عقوبات أميركية مُغلظة على خامنئي وظريف والحرس الثوري

واشنطن تعتزم إضافة وزير الخارجية الإيراني الذي يعتبر مهندس الاتفاق النووي لقائمتها السوداء في سابقة تستهدف تضييق الخناق على التحركات الدبلوماسية الإيرانية وتوسيع نطاق العقوبات.

واشنطن - أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين، بفرض عقوبات مالية "قاسية" على المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية وقادة في الحرس الثوري، لتزيد بذلك الضغوط على البلد الذي هدد الرئيس دونالد ترامب بـ"تدميره" إذا كان يسعى إلى الحرب.

ووقع ترامب مساء الاثنين، أمرا بفرض عقوبات مالية على إيران في البيت الأبيض محملا آية الله علي خامنئي "المسؤولية الكاملة" عن النشاطات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة. وقال أن ذلك "رد قوي ومتناسب على تحركات إيران الاستفزازية المتزايدة".

وأضاف ترامب "سنواصل زيادة الضغوط على طهران.. لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي مطلقا"، وتابع "نحن لا نطلب النزاع" وأنه استنادا لاستجابة إيران يمكن إنهاء العقوبات غدا أو "يمكن أن تستمر لسنوات مقبلة".

وأبلغ ترامب الصحفيين أن العقوبات، التي ستستهدف خامنئي، تأتي ردا على إسقاط طهران طائرة أميركية مسيرة الأسبوع الماضي.

وفي توسيع للعقوبات أعلنت وزارة الخزانة أنها ستضيف وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف على القائمة السوداء وستجمد مزيدا من الأصول الإيرانية بـ"مليارات الدولارات".

ويعد إدراج ظريف إلى قائمة المسؤولين الإيرانيين الذين شملتهم العقوبات الأميركية سابقة، ليصبح بذلك مهندس الاتفاق النووي الموقع سنة 2015 أول شخصية دبلوماسية إيرانية تستهدفها واشنطن بعقوبات.

وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، الإثنين، خلال مؤتمر صحفي، إن "بعض العقوبات كانت قيد الإعداد وأخرى جاءت بعد الأنشطة الإيرانية الأخيرة"، مضيفا "العقوبات الجديدة من المتوقع تطبيقها ضد ظريف هذا الأسبوع".

وفي أول تعليق له على العقوبات الأميركية الجديدة، قال وزير الخارجية الإيراني في تغريدة، إن السياسيين الصقور المقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب متعطشون للحرب وليس الدبلوماسية.

وكتب ظريف على تويتر قائلا "ترامب محق 100 بالمئة في أن الجيش الأميركي ليس له حق في التواجد بالخليج الفارسي (في إشارة للخهليج العربي الذي تصرّ إيران على تسميته بالخليج الفارسي). إبعاد الجيش لقواته يتماشى تماما مع مصالح الولايات المتحدة والعالم. لكن من الواضح الآن أن الفريق باء غير مهتم بالمصالح الأميركية - إنهم يمقتون الدبلوماسية ومتعطشون للحرب".

وكان ظريف قال في الماضي إن أعضاء "الفريق باء"، ومنهم مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي يتبنى نهجا متشددا تجاه طهران ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد يدفعون ترامب إلى صراع مع طهران.

وكان الرئيس الأميركي قد لخص في وقت سابق الاثنين، ما تطلبه واشنطن من طهران وهو "الكفّ عن السعي لحيازة السلاح النووي وعن رعاية الإرهاب".

كما دعا ترامب الدول المستوردة للنفط إلى حماية شحناتها التي تعبر مضيق هرمز الذي وصفه بـ"الممر الخطر".

وقبل كشف البيت الأبيض عن طبيعة العقوبات الأميركية الجديدة ضدها، قالت طهران "نتعاطى بجدية مع أي عقوبة (جديدة) ونعتبرها بمثابة خطوة معادية تتطابق مع الإرهاب الاقتصادي والحرب الاقتصادية التي تُشنّ ضد أمّتنا".

وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي خلال مؤتمر صحافي في طهران "لا نعتبر أنها ستحقق (العقوبات الجديدة) أي نتائج".

وفي أبريل الماضي، كشفت السفارة الأميركية بالعاصمة العراقية بغداد، أن حجم ثروة خامنئي تقدر بـ200 مليار دولار. 

وكان رئيس مجلس النواب الإيراني، علي لاريجاني، قد أعلن العام الماضي أن خامنئي يسيطر على 32 في المئة من إيرادات البلاد النفطية.

وكشف خلال اجتماع لمجلس النواب الإيراني لمناقشة الموازنة العامة إن 32 في المئة من الإيرادات النفطية لا يمكن أن تصرف إلا بترخيص مباشر من خامنئي.

وحسب تقرير نشرته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية فإن خامنئي يسيطر على 3 من المؤسسة المالية والاقتصادية في البلاد وهي منظمة المستضعفين، ومؤسسة آستان قدس رضوي المشرفة على ضريح الإمام الثامن للشيعة (في مدينة مشهد شمال شرقي إيران)، ومؤسسة تنفذ أوامر الخميني.
وأوضحت المؤسسة أنه لديها قائمة كاملة من أسامي 146 شركة يمتلكها المرشد الأعلى الإيراني.

وتعود العقوبات الأميركية الأولى ضد إيران إلى عام 1979 رداً على عملية احتجاز رهائن في سفارة الولايات المتحدة لدى طهران، بعد عشرة أشهر على انتصار الثورة الإسلامية.

وتصاعدت المواجهة منذ مايو/أيار عندما شددت واشنطن العقوبات الاقتصادية على إيران، وطالبت جميع الدول بوقف واردات النفط الإيراني، فيما تقول إدارة ترامب إنه مسعى لإجبار طهران على فتح محادثات بشأن برامجها النووية والصاروخية وسلوكها في المنطقة.

وتنفي طهران على الدوام سعيها لحيازة السلاح النووي لكن ترامب، يؤكّد أنه يريد منعها من امتلاك هذا السلاح بشكل سري، ويتّهمها بأنها تريد "تقويض الاستقرار" في المنطقة.

وانسحبت واشنطن في أيار/مايو 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه عام 2015. وأعادت واشنطن فرض عقوبات مشدّدة على إيران، خصوصا في قطاع النفط، لتحرم الجمهورية الإسلامية من مكاسب اقتصادية انتظرت الحصول عليها من الاتفاق.

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية بعدا عسكريا للمواجهة مع إلقاء الولايات المتحدة باللوم على إيران في هجمات استهدفت سفنا في عرض البحر كما تتهمها بتشجيع حلفاء في اليمن (الحوثيين) لمهاجمة السعودية.

العقوبات الأميركية تستهدف امبراطورية خامنئي وثروة تقدر بنحو 200 مليار دولار
العقوبات الأميركية تستهدف امبراطورية خامنئي وثروة تقدر بنحو 200 مليار دولار

وبعد يومين من إسقاط إيران طائرة مسيّرة أميركية في منطقة الخليج الحيوية، توعّد ترامب السبت بإجراءات جديدة للرد على طهران تشمل "عقوبات إضافية مشددة"، بعد أن أعلن أنّه ألغى في اللحظة الأخيرة ضربات ضد أهداف إيرانية.

وتسعى واشنطن حاليا لحشد دعم حلفائها في الشرق الأوسط وأوروبا لموقف متشدد جعلها على شفا حرب مع عدوها القديم.

ودعت وزارة الخارجية الأميركية الاثنين في بيان، صادر عن الدول الأعضاء في اللجنة الرباعية حول اليمن (الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات والسعودية)  إيران إلى "التوقف عن أي خطوات أخرى تهدد الاستقرار الإقليمي، ونحض على التوصل إلى حلول دبلوماسية تخفّض من حدة التوتر".

كما عبّرت الدول الأربع عن "القلق العميق بشأن التوتر المتصاعد في المنطقة والخطر الذي يشكله النشاط الإيراني المزعزع للسلام والأمن في اليمن والمنطقة بأسرها".

واعتبرت أنّ الهجمات ضد ناقلات نقط قرب مضيق هرمز في الخليج في 12 أيار/مايو و13 حزيران/يونيو "تهدد الممرات البحرية الدولية التي نعتمد عليها جميعا لشحن بضائعنا".

وتابعت "يجب السماح للبواخر وأطقمها بأن تبحر في المياه الدولية بأمان".

ووزعت وزارة الخارجية الأميركية البيان بينما كان وزير الخارجية مايك بومبيو يجري في أبوظبي محادثات مع مسؤولين إماراتيين بعد زيارة إلى السعودية.

وقال العاهل السعودي الملك سلمان عبدالعزيز في جدة لدى مصافحته بومبيو "أنت صديق عزيز".

وأوردت وكالة الأنباء السعودية أن العاهل السعودي الملك سلمان عبدالعزيز استقبل مايك بومبيو وتم خلال اللقاء "استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، إضافة إلى مستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها".

وغرّد بومبيو قائلا انه عقد "اجتماعا مثمرا" مع الملك سلمان، بحثا فيه "الحاجة للتأكيد على أمن الملاحة في مضيق هرمز"، مضيفا "أمن الملاحة مسألة هامة".

وتكرّر طهران وواشنطن التأكيد على أنهما لا تريدان الحرب، إلا أن التصريحات العدائية المتبادلة والحوادث في منطقة الخليج تتضاعف، على غرار الاعتداءات المجهولة المصدر على ناقلات النفط وإسقاط إيران طائرة الاستطلاع الأميركية.