العراق.. الميليشيا الخارجة على السلطة تُقدم نفسها سُلطة

تصريحات كتائب حزب الله وأمثالها من مجموعات مسلحة هي فضح لخطاب التعمية على حقيقة إرهابها وارتكابها الفظاعات والجرائم بحق الشعب.

بقلم: تيسير عبد الجبار الآلوسي

أوردت أنباء من داخل الوطن المنهوب والشعب المسلوب، تصريحات دأبت إذاعات نظام الطائفية على تردادها معزوفة تريد بها توكيد إسلاميتها وهي ضد الدين وضد المسلم وتريد توكيد شعبيتها وهي ضد الشعب فلا هي مع دين المسلم ولا هي مع الشعب بخاصة وقد افتضح تخريبها الدين واعتدائها السافر على حرية الاعتقاد ومصادرتها طقوس الناس وإحلالها طقوسها المصطنعة لتكون فرضا على من استعبدته فيما نؤكد هنا أيضا افتضاح كونها ضد الشعب لأنه ثائر منذ أشهر من أجل حقوقه المغتصبة وحرياته المستلبة المصادرة، عليه فترهات تلك المعزوفة انتهت بثورة الشعب وبات واجبا متابعة فضحها والتصدي لها لإنهائها ووقف آثارها وتداعياتها كليا، تجدون الخبر بنصه في نهاية المعالجة لكننا نأمل أن نجد أصواتكم الحرة الأبية  هنا ترافق معالجتنا.

ردّت ميليشيا مسلحة تسمي نفسها "كتائب حزب الله" على قيام جهة أمنية رسمية حكومية من بنية الدولة العراقية، بمطاردة خارجين على سلطة الدولة، بأنها أي الكتائب رصدت التحرك ووصفته بالأمريكي المريب كما وصفت التعرض لعناصر الإرهاب الميليشياوية بأنه عملية تروم تحقيق أهداف مشبوهة!

لكن في العمليات التي تتبناها وتمارسها السلطات الرسمية، مَن المشبوه فيها؟ الميليشيا الخارجة على سلطة الدولة أم قوات الدولة عندما تطارد تلك القوى وتحاول فرض النظام وهيبة الدولة وتحاول، نؤكد على مفردة تحاول مرة أخرى، نقول تحاول، ببعض الأحيان، منع الميليشيات العنفية المسلحة من ابتزاز المواطن البريء الفقير.

إنّ تسمية الميليشيات المسلحة (مقاومة) ومحاولة إيهام الناس بتلك التسمية؛ لن يكفيها، لتستطيع مخادعة الفقير المنهوب، نعم المنهوب لا بثروته بل بوجوده، ومنهوب في حقوقه وحرياته، عليه فإن إسقاط تسمية مقاومة لم يشرعن لتلك الميليشيات لا وجودها وتشكيلاتها الفاشية الطابع، إرهابية الهوية، ولا إجرامها الذي يواصل ابتزاز الناس واستغلالهم بل استعبادهم! كما أن إسقاط القدسية والشرعية على وجود تلك الميليشيات أو جناح منها بوصف(حشدها) بـ(الشعبي)، أمر يتنافى وكون الشعب قارع إجرامهم طوال الـ17 سنة العجاف بصدور أبنائه العارية وقد بات منذ أشهر طوال ثائراً على إجرامهم في عراء الشوارع مكافحا من أجل استرداد حقوقه وحرياته.

فممن يريد استرداد تلك الحقوق والحريات؟ أليست السلطة منذ 17 سنة هي بين أيدي تلك الميليشيات وزيف تبرقعها بالدين السياسي وعمامته الدعية؟ إن لم يكن استرداد الحقوق من نظام حاكم اتسم بكونه جوهريا نظاما لصوصيا مفسداً، ارتكب كل الفظاعات ببلطجة ميليشياته المسلحة التي يحتمي بإجرامها فممن يريد استرداد الحقوق؟!

وبعد كل تلك الفظاعات الإجرامية الإرهابية وطابعها وهويتها الفاشية، تدعي، تلك الميلشيات، أنها هي القدسية وأنها هي الشعب!! فيما الحقيقة التي توصل غليها الشعب من معاناته وفواجعه أن تلك الميليشيات إنما تتحكم برقاب الناس عبيداً لإجرامها باسم قدسية زائفة يدّعونها ويزعمونها زوراً وبهتانا!

إنّ الطريق للتغيير الكلي للنظام ونهجه وإنهاء الطائفية بواجهة (إسلامها السياسي) إنما تفضح أنه فعل سياسي بحت لا علاقة له بدين بل هو بجوهره ضد الدين وخراب لمنطقه عندما يلتزم إرادة الإنسان وحرية الاعتقاد حيث التعايش والتآخي والسلام؛ مثلما يفضح إسلامهم السياسي كونه خراب مجمل حيوات الناس وأوضاعهم لوجهي نهجه من فساد ينهب الناس وعنف يُرْهِبُهم، إذن، ينبغي أن ينتهي الشعبُ من تلك الغمة ممثلة بحفنة لصوص عتاة في إجرامهم الفاشي الذي شهده الشعب بوجوده في شوارع الثورة الوطنية.

لقد تأكد الشعبُ أنَّ الميليشيا هي سلاح نظام الفساد المافيوي وطاقة العنف الإجرامي فيه، وهي بكل تسمياتها من (مقاومة إسلامية و-أو حشد يصفه دجلا وتضليلا بالشعبي) لا علاقة لها لا بالإسلام يوم تعلق الأمر بالمسلم وحرية اعتقاده بدين ولا بالشعب وجوداً. فدين الناس ومعتقدهم جوهره الأمن والأمان والتعايش والسلام ووصايا يترسمون بها السلامة والهدوء والطمأنينة بين أبناء الوطن أما وصف أمر بالشعبي فالشعب ثائر لإنهاء ظواهر إفقاره ولجم جرائم نهبه ووقف إفشاء تبطّله.

وعليه فإن تصريحات تلك الكتائب وأمثالها من مجموعات مسلحة هي فضح لخطاب التعمية على حقيقة إرهابها وارتكابها الفظاعات والجرائم بحق الشعب الأمر الذي يُعدُّ إصراراً على قباحةٍ بلا خجل ولا وجل، قد يتسم به طرف، بالتأكيد ليست الميليشيات أيَّ طرفٍ ممن نشير إليه.

إننا نتطلع هنا في إطار وقف تفشي الجريمة ونظامها المتسلط على رقاب الناس إلى تركيز السلطة بيد الدولة على أن يكون ذلك بتسليح تلك السلطة بالعقيدة العسكرية (الوطنية) حصراً؛ وبنهجها القائم على تنفيذ مهام حماية الشعب وحقوقه وصيانة حرياته بخلاف ما ترتكبه الميليشيات اليوم من إضعاف سلطة الدولة واختراقها بنيويا هيكليا كيما تبقى تابعة لوجودها المنفلت من عقال الأمن والأمان والاستقرار والسلام!

إننا ندرك أنه حتى تلك القوات الممثلة للدولة اليوم، قد جرى اختراقها طولا وعرضاً وأنها تُجيّر ببرامجها لمآرب الميليشيات إلا أن الطريق إلى الحقوق والحريات وإلى نظام بديل وعرة ملبدة بغيوم كأداء ولهذا نصر على مراحل التوجه في المتاح من إجراءات تبدأ بتحجيم تلك الميليشيات ومحاصرة إجرامها ونزع سلاحها فحلها كليا ومنع اختراقها بنية القوات المسلحة وطبعا وبالتأكيد وقف خطابها وإسقاطاته من مصطلحات (مقاومةـ انتساب مضلل لدين أو توصيف بالشعبي) وكل من دين الناس وسلامهم والشعب وإرادته قد فضحهم وقرر الخلاص كليا من منظوماتهم ونهجهم التخريبي المدمر.

فلنكن على وعي تام اليوم، وقد كانوا بالأمس القريب، قد استمرأوا المجيء على ظهر دبابة أجنبية لا يمكن أن يستمر الصمت على جرائم تدمير البلاد وتفكيك بنية حماتها وتشويه عقيدتهم الوطنية ولا يمكن بالتأكيد قبول استمرار إحلال سطوتهم وتضخم وجودهم.. وقد بات لزاما على من أتى بهم وساعد على وجودهم أن يتحمل مسؤولية تلبية القرار الشعبي بإزاحتهم كليا نهجا ونظاما وعليه بات الضرورة تحكم بـ:

إنهاء خطاب التعبئة المضلل القائم على التمترس خلف البرقع الديني من إسلام سياسي وقدسية زائفة يدعونها، وإنهاء التخندق الشكلي الذي يحاول الايهام بالانتماء للشعب والشعب ثائر اليوم ضده.

الشروع بتحجيم تلك المجموعات المسلحة ونزع سلاحها ثم إعلان حلها نهائيا وكليا، ومنع تشويه تركيبة القوات المسلحة الوطنية بدمج تلك العناصر حاملة الأجندات غير الوطنية، وبذات الوقت تقوية بناء الجيش وعموم القوات المسلحة وتوظيف مهمة البناء العسكري المهني مع تمكين العقيدة العسكرية الوطنية في خطاب هذه المؤسسة.

كاتب عراقي