العراق يحكم بالمؤبد على ثاني جهادية فرنسية

محامي المتهمة يطالب بالإفراج عنها كونها تعرضت "للخداع" من قبل زوجها واكراهها على الانتقال إلى مناطق نفوذ تنظيم الدولة الاسلامية.

محامون يتهمون فرنسا بالتخلي عن مواطنيها الإرهابيين
وزير الخارجية الفرنسي يعتبر ميلينا بوغدير ارهابية من داعش
محامون فرنسيون يسألون بوغدير عن انتمائها لشرطة داعش
معتقلو داعش الأجانب معضلة في العراق ودول المنشأ
فرنسا تعرب عن احترامها للهيئات القضائية العراقية

بغداد - أصدرت المحكمة الجنائية العراقية الأحد حكما بالسجن المؤبد على الجهادية الفرنسية ميلينا بوغدير بعد إدانتها بتهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، فيما اتهم محاموها فرنسا بالسعي لمنع مواطنيها الذين تحولوا إلى جهاديين من العودة إلى بلدهم.

وقال قاضي المحكمة الجنائية المركزية المتخصّصة بقضايا الإرهاب إن "المحكمة وجدت أن الادلة المتحصّلة كافية لإدانة المجرمة ميلينا بوغدير بالسجن المؤبد" أي لمدة عشرين عاما، وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي تصل العقوبة فيه إلى الإعدام.

وفي فبراير/شباط حكم على بوغدير (27 عاما) الأم لأربعة أطفال، أعيد ثلاثة منهم إلى فرنسا، بالسجن لمدة سبعة أشهر بعد إدانتها بـ"الدخول إلى العراق بطريقة غير شرعية".

وأصدرت المحكمة ذاتها في 22 مايو/ايار، حكما بالإعدام شنقا بحق طارق جدعون، الجهادي البلجيكي الذي عرف باسم "أباعود الجديد"، نسبة إلى مواطنه عبدالحميد أباعود، أحد منفذي اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015 في فرنسا والتي خلّفت 130 قتيلا.

وبوغدير ثاني فرنسية يحكم عليها بالسجن المؤبد في العراق، بعد أقل من شهرين على صدور حكم مماثل بحق الجهادية الفرنسية جميلة بوطوطعو (29 عاما) التي دينت بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

وحضرت بوغدير جلسة الأحد، مرتدية اللباس الشرعي وحجابا أسود وهي تحمل طفلتها على ذراعها.

ودافعت بوغدير باللغة الفرنسية بمساعدة مترجم خلال المحاكمة عن نفسها قائلة "أنا بريئة"، مؤكدة أنها تعرضت للخداع والاجبار من قبل زوجها الذي هدّدها بأخذ أطفالها في حال عدم الذهاب إلى سوريا والعراق.

وأضافت "أنا ضد أفكار الدولة الإسلامية ولا اؤمن بعقيدتها" ونددت بتصرفات زوجها الذي يحمل الجنسية الفرنسية كذلك.

وذكرت هذه الشابة أن زوجها الذي ارتبطت به قبل خمس سنوات لا تعرف مصيره منذ أن غادر في أحد الأيام "لجلب الماء".

وكانت بوغدير أوقفت صيف 2017 في الموصل "عاصمة" التنظيم الجهادي في العراق حينها، فيما يعتقد أن زوجها قد لقي حتفه.

وبذل محاميها العراقي ناصر الدين عبد الاحد جهودا في لائحة دفاع مطولة مطالبا بالإفراج عنها واسقاط التهم كونها تعرضت للخداع من قبل زوجها ومن ثم الاكراه للانتقال إلى مناطق نفوذ تنظيم الدولة الاسلامية.

الجهادية الفرنسية ميلينا بوغدير
ميلينا بوغدير ارهابية وأم لأربعىة اطفال

وقال خلال المرافعة "من الواضح أن ميلينا كانت مختطفة من قبل زوجها وهذا مدوّن لدى محكمة التحقيق حيث أنها تعتبره خاطفا وليس زوجا، كما أنها لم تنتم بأي شكل من الأشكال وأدانت جرائمه".

وأضاف "كما أنه لا تنطبق عليها تهمة التستر كونها علمت بانتماء زوجها وهي خارج الأراضي الفرنسية ولم يكن لديها أي وسيلة للهرب".

بدورها، أكدت ميلينا أنها فكرت في الهرب وقامت بالاتصال بعائلتها من أجل المساعدة، لكن مع أطفالها الأربعة في ظل حكم الدولة الإسلامية كان الأمر مستحيلا.

وبعد انتهاء مرافعة المحامي العراقي طلب المحامون الفرنسيون الثلاثة الذين وصلوا من باريس إلى بغداد للدفاع عنها، تقديم بعض الأسئلة إلى ميلينا كجزء من المرافعة.

وقال مصدر قضائي إن ثلاثة من الأسئلة التي وجهها المحامون لم تصبّ في صالحها، موضحا أن "المحامين سألوها حول عملها في الشرطة الاسلامية وسبب ابتسامتها في إحدى الصور في منزلها في مدينة الموصل وما إذا كانت تعرف أنها مطلوبة للقضاء الفرنسي".

وقال المصدر إن "المحكمة لم تكن تعرف أنها عملت في الشرطة الإسلامية وميلينا لم تقرّ بذلك بأي مرحلة من مراحل التحقيق وكذلك لم تكن تعرف أنها مطلوبة للقضاء الفرنسي لأن القاضي سألها ونفت ذلك".

وكانت المحكمة قد أصدرت في 17 ابريل/نيسان حكما بالمؤبد بحق الجهادية الفرنسية جميلة بوطوطعو بعد إدانتها بالانتماء إلى تنظيم الدولة الاسلامية، وذلك خلال محاكمة في بغداد ادّعت خلالها بأن زوجها خدعها.

لكن من خلال استجواب بوغدير حول أسباب وتفاصيل دخولها إلى سوريا والعراق، قال رئيس المحكمة الأحد إن "الأدلة التي تم الحصول عليها كافية للحكم عليها بالسجن مدى الحياة".

وقال وليام بوردون المحامي الفرنسي لبوغدير الموجود في بغداد إن "هناك تساؤلات كبيرة بشأن الضغوط التي مارستها فرنسا لإجراء محاكمة جديدة".

300 عدد الجهاديين الأجانب الذين حكمت عليهم محاكم عراقية بالإعدام أو المؤبد منذ بداية العام

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان صرح الخميس بأن بوغدير "ارهابية من داعش قاتلت ضد العراق" لذلك يجب أن تحاكم في هذا البلد.

وفي فرنسا، ذكر مصدر قضائي أن مذكرة بحث صدرت بحق بوغدير في اطار تحقيق قضائي فتح في باريس في 2 اغسطس/اب 2016 بتهمة "المشاركة في عصابة إرهابية إجرامية".

وقال بوردون إن هناك "تناقضا غير مسبوق بين السلطة السياسية الفرنسية والقضاء"، مشيرا إلى أنه وجّه رسالة إلى لودريان مع زميليه مارتان براديل وفنسنت برينغارت.

ويدين المحامون الثلاثة في الرسالة وجود "رغبة في عدم عودة موكلتهم بأي ثمن وخلافا للمبادئ الأساسية"، معتبرين أنه "تدخّل غير مسبوق".

وفي باريس شكّك الرئيس لفخرية لمنظمة "الفدرالية الدولية لحقوق الانسان" باتريك بودوين في صحة المحاكمة، مؤكدا أن المحكمة العراقية "لم تحترم بتاتا" حقوق المتهمة في الدفاع عن نفسها.

وقال بودوين وهو محام في بيان إن "العراق هو حتما دولة ذات سيادة يمكنها محاكمة رعايا أجانب ارتكبوا جرائم على أراضيها، لكن بالطبع بشرط أن يكون لهم الحق بمحاكمة عادلة".

وأضاف "لكن محكمة ميلينا بوغدير جرت بطريقة متسرعة لا تعترف بتاتا بحقوقها في الدفاع عن نفسها".

وندّد بودوين بتصريحات لودريان في خضم محاكمة مواطنته في العراق.

وقال المحامي إن ما أدلى به الوزير الفرنسي هو "إدانة مسبقة" واعتداء على "قرينة البراءة" التي يتمتع بها أي متهم حتى تثبت ادانته.

وهناك عدد محدود من الفرنسيين المشتبه بانضمامهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية، محتجزون حاليا في العراق وسوريا مع عشرات من القاصرين، بحسب مسؤولين.

وحكمت محاكم بغداد منذ بداية العام الحالي على أكثر من 300 من الجهاديين الأجانب بالإعدام أو السجن مدى الحياة، غالبيتهم من نساء من تركيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق.

وأعلنت فرنسا أنها أخذت علما الأحد بالحكم على الفرنسية ميلينا بوغدير بالسجن المؤبد في العراق لانضمامها إلى تنظيم الدولة الإسلامية، مؤكدة احترامها "سيادة الهيئات القضائية العراقية".

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية "نشير إلى أن الالية القضائية لم تنته وستواصل سياقها. إن فرنسا ستستمر في احترام سيادة الهيئات القضائية العراقية والمسار المستقل للآليات القضائية".