العلاقات الموريتانية المغربية أكبر من أن تهزها حملة تضليل جزائرية

تطابق في وجهات النظر بين نواكشوط والرباط في تحليل الأمور مع تأكيد الجانبين أن العلاقات الثنائية مبنية على أسس قوية تشمل الدين والدم والعلاقات التاريخية .

الرباط –على خلاف ما روجت له الجزائر من أكاذيب وتضليل، تبدو العلاقات المغربية الموريتانية صامدة وأكبر من أن تهتز على وقع ادعاءات فندتها نواكشوط ودحضها تنسيق وتقارب مع المغرب من أجل تعزيز العلاقات خدمة لمصالح البلدين.

وأثبتت زيارة وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوق، للمغرب الاثنين زيف جميع المزاعم والادعاءات المغلوطة التي تروج لها منصات جزائرية للتشكيك بالعلاقة الوثيقة بين البليدين، خصوصا أن المسؤول الموريتاني جاء محملا برسالة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، تؤكد "تقديرا كبيرا من طرف الرئيس للحكامة الرشيدة وسداد الرأي في مسيرة المغرب في البناء والتنمية".

وتحاول نواكشوط في هذه الزيارة التعبير عن حسن نيتها تجاه الرباط ورفض أي محاولة تسميم للعلاقات، إذ يركز ولد مرزوق على ملف تبعات قرار سلطات بلاده رفع التعريفة الجمركية على الصادرات الأساسية الموجهة من المغرب إلى السوق الموريتانية، والتي شملت المواد الغذائية، وشرح وجهة النظر الموريتانية في هذا الشأن والتأكيد على عدم الإضرار بالمملكة.

وقال وزير الخارجية الموريتاني، في ندوة صحفية إلى جانب نظيره المغربي الإثنين بالرباط، أن الرسالة التي حملها تدخل في إطار "سنة التشاور والتنسيق الحميدة بين البلدين الشقيقين وخاصة قائديهما"، مضيفا أن المحادثات الثنائية مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، جرت حول الأوضاع على المستوى العربي والإفريقي والإسلامي، إلى جانب الرهانات القائمة اليوم على المستوى الدولي.

وأكد وجود "تطابق في وجهات النظر" بين البلدين في تحليل تلك الأمور، مبرزا أن العلاقات الثنائية المغربية الموريتانية مبنية على أسس قوية تشمل "الدين والدم والعلاقات التاريخية"، متحدثا عن "وجود مؤهلات لتعزيز وتطوير هذه العلاقات".

وتتطور العلاقات المغربية الموريتانية بالرغم من مجموعة من المطبات التي عرفتها في فترات متعددة، ومحاولات النظام الجزائري للتشويش على هذه العلاقات، إذ أن الحكومة الموريتانية اليوم ترسل إشارات إيجابية مستجيبة لمساعي السياسة الخارجية المغربية التي تنبني على التعاون والشراكة وعلى طرح مبادرات بناءة وموضوعية لا يمكن للأطراف المعنية بها إلا أن تنخرط فيها سواء تعلق الأمر بالمجال الاقتصادي أو الثقافي أو الحضاري.

 وقال بوريطة أن موريتانيا لها دور مهم وفاعل أساسي في المبادرة الدولية للملك محمد السادس لتعزيز وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، مشددا على أن العلاقات بين الرباط ونواكشوط لا مثيل لها. وأوضح أن نواكشوط والرباط على اتصال دائم ومستمر في جميع الملفات وأن زيارة ولد مرزوق لها طابع خاص، حيث جاءت بتعليمات من الرئيس محمد ولد الغزواني.

وأشار إلى أن العلاقات المغربية الموريتانية "تاريخية" تفرضها الجغرافيا ورابط الدم والعلاقات الروحية القوية بين شعبي البلدين، مؤكدا أن قائد البلاد يعطي للعلاقات بين الجارين “أهمية خاصة وكان حريصا على تطويرها في كل المجالات ودعمُها حاضر في تعليماته، وذلك من منطلق الروابط الاستثنائية التي تجمع البلدين”.

وأوضح "في المكالمة الأخيرة التي جمعت الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد الغزواني كان هناك تأكيد من الطرفين على أهمية هذه العلاقات وخصوصيتها وتضمنت تعبيرا خاصا وتقديرا للرئيس، ليس فقط نظير دوره في دعم الاستقرار والتنمية في البلاد ولكن لدوره أيضا على المستوى الإقليمي".

وسجل بوريطة أن موريتانيا اليوم أصبحت قطب استقرار ضروري في منطقة الساحل وفي منطقة غرب إفريقيا، مشيدا بمسار تطور العلاقات الإيجابي ومذكرا بأن اللجنة العليا المشتركة بين البلدين انعقدت في مارس 2022 والتي شهدت توقيع اتفاقيات وكانت فيها مخرجات مهمة جدا".

وتؤكد تصريحات الوزير المغربي على طيب العلاقة بين الجانبين وعدم صحة أي من الأخبار المتداولة بشأن التوتر بينهما، حيث أكد أن "طموح الملك المغربي والرئيس الموريتاني هو الدفع بهذه العلاقات الإنسانية وكذلك نحو أبعاد استراتيجية لتكون نموذجا لعلاقات جوار بين بلدين لهما كل المؤهلات لبناء نموذج تعاون يمكن أن يلهم حالات أخرى وسياقات أخرى".

وفي إطار تكذيب المزاعم المضللة للإعلام الجزائري، أصدر الإتحاد الموريتاني لكرة القدم بيانا حول إشاعات تمويل دولة أخرى لمعسكر المنتخب الموريتاني وإقامته وتنقله إلى الكوت دفوار.

وكانت وسائل إعلام جزائرية قد روجت أن الجامعة الملكية المغربية تكفلت بمصاريف تنقل وإقامة المنتخب الموريتاني في الكوت دفوار، وهو ما كذبه الإتحاد الموريتاني وشدد على أنه مسألة سيادية، حيث تستغل المنابر الجزائرية أي مناسبة لاستئناف الحملة ضد المغرب رغم أنها في كل مرة تواجه مواقف حرجة بكشفها من قبل أطراف أخرى محايدة.

وأفاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن إرادة الملك اليوم هي أن تأخذ العلاقات بين البلدين أهمية بصفتها “علاقة جوار وتاريخية وإنسانية استثنائية سواء فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية والوضع الإقليمي والقضايا الإقليمية الأخرى”.

كما أشاد بالدينامية التي تشهدها الدبلوماسية الموريتانية بفضل دور الرئيس ومصداقيته والثقة التي يعطيها لكل الشركاء، لافتا في المقابل أنه وعلى المستوى الاقتصادي يعد المغرب أول شريك تجاري لنواكشوط على المستوى الإفريقي وأول مستثمر إفريقي فيها.

ورأى متابعون بشأن مسألة زيادة الرسوم التي أثارت جدلا، أن العلاقات بين البلدين كما جميع العلاقات الدولية لا يمكن أن تتأسس إلا على خدمة المصلحة الوطنية وخدمة التنمية وخدمة الطرفين على حد سواء، بكثير من التوزان في اختيارات كل دولة لعلاقاتها الخارجية بالطريقة التي تراها مناسبة. وبالرغم من كل الإشكالات التي يمكن أن تطبع العلاقات إلا أنه موضوعيا فإن البلدين يضمنان الأمن والسلم في منطقة متوترة، فلا يمكن لاستقرار موريتانيا أن يتم إلا عن طريق علاقات طيبة مع المملكة المغربية، كما أن هناك تقاطعات فيما يتعلق بالشعبين الشقيقين، يترجمها الامتداد القبلي بين الصحراء المغربية والصحراء الموريتانية والتبادلات التجارية.