العراق.. الفساد المغلف بالمقدس

توظيف الخبرة في تسفيه عقل العراقيين وتزييف وعيهم وتعويق مخيلتهم بالمظاهر والألقاب حتى جعلتهم يرون الدجالين أكثر علواً من الله والمليشيات الإرهابية طيور أبابيل.

بقلم: حسن حاتم المذكور

على جغرافية الوجع العراقي، ومنذ ستة عشر عاماً، يؤبن العراقيون موتهم، في مجزرة يستورثها جلاد من آخر، الوطن كان الجريح، والجريمة تُرتكب في بيوت الله، انتحر العدل والأمن والسلام، والعراقيون يستجيرون في غضب الله المؤجل، لا وقت لغضب الله، حيث التبس الأمر على قيم السماء، في زحمة اكاذيب الوسطاء، فالشيطان أغراهم، شرعن لهم معروف اللذة، ومنكر السلوك الإنساني، وعلمهم شطارة الاحتيال، في اصطياد الوعي واغتيال الضمائر، فانقلبت الأشياء الى نقيضها، وأصبح سافلها عاليها، ضحكت المراجع (العظام!) على ذقن شيطانها، واتقنت خبرته، تعقدت الأمور بوجه العراقيين، يرجمون عدو الله في مكة، ويتبعون مراجعه في العراق، حتى سقطت الأقنعة عن مقدس الفساد، تقرير فضائية الحرة، كان صريحاً مفصلاً رصيناً مهنياً لا يقبل الشك، وعلى مراجع الشيطنة ان تثبت عكسه، لا أن تستعين بالقمع الكفائي، مرفقاً بإيضاح كمن “عذره اقبح من فعله”.

كذبت المراجع وأحزابها عبر تاريخها، صدقت نفسها ووظفت خبراتها، في تسفيه عقل العراقيين وتزييف وعيهم عوقت مخيلتهم بالمظاهر والألقاب، جعلتهم يرون الدجالين اكثر علواً من الله، والمليشيات الإرهابية طيور ابابيل، وتمدد المقدس، ليفترس القيم الإنسانية والوطنية، اللحى والأحجار الثمينة، في خواتم (السماحات مقدسة)، اطارات الدفع الرباعي والطائرات الخاصة، ومستوطنات الفرهود وحوانيت المتعة مقدسة، سرقة الثروات الوطنية وتهريب التاريخ العراقي مقدس، يقدسون ضواحي كربلاء والنجف، ويختلسون المال العام، ويتشاطرون في طرق الفساد، من داخل وباسم الأضرحة المقدسة.

تجنيد جياع الأمة في مليشيات شريرة، تقاتل اهلها، يفتون لمحاربة داعش، فتكون الضحية مطاليب الناس المشروعة الحافية، في خطب الجمعة، يدعون الى وحدة الشعب، ثم يسلحون العشائر لأنهاك الدولة وسحق القانون، يوصون فقراء الأمة بالقناعة، ويسرقون رغيف خبزهم، لا يهمهم ان تكون ضحايا العوز، ارملة متسولة حافية او تبحت عن قوتها في مزابل الميسورين، او اماكن لا تليق بسمعة العراقيات، عليها فقط ان لا تنسى الحجاب، يدّعون الفضيلة والمعروف والدين والمذاهب والشعائر، ويعملون من الوقفين الشيعي السني، وكذلك العتبتين الحسينية والعباسية، مؤسسات تجارية نفعية محشوة بفضائح الفساد المقدس، لكل مرجع او حزب اسلامي مليشيات دموية، تؤدب المواطن اذا ما اخرجه العوز والأذلال عن طوره، هكذا تمكنت المراجع وأحزابها، من محاصرة انتفاضة الجوع في الجنوب، في عقر نقطة الانفجار، طائفيون منحطون يقتلون العراق، ويتباكون خلف جنازته.

جميع (طراطير) الأحزاب الإسلامية الفاسدة، خرجت من ضلع المراجع الدينية، شيعية وسنية، يمذهبون الجهلاء والأغبياء والمغفلين، بيئة تتحرك فها شياطينهم، في محرم من كل عام، يفتحون كربلاء في حياة العراقيين، مجزرة فوق اخرى، وعلى ركام النكبة، وعلى الهواء، ومن عشرات الفضائيات ومئات الحسينيات والاف المجالس، وبلا حياء يتنافقون على اسم الله، طفيليون يفترسون عافية المجتمع، ويشربون دماء الضحايا، كل منهم وكمندوب (سامي) إيراني، يجندون العراق لجهادهم، كفيلق يفتح مجرى الدم العراقي، ليسقي جفاف الحصار، بأنياب ومخالب ايرانية ويمزقون الجسد العراقي، ويخنقون الصوت المستغيث للانتفاضة الوطنية في الجنوب والوسط، ويحاصرون النفس الأخير في نقطة الانفجار، الانفجار الوطني الذي ستصرخ وتهتف به حناجر الملايين، لمسح فسادهم الديني والمذهبي والقيمي.

كاتب عراقي