العراق يسعى لإقناع الدول باستعادة مواطنيها من مخيم الهول لإغلاقه

التحدي الأبرز أمام الولايات المتحدة وشركاءها الدوليين فيما يخص المحتجزين في الهول هو مواجهة جهود داعش لدفع من في المخيمات إلى التطرف.

بغداد - أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، أن 24 دولة من أصل 60 بدأت بسحب رعاياها من أُسر عناصر تنظيم داعش من مخيم الهول في سوريا، حيث يسعى العراق لإغلاق مخيم الهول في سوريا الذي يؤوي عشرات الآلاف من زوجات وابناء مسلحي التنظيم وأيضا مناصرين للتنظيم المتشدد، وذلك بهدف الحد من مخاطر التهديدات المسلحة عبر الحدود مع سوريا.

وكتب الأعرجي في منشور له على موقع إكس أنه "في مخيم الهول توجد عوائل الدواعش لـ 60 دولة، وبعد جهود العراق المستمرة بدأت 24 دولة بعملية سحب رعاياها". وأضاف أن من تلك الدول "روسيا التي سحبت مؤخراً (32) طفلا (12 فتاة و20 فتى) تتراوح أعمارهم من (5 - 17 سنة)"، مردفا بالقول، إنه "بالوقت الذي نشكر موقف الحكومة الروسية نطالب الدول بسحب رعاياها تمهيداً لغلقه".

وكان النائب عن محافظة نينوى شيروان الدوبرداني قد أعلن في نهاية شهر نيسان/أبريل، عن تسلم العراق لـ185 عائلة من مخيم الهول السوري.

وقال الدوبرداني إن "مخيم الجدعة في ناحية القيارة (جنوب الموصل) تسلم 185 عائلة من ذوي عناصر داعش ضمن الوجبة الـ 15"، مبيناً أن "الحكومة العراقية تسلمتهم من مخيم الهول السوري".

ويبذل العراق جهودا لإغلاق مخيم الهول الذي يعتبر "قنبلة موقوتة" حسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية التي أشارت إلى أن عملية أمنية أخيرة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) داخل المخيم الذي يضم 44 ألف شخص، أسفرت عن العثور على مجموعة كبيرة من الأسلحة، وعشرات المقاتلين من داعش، وامرأة إيزيدية احتجزها التنظيم لما يقرب من 10 سنوات.

وأوضحت الصحيفة أن التحدي الأبرز حاليا الذي يواجه الولايات المتحدة وشركاءها الدوليين فيما يتعلق بالمخيم، هو مواجهة "جهود التنظيم لدفع من في المخيمات إلى التطرف".

كما توجد تساؤلات حول كيفية ضمان عودة الآلاف من سكان المخيمات والمقاتلين المعتقلين إلى بلدانهم الأصلية، قبل أن تشهد المنطقة المزيد من الاضطرابات، بجانب أنه إذا قررت أي إدارة أميركية مستقبلية وقف دعمها لقوات سوريا الديمقراطية أو سحب القوات من المنطقة، فقد ينهار الأمن في تلك المخيمات ومراكز الاحتجاز، مما قد يؤدي إلى إعادة إحياء التنظيم.
ويؤكد المحللون أن التنظيم يعتبر تحرير مرافق الاحتجاز والسجون في شمال شرق سوريا هو الأساس لاستمراريته ونجاحه.
ويدير هذه المرافق أقرب شريك للولايات المتحدة في سوريا، وهو "قوات سوريا الديمقراطية" "قسد" التي لعبت دوراً محورياً في هزيمة داعش ولكن وضعها كجهة غير تابعة للدولة أدى إلى عرقلة الجهود العالمية الرامية إلى معالجة وضع المعتقلين المنتمين إلى التنظيم بشكل دائم. كما أن تركيا، الحليفة الوثيقة للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، تتهم "قسد" بأنها منظمة إرهابية على خلفية صلاتها بتنظيم "حزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.

إعادة الدمج لن تؤدي إلى معالجة جميع المشاكل في شمال شرق سوريا، لكن السيناريو البديل وهو ترك هؤلاء الأفراد لمصيرهم، يولّد خطراً أكبر بكثير على المجتمع الدولي

وتشجع الأمم المتحدة الدول على التحقيق مع الأفراد التابعين لتنظيم "داعش" ومحاسبتهم، ثم إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع. ولكن العديد من الدول حول العالم ترددت أو تباطأت في اتخاذ مثل هذا الإجراء.

ويعمل المجتمع الدولي لإقناع الدول لإعادة المزيد من هؤلاء الأفراد إلى وطنهم، وقد بدأت هذه الجهود في إعطاء النتائج منذ عام 2023 مقارنةً بالسنوات الماضية. فدول مثل ألمانيا وهولندا وكوسوفو قامت بإعادة عدد من الأفراد إلى وطنهم وإعادة دمج العائدين إلى وطنهم، مع محاسبة الأفراد التابعين لتنظيم "داعش" على أفعالهم.

وتقول الباحثة ديفورا مارغولين في تقرير لمعهد واشنطن، أن عملية الإعادة إلى الوطن لا تخلو من المخاطر، ولكن هناك طرق مهمة للتخفيف من تلك المخاطر المستقبلية. على سبيل المثال، يقود "التحالف الدولي ضد داعش، جهداً يجمع الكثير من البلدان المختلفة من أجل التوصل إلى توافق في الآراء، والتي تشمل مشاركة أفضل الممارسات في جمع الأدلة، ومحاسبة الأطراف المسؤولة، وتكييف تقييمات المخاطر مع احتياجات كل فرد ودولة، وابتكار نهج رعاية مراعٍ للصدمات لأولئك الذين يعاد دمجهم. ولن تؤدي إعادة الدمج إلى معالجة جميع المشاكل في شمال شرق سوريا، لكن السيناريو البديل وهو ترك هؤلاء الأفراد لمصيرهم، يولّد خطراً أكبر بكثير على المجتمع الدولي.

لكن المشكلة تكمن غالبا في عدم إيفاء الدول لتعهداتها بإعادة مواطنيها، حيث ذكر موقع "ترينيداد وتوباغو" الاخباري أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" دعت حكومة الجزيرة إلى العمل على استعادة اطفال وامهات من ترينيداد، محتجزين في العراق منذ نحو 7 أعوام.

وأوضح الموقع الاخباري أن هناك 4 نساء من ترينيداد واطفالهن السبعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و15 سنة، مسجونون منذ نحو 7 اعوام، بسبب ارتباطهم المفترض بتنظيم داعش.

وبحسب التقرير سلطات السجون العراقية قامت في 2 مايو/ايار الحالي، باخراج شقيقين، عمرهما 13 و15 عاما، من زنزانة والدتهما في سجن الرصافة للنساء في بغداد، وقامت بنقلهما إلى زنزانة أخرى إلى جانب شبان آخرين.

ولفت التقرير إلى أن المنظمة الحقوقية الدولية تلقت تسجيلا صوتيا من والدة الطفلين أعربت فيه عن مخاوفها من نقلهما الى سجن آخر، حيث أن أحدهما يعاني من الربو وفقر الدم وسوء التغذية.

ونقل التقرير عن المسؤولة في المنظمة جو بيكر قولها إن ترينيداد وتوباغو كانت أعلنت رغبتها باستعادة مواطنيها من العراق وسوريا، إلا أن حكومة الجزيرة لم تستعد أي أحد من مواطنيها هؤلاء الى وطنه منذ أكثر من 5 سنوات.

وبحسب بيكر فإن "هؤلاء اطفال، وهم ليسوا مسؤولين عن أي جريمة، ويفترض ان يكونوا ملتحقين بالمدرسة في ترينيداد وتوباغو، لا أن يقبعوا في سجن عراقي."

ونقل التقرير عن أم الطفلين قولها في التسجيل الصوتي، أن ابنها الاصغر يعاني من مشاكل صحية، مضيفة أنهم "اخذوا مني ابني، وقالوا لي إنه اكبر من ان يبقى معنا في زنزانة. وضعوه في زنزانة مع حوالي عشرة فتيان آخرين. لا يوجد تعليم لأطفالنا. ولا شئ، ونحن نمضي عامنا السابع في السجن أطفالنا يكبرون هنا".

وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، فإن السلطات العراقية تحتجز ما يقدر بنحو 100 طفل مع امهاتهم في سجن الرصافة، مشيرة إلى ان من النساء مواطنات اجنبيات متهمات أو مدانات بجرائم مرتبطة بالإرهاب.

ونقلت المنظمة عن النساء السجينات قولهن إنّهن على استعداد للقبول بإعادة أطفالهن من السجون، إلى ترينيداد وتوباغو، حتى لو كانوا من دونهن. وأشرن أيضا الى ان الصليب الأحمر قام بزيارتهن وتواصلن مع لجنة الإعادة إلى الوطن التي شكلتها حكومة الجزيرة في آذار/مارس 2023، إلا أنهن لم يحصلن على أي رد من الحكومة فيما يتعلق بأوضاعهن أو وضع أبنائهن.