العراق.. تارة فارس والقاتل المعلوم

مشروع الموت الشامل يترافق مع قواعد الفساد المطلق الذي فرض شروطه على العراق منذ تحولت السلطة والقانون إلى يد عصابات الجريمة المنظمة ومافيات السياسة والمخدرات وتجارة الإرهاب والتهجير وغيرها من فنون الجرائم التي لا يعرفها المجتمع العراقي من قبل وفي ظل أعتى الدكتاتوريات التي حكمته.

بقلم: فلاح المشعل

جرائم مستمرة تسجل ضد مجهول، قتل لأهداف محددة لإثارة الرعب والمناخ الداعشي، قتل واعتقالات يستهدف الناشطين المدنيين ومن يؤازرهم، قتل لنخب من الأطباء والقضاة والأكاديميين، قتل متواصل يؤكد خضوع العراق لسلطة القتلة وأساليبهم الوحشية في الانتقام من الآخر المختلف أو المعارض أو النزيه. تارة فارس حلقة في سلسلة القتل المثير للرعب.

كذا الحال مع سحر الابراهيمي وقبلها سعاد العلي ورشا الحسن ورفيف الياسري، وأسماء أخرى لا تحضرني من النساء والرجال بمختلف المهن والاختصاصات، في سعي محموم لتثبيت ثقافة طالبان والقاعدة بتوجهات مذهبية وأخرى سياسية وثالثة بدافع صفقات عهر سياسي، والقاتل مجهول! لم تخبرنا لجان التحقيق عن القاتل "المجهول" منذ جريمة جسر الأئمة وتفجير مرقد الإمامين (ع) ومئات بل آلاف الجرائم التي أطاحت بالسلام الاجتماعي وثبتت حقيقة أن البلاد تحولت لغابة تهيمن عليها وحوش السلاح والجريمة.

مشروع الموت الشامل صار يترافق مع قواعد الفساد المطلق الذي فرض شروطه على العراق، منذ تحولت السلطة والقانون من يد الدولة الى يد عصابات الجريمة المنظمة، ومافيات السياسة والمخدرات وتجارة الإرهاب والتهجير وغيرها من فنون الجرائم التي لا يعرفها المجتمع العراقي من قبل وفي ظل أعتى الدكتاتوريات التي حكمته.

قتل النساء لا يعرب عن إجراءات الجريمة المنظمة وحسب، إنما يحمل معه مركب عقد المجتمع الذكوري الشرقي والعشائري الذي يكرس مفاهيم للشرف ترتبط بالحواس الجنسية فقط، بينما يهمل أهم مركز للشرف الإنساني هو "الضمير"، الأمر الذي يغري بقتل العنصر الأنثوي في انتقام عبثي لعقده النفسية المتراكمة .الواقع السياسي الذي صادر قوة القضاء وسلطة القانون أطلق يد الجريمة المتنوعة والمتعددة في إبادة ثقافة مجتمع كان يقوم على الاعراف الطيبة أو الخوف من عقاب القانون وصرامته، أما وقد تحولت السلطة لأيدي القتلة وشذاذ الآفاق.. فماذا سيكون الحال غير انتشار الجريمة والقتل بدم بارد.

هل كان القاتل مجهولاً؟ الجواب كلا، فالقاتل هو النظام السياسي وعصابات الجريمة السائبة وتراجع دور القضاء وضعف سلطة القانون وفتاوى القتل وتحريض الإعلام وفلتانه الأخلاقي، اضافة للطبقة السياسية المهيمنة التي نهبت المال العام وتركت الشعب تحت أنياب الوحوش، فجاء القتل ليغطي على هذه الجرائم الكبرى التي يرتكبها القاتل المعلوم.