العراق.. الإسلام السياسي في عُزلة

بمرور الوقت أصبح الإسلام السياسي في العراق يواجه شبح الموت البطيء فلم يعد هناك من ينصت لداعية أو قائد سياسي يتكلم عن العرض أو عن الأمانة أو عن الوطنية إلا ووضعت طينته بخده.

بقلم: ستار الحَسني

بدخول الأميركيين عام ٢٠٠٣ وسقوط نظام الحكم وصل الإسلاميين أخيراً إلى دفة الحكم، وبعد سنيين معدودة من السيطرة على مقدرات البلاد، لم يحسن قيادة الدولة، والخروج بها من المصير المجهول إلى بر الأمان، بل أُدخل في معمعة من الصراعات الداخلية كالطائفية والقومية، وعلى إثرها سالت دماء الأبرياء زورا وبهتانا، ووصل الحال من الاقتتال في داخل الطائفة الواحدة، فقد نشبت صراعات بين الأحزاب والحركات المسلحة على تقاسم السلطة وسرقة ثروات البلد.

اتسمت هذه الأحزاب والحركات بالكذب، والوعود التخديرية للشعب، مما ولد سخط وامتعاض لدى المجتمع، فأصبح يقارن بين العلمانية والرأسمالية، مقابل الإسلام السياسي الحالي، ذو التجربة الفاشلة لقيادة الدولة.

كانت ردة الفعل جلية في مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت الوسيلة المثلى والمستساغة للتعبير عن الرأي، في ضل التطور التكنلوجي، فكانت السخرية والنقد أبرز معالم الاعتراض على استمرار هذه الفئة في الحكم.

الفوارق الطبقية التي أنتجها فساد الطبقة الحاكمة وهلامية الدولة، أثر في تفكير الطبقة الوسطى والفقيرة، ذات التأثير المجتمعي والثقافي الكبير، فأغلبها من الشباب العاطل عن العمل رغم المؤهلات التي يمتلكها، فهو لا يضمن حياة كريمة له في ضل هؤلاء السياسيين، وأصبح يفكر بعيش تجربة جديدة سواء من اليمين أو اليسار، المهم أن تلبى طموحاته بعيش حياة حرة كريمة.

بمرور الوقت أصبح الإسلام السياسي في عزلة، باتت تهدده بشبح الموت البطيء، فلم يعد هناك من ينصت لداعية أو قائد سياسي، يتكلم عن العرض أو عن الأمانة أو عن الوطنية "إلا ووضعت طينته بخده".

بعد هذه المرحلة السيئة، والتيه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفهم المصطلحات المحددة للدولة الديمقراطية كل حسب رغبته أو تفسيرها على مقاس مخططاته لحصد النتائج المرجوة، ففسرت الديمقراطية بالعبثية، والدولة الشفافة بالعميقة، والوطنية بالتبعية، كما “زاد الطين بلة” نشوء الفوارق الطبقية الواضحة بين المجتمع، نتيجة لفساد الحكومة وانعدام الحد الأدنى من العدالة في توزيع الثروات على الشعب، فأصبح هناك مواطن من الدرجة الأولى، ومواطن من الدرجة الثانية، ومواطن من الدرجة الثالثة والأخير يموت في أغلب الأحيان جوعً أو مرض نتيجة لعدم قدرته على دفع تكاليف حياته اليومية.

اشتراك المؤسسة الدينية في ذنب الصمت عما يحصل من انتكاسة على جميع الصعد، ورفاهيتها يضعها في موضع الاتهام من قريب أو بعيد، وبعدها عن الحياة اليومية للمجتمع، وبالأخص الاقتصادية منها، أدى

اشتراك المؤسسة الدينية في ذنب الصمت عما يحصل من انتكاسة على جميع الصعد، ورفاهيتها يضعها في موضع الاتهام من قريب أو بعيد، وبعدها عن الحياة اليومية للمجتمع، وبالأخص الاقتصادية منها، أدى إلى خلق رأي جمعي يؤكد التنصل عن مسؤوليتها في توجيه وتصحيح الوضع الراهن.

إلى خلق رأي جمعي يؤكد التنصل عن مسؤوليتها في توجيه وتصحيح الوضع الراهن.

كاتب عراقي

ملخص لمقال

مرحلة جزر الإسلام السياسي في العراق