العراق.. اضطهاد المتظاهرين وتصدّع الميليشيات

في مقتل سليماني يُشار إلى قادة ميليشيات العراقية بالتورط ومنهم رهن التحقيق الايراني ويطُرح اسم الخزعلي.

بقلم: مهند البراك

في الوقت الذي تتصاعد فيه انتفاضة تشرين الباسلة و يزداد تأييد الجماهير العراقية بأطيافها لها رغم انواع الصعوبات، تزداد ميليشيات الطرف الثالث المتنوعة حقداً وعنفاً ولا مبالاة لا بالدستور و الضوابط العسكرية ولا بالأعراف الاجتماعية  .

ورغم اجواء السرية والقداسة الرهيبة التي صنعها قادة تلك الميليشيات وقادة (الحشد الحكومي)، الاّ ان اخباراً من مصادر هامة في الحشد و الحرس الثوري الإيراني تتناقلها وكالات انباء عالمية مستقلة تفيد بأن مقتل الجنرال سليماني، اصاب فيلق القدس الايراني اصابة جسيمة ادّت الى تفرّق ميليشياته العراقية بين تلك العائدة لمرجعية قم و بين العائدة لمرجعية النجف.

بل وادىّ إلى توقيف عدد من قادة الميليشيات العراقية رهن التحقيق الايراني في مقتل سليماني. يتداول في هذا الخصوص اسم قيس الخزعلي قائد ميليشيا العصائب، في وقت يلتجئ فيه السيد الصدر الى قم لأسباب متنوعة، اضافة الى انسحاب اعداد من قادة الميليشيات الى الجوار خوفاً من استهدافهم كما حدث للجنرال سليماني و ابو مهدي المهندس، وفق تلك المصادر و ما يتحدث به مختصون و قادة حكوميون اسلاميون عراقيون سابقون، على شاشات الفضائيات و على مواقعهم الإلكترونية  .

ومنذ ذلك الوقت، تشهد اوساط (الحشد الحكومي) تنافسا فيما بينها لاختيار من يخلف المهندس لمتابعة امور الحشد في العراق، وتتمثل تلك المنافسة بين الفصائل الموالية لايران والفصائل الموالية لمرجعية النجف، في وقت ذكر فيه عدة (قياديين شيعة) لموقع مدل ايست آي الاخباري، انه (إذا لم تعمل الحكومة على تقليص النفوذ الإيراني في جهاز الحشد فان جميع الفصائل المرتبطة بالنجف تهدد بالانسحاب منه).

إذا ما انسحبت الفصائل المرتبطة بمرجعية النجف من هيئة الحشد فان الفصائل الاخرى الباقية المدعومة من الخارج؛ ستفقد قدرتها على صد أي اتهام محلي وعالمي بانتهاكات حقوق الانسان في مواجهة المتظاهرين السلميين، وعلى صد اتهامات الفساد لها، ويتفق عملياً مع محاولات ابعاد العراق عن صراعات اقليمية ودولية. ويرون بان النجف ترى في الفراغ الذي حصل بعد مقتل سليماني والمهندس فرصة كبيرة لتولي زمام امور مؤسسة عسكرية مهمة وابعادها عن ايدي قياديين موالين لايران، وارجاعها عمليا لسلطة عراقية، الأمر الذي لم تستطع تحقيقه الحكومات المتعاقبة طيلة ست سنوات مضت، رغم محاولاتها المتنوعة التي كانت تواجه بالرفض.

إلا أن ما حققته انتفاضة تشرين الباسلة بمطالبها العادلة المشروعة و بطولة و تضحيات شاباتها وشبابها الذين ووجهوا بالعنف المتنوع الهمجي الذي لا يكف عن التصاعد و لكون العديد من شبابها (او من بناتهم و ابنائهم) كانوا من المقاتلين البارزين في صفوف وحدات الحشد الشعبي الميدانية التي لبّت مبكراً نداء مرجعية النجف العليا في مقاتلة داعش الاجرامية، سيؤدي الى مواجهات مسلحة بين وحدات مرجعية النجف للحشد المؤيدة للتظاهرات، و الميليشيات التي هيمنت عليه (على الحشد)، المعروفة بمواقفها الوحشية من الانتفاضة السلمية لرعبها مما ادّت اليه لحد الآن، و رعبها من فقدانها كينونتها و امتيازاتها اللامشروعة.

وعليه ينتظر عديدون كما يتسرب من اخبار من الحشد، ان تحقق الفصائل الكبيرة الموالية لمرجعية النجف (أبو الفضل العباس، الإمام علي، انصار المرجعية، علي الأكبر) مطالبها باستلام مواقع عليا في الحشد الذي تتخلخل صفوفه، كما مرّ في محاولة جادة لإرجاع الحشد الى موقعه الطبيعي موالياً للعراق وخاضعاً للقيادة العراقية بعيدا عن قضايا فساد كبرى ومكاسب اقتصادية للخارج و للأجندات الاقليمية، في وقت عبّر عنه احد قادة النجف بكونه مناسب جداً، خاصة وقد أبلغ الايرانيون عددا من قادة الفصائل الموالية لهم، انهم سوف لن يقوموا بتقديم اية مساعدات مالية او اسلحة لهم بعد الآن، أثر لقاء وفد ممثل السيد السيستاني بقيادة الحشد.

كاتب عراقي