العراق.. الإهانة الإيرانية وصمت الحكومة

ممثل الولي الفقيه علي خامنئي في العراق مجتبي الحسيني لم يقل جديداً في الجوهر عن العراق وحكومته وبرلمانه فقد عودت عمائم طهران العراقيين على أن تقول ما لا يرضونه وتكرر القول وسط صمت حكومي مريب وشعبي أكثر ريبة وحزبي مثير للشبهات.

بقلم: عامر القيسي

في صراع السيادات لا وجود للضعفاء والمترددين واللاعبين على الحبلين ومنتظري العطايا والإشارات من خارج الحدود. السيد الإيراني ممثل السيد خامنئي في العراق مجتبي الحسيني لم يقل جديداً في الجوهر عن العراق وحكومته وبرلمانه الراحل بسلام، فقد عودتنا عمائم طهران على أن تقول لنا ما لا نرضاه وتكرر القول وسط صمت حكومي مريب وشعبي أكثر ريبة وحزبي مثير للشبهات.

علينا أن نقارن أيهما اكثر قوة في القول "بغداد عاصمة الإمبراطورية الفارسية القادمة" التي قالها علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في الثامن من آذار 2015، حيث اضاف ان "إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، وبين قول مجتبى في 12 من آب الحالي". العبادي منهزم نفسيا أمام أميركا وخضوعه لها والوقوف معها في مؤامراتها على إيران".

وحتى يتمم الرسمي الشعبي، فقد رفضت إيران استقبال العبادي في صفعة جديدة لما قاله الرجل من أنه لا يريد تعريض مصالح العراق للخطر بسبب العقوبات الاميركية على إيران.

ولأن الأقربين أولى بالرد فقد صفعه الجعفري وزير الخارجية بصفعة "ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب"، قال ‏المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أحمد محجوب، في بيان للوزارة، إن "العراق يرفض مبدأ الحصار على أية دولة والذي يلحق الضرر بالدرجة الاساس على الشعوب بمختلف شرائحها الاجتماعية"، مضيفاً "كما ويستحضر العراق مواقف الجارة إيران المشرفة في الوقوف الى جانبه في الازمات"!

ولأن السيد العبادي لا يحب كثيراً حوار العجائز في درابين بغداد الضيقة، فإنه فضّل الصمت على سيرة الحكمة التي تقول "إذا كان الكلام من فضّة فالصمت من ذهب"!

استمر العبادي في جني الذهب من الحكماء، حتى وإن رفضت إيران استقباله، فتبيّن له أن الذهب كان تبناً! واكتفى برفض المجلس الوزاري للأمن الوطني برئاسة العبادي التفسيرات التي وصفها بـ"الخاطئة" لموقف العراق من العقوبات على إيران، مؤكداً على عمق العلاقات بين البلدين والمصالح الكبيرة التي تربط بينهما وأهمية الحفاظ عليها".

إذا كان العبادي يراهن على دعم إيران له لتولي الرئاسة الثانية، فقد وقع الرجل في وهم جديد ، ذلك أن ما يحاك حوله وبينه ومن خلفه لا يقرأ إلا بكونه عملاً ممنهجاً لحرمانه من سعادة الولاية الثانية، وهو الذي ضيّع فرصاً ذهبية حقيقية للانطلاق مرشحا قوياً لهذه الولاية، ولات الساعة ندم!

والسؤال: هل تستحق الولاية الثانية الصمت على الإهانة الإيرانية ومن داخل الأراضي العراقية؟ ربما في قاموس ساسة اليوم يكون الجواب بـ"نعم"، فالغايات تبرر الوسائل كما يقول الراحل ميكافيلي، والكرسي أصدق أنباءً من الكتب في حدّه الحد بين الجد واللعب، فلا مجال للمبادئ، ومنها السيادة المفترضة في لعبة الكراسي الجهنمية.

العبادي رجل غارق بالأوهام كما في وهم اليد الحديدية التي تحولت مع مرور الزمن الى خشبية، كما في حصر السلاح بيد الدولة فيما ضجيج معارك العشائر  بالمتوسط والثقيل تقلق نومه القلق بالأساس، كما في سيادة العراق التي انتهكها بفضاضة مجتبي الحسيني، كما في فائض الكهرباء الذي كذّبه وزير الكهرباء، كما في حواره مع رؤساء قبائل لم يصلوا أساساً إلى ساحات الاحتجاج، ممنياً النفس بالخروج من الأزمة على قوارب مثقوبة، كما في عدم إحساسه بأن ضربة الإطاحة به ستأتيه من رفيق الدرب المالكي أقرب أصدقاء إيران ومحبيها.