انتقاماً من قتل متظاهرين وناشطين في الاحتجاجات. 

الاجهزة الامنية تشدد من تواجدها لحماية مقرات السيادة والسفارات
الاجهزة الامنية تشدد من تواجدها لحماية مقرات السيادة والسفارات

وتماشت هذه الدعوات مع تصريحات أدلى بها زعيم فصيل "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، المقرب من إيران، الذي قال على "تويتر" إن احتجاجات الثلاثاء "ستكون تخريبية، وستؤدي إلى سقوط العديد من القتلى". 
وكان الخزعلي، إلى جانب مسؤولين آخرين في "الحشد الشعبي"، وضُعوا على قائمة عقوبات أميركية صدرت مؤخراً لـ"صلاتهم بقتل المتظاهرين". 
وقامت قوات أمنية ومتطوعين من أصحاب "القبعات الزرق"، بتفيش دقيق قبل الوصول إلى مواقع تجمعات المحتجين. 
ويحظى أصحاب القبعات الزرق بثقة المتظاهرين، وهم عناصر مدنية من "سرايا السلام" الموالية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. 
وفي السياق، خرج الآلاف من المحتجين إلى ساحات التظاهرات في محافظات وسط وجنوبي البلاد وهي بابل، وذي قار، وميسان، وكربلاء، والنجف، والديوانية، وديالى، والبصرة. 
وأغلق المئات من المحتجين مصفاة لتكرير النفط في الديوانية احتجاجا على عدم تلبية مطالب المتظاهرين، وفق شهود عيان، دون تعقيب من السلطات على الفور. 
وقال عبداللطيف كريم أحد المتظاهرين إن "المئات من المتظاهرين اغلقوا اليوم البوابة الرئيسية لمصفاة نفط الشنافية في محافظة الديوانية احتجاجا على عدم تلبية مطالب المتظاهرين". 
وأوضح كريم أن "المتظاهرين رفعوا لافتات تطالب بالكشف عن قتلة الناشطين في الاحتجاجات وإطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين في محافظات وسط وجنوب البلاد". 

المتظاهرون رفعوا لافتات تطالب بالكشف عن قتلة الناشطين في الاحتجاجات

وفي البصرة، أقصى جنوبي العراق، أغلق محتجون الطريق المؤدي إلى حقل الرميلة النفطي العملاق الذي ينتج 1.5 مليون برميل يوميا، وفقا لمصدر أمني. 
وأبلغ مصدر أمني في قيادة شرطة البصرة، بأن "العشرات من المتظاهرين أغلقوا الطريق المؤدي الى حقل الرميلة النفطي غربي البصرة بعد أن اضرموا النيران في إطارات السيارات". 
وأوضح المصدر أن "قوات الامن دخلت في حالة استنفار في عموم محافظة البصرة". 
وتزامت الاحتجاجات المنددة بقتل واختطاف المتظاهرين والناشطين مع الذكرى السنوية الثانية لإعلان العراق "النصر" على تنظيم "داعش" الإرهابي.

وفي هذا الاطار أفاد مصدر أمني عراقي، الأربعاء، أنه جرى العثور على جثة ناشط مدني بعد ساعات على اختفائه، شمالي العاصمة بغداد.
وأوضح المصدر الأمني، مفضلا عدم نشر اسمه لاعتبارات أمنية، أن الناشط علي نجم اللامي، كان قد اختفى مساء الثلاثاء، إثر مغادرته "ساحة التحرير"، وهو في طريق عودته إلى منزله في منطقة "الشعب"، شمالي بغداد.
وأضاف المصدر أنه تم العثور على جثة اللامي المعارض للنفوذ الايراني في محيط منزله، فجر الأربعاء، وهو مصاب بطلقة في رأسه، فارق على إثرها الحياة.

وكان مسلحان مجهولان، قتلا الأحد الماضي، ناشطا في الاحتجاجات الشعبية المناوئة للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة، بينما نجا ناشطان آخران من محاولتي اغتيال في مدينتي كربلاء والعمارة جنوبي البلاد، وفق مصادر أمنية. 
وتتكرر حوادث استهداف الناشطين في الاحتجاجات، ومنها قتل المصور الصحفي أحمد المهنا، طعناً بآلة حادة، واختطاف المصور زيد محمد الخفاجي، الجمعة في بغداد. 

وتعهدت الحكومة مراراً بملاحقة من يقفون وراء عمليات قتل واختطاف الناشطين، دون نتائج تذكر حتى الآن. 

ودعا رئيس الجمهورية برهم صالح، في بيان، المتظاهرين والقوى السياسية للتعاون من أجل اختيار رئيس جديد للوزراء لتشكيل الحكومة ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي يوم 16 من الشهر الجاري. 
بدورهم، دعا ناشطون في بيان باسم "معتصمو ساحة التحرير" رئيس الجمهورية إلى "عدم قبول أي شخصية تقدمها الطبقة الفاسدة" في إشارة إلى الأحزاب الحاكمة. 
وهدد المحجون بالقول، إن "أصوات التظاهرات ستعلو لتصل عقر دارك، والقصر الرئاسي ليس ببعيد" في حال قبول رئيس الجمهورية بمرشح لا يحظى بموافقتهم. 
كما دعا المحتجون رئيس الجمهورية إلى "عقد اجتماع مع رؤساء الجامعات العراقية لترشيح شخصيات وطنية من الكوادر ذات الكفاءة العالية ليتسنى الاختيار منهم لقيادة البلد خلال الفترة الانتقالية ولحين إجراء انتخابات مبكرة". 

المحتجون يطالبون الرئيس برفض كل شخصية تقدمها الطبقة الفاسدة والعمل على اختيار كفاءة
المحتجون يطالبون الرئيس برفض كل شخصية تقدمها الطبقة الفاسدة والعمل على اختيار كفاءة

وافاد ناشط مدني عراقي الأربعاء بأنه تم الإفراج عن عشرة من متظاهري مدينة كربلاء بعدما اختطفهم مجهولون مطلع الأسبوع في طريق عودتهم إلى المدينة جنوب بغداد. 
وقال الناشط أحمد الحسناوي، في تصريح صحفي، إنه "تم الإفراج عن عشرة من متظاهري محافظة كربلاء بعدما اختُطفوا من قبل مجهولين بعد مشاركتهم في تظاهرات ساحة التحرير ببغداد في السابع من الشهر الجاري" موضحا انه "تم الإفراج عن المختطفين في بغداد منتصف الليلة الماضية". 
وتشهد مدينة كربلاء موجة عنف واختطاف وقتل تطال الناشطين من متظاهري المحافظة كان آخرها مقتل الناشط فاهم أبو كلل الطائي أثناء عودته من مظاهرات في ساحة التحرير. 
ومنذ بدء الاحتجاجات في العراق مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، سقط 486 قتيلا وأكثر من 17 ألف جريح. 
والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل "الحشد الشعبي" لهم صلات مع إيران، حسب المتظاهرين وتقارير حقوقية دولية. لكن "الحشد الشعبي" ينفي أي دور له في قتل المحتجين. 
ورغم استقالة حكومة عبدالمهدي وهي مطلب رئيسي للمحتجين، إلا أن التظاهرات لا تزال متواصلة وتطالب برحيل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم البلاد منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.