الغرب ينتظر إجابات من السعودية في قضية خاشقجي

ترامب يميل الى التفسير السعودي لكنه يطالب بتوضيحات، ويؤكد ألا أحد من إدارته شاهد شريطا مصورا أو نسخة لما حدث داخل القنصلية السعودية.

إيلكو(نيفادا)/اسطنبول - انضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الزعماء الأوروبيين في حث السعودية على تقديم مزيد من الإجابات بشأن قضية الصحفي جمال خاشقجي بعد أن غيرت الرياض روايتها واعترفت بوفاته خلال الأسبوعين الماضيين في قنصليتها في اسطنبول .
وقالت السعودية يوم السبت إن خاشقجي توفي إثر شجار داخل قنصليتها في اسطنبول في أول اعتراف منها بوفاته بعد أن نفت على مدى أسبوعين أي علاقة لها باختفائه في قضية تسببت في توتر في علاقات المملكة بالغرب.
ووصفت ألمانيا هذا التفسير بأنه "غير كاف" وتساءلت عما إذا كان يجب على الدول أن تبيع أسلحة للسعودية في حين حثت فرنسا والاتحاد الأوروبي على إجراء تحقيق مستفيض لاكتشاف ما حدث لخاشقجي بعد دخوله مبنى القنصلية السعودية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول للحصول على وثائق لزواجه المقبل.
ويعتقد مسؤولون أتراك أن خاشقجي، الذي كان كاتبا للرأي في صحيفة واشنطن بوست ومنتقدا لولي العهد السعودي الأمير محـمد بن سلمان، قتل عمدا داخل القنصلية على يد فريق من العناصر السعودية وتم تقطيع جثته.
وأثارت قضية خاشقجي غضبا دوليا وأدت إلى توتر العلاقات السياسية والتجارية بين الدول الغربية والسعودية حليف الولايات المتحدة وأكبر مصدر للنفط في العالم.
وسئل ترامب خلال زيارة لولاية نيفادا عما إذا كان مقتنعا بأن المسؤولين السعوديين أقيلوا بسبب وفاة خاشقجي فقال "لا لن أكون مقتنعا إلا بعد أن نجد الإجابة. ولكنها خطوة أولى كبيرة وخطوة أولى جيدة. ولكن أريد الحصول على إجابة".
وتراوحت تصريحات ترامب بشأن حادث خاشقجي في الأيام الأخيرة بين تهديد السعودية بعواقب "وخيمة جدا" وتحذير من فرض عقوبات اقتصادية إلى تصريحات أكثر ميلا للمصالحة شدد فيها على دور السعودية كحليف للولايات المتحدة ضد إيران والإسلاميين المتشددين بالإضافة إلى كونها من المشترين الرئيسيين للسلاح الأميركي. ووصف ترامب في وقت سابق الرواية السعودية بشأن ما حدث لخاشقجي بأنها معقولة. ولم تقدم السعودية دليلا لدعم روايتها ولم تذكر ما حدث لجثة خاشقجي.
ودعا جان إيف لو دريان وزير الخارجية الفرنسي إلى إجراء تحقيق كامل وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في بيان مشترك مع وزير خارجيتها إن الرواية السعودية غير كافية.
وقال الألمان "نتوقع الشفافية من السعودية بشأن ملابسات موته. المعلومات المتاحة بشأن الأحداث في القنصلية باسطنبول ليست كافية".

الصورة 'غير كاملة' بعد
الصورة 'غير كاملة' بعد

وشكك وزير الخارجية الألماني هيكو ماس في بيع أسلحة للسعودية.
وقال ترامب إن من المحتمل أن الأمير محـمد بن سلمان لم تكن لديه علم بملابسات وفاة خاشقجي (59 عاما). وقال ترامب إنه سيتحدث مع الأمير مـحمد. وبالنسبة للحلفاء الغربيين سيكون أحد الأسئلة الرئيسية في قضية خاشقجي هو ما إذا كان يصدقون أن الأمير مـحمد، الذي يصور نفسه على أنه إصلاحي والذي نقل إليه الملك مهمة إدارة الأمور اليومية في السعودية، ليس له دور. وقال ترامب، الذي أقام علاقات وثيقة مع السعودية ومع ولي العهد، إنه يشعر بقلق إزاء عدم معرفة مكان جثة خاشقجي.
وقال مسؤول تركي كبير في وقت سابق يوم السبت إن المحققين الأتراك، الذين يمشطون أحراشا ومواقع أخرى خارج اسطنبول، سيكتشفون ما حدث لجثة خاشقجي خلال فترة قصيرة. وقال مسؤولون في تركيا يوم الخميس إن من المحتمل أن يكون قد تم التخلص من جثة خاشقجي في أحراش بلغراد المتاخمة لاسطنبول وفي موقع ريفي قرب مدينة يلوا التي تبعد 90 كيلومترا بالسيارة عن جنوب اسطنبول.
وتقول مصادر تركية إن لدى السلطات تسجيلا صوتيا قيل إنه يوثق مقتل خاشقجي داخل القنصلية.
ونشرت صحيفة يني شفق المؤيدة للحكومة التركية ما وصفته بتفاصيل من التسجيل الصوتي تظهر أن خاشقجي تعرض أثناء استجوابه لتعذيب شمل بتر أصابعه ثم قطع رأسه وتمزيق أوصاله.
وقال ترامب أن لا أحد من إدارته شاهد شريطا مصورا أو نسخة لما حدث داخل القنصلية.
وقال مصدر أمني تركي لوكالة رويترز للأنباء إن مجموعة مؤلفة من 15 سعوديا وصلت إلى اسطنبول على متن طائرتين ودخلت القنصلية في ذات اليوم الذي وصل إليها فيه خاشقجي ثم غادرت تلك المجموعة تركيا فيما بعد.
كانت السعودية تنفي بشدة حتى الآن وفاة خاشقجي داخل قنصليتها.
ولكن النائب العام السعودي قال السبت إن شجارا وقع بين خاشقجي وأشخاص قابلوه في القنصلية مما أدى إلى وفاته. وأضاف أنه ألقي القبض على 18 سعوديا.
وقال مسؤول سعودي بشكل منفصل إن اشتباكا وقع بين مجموعة من السعوديين وخاشقجي الذي توفي على إثرها، مضيفا أنهم كانوا يحاولون إسكاته.
وعلى تويتر كتبت خديجة جنكيز خطيبة خاشقجي التركية "إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا حبيبي جمال لمحزونون". وتساءلت "أين جسد الشهيد خاشقجي؟".
وذكرت وسائل إعلام سعودية رسمية أن الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية أمر بإقالة خمسة مسؤولين بينهم سعود القحطاني المستشار في الديوان الملكي، والذي يعد المساعد الرئيسي لولي العهد، وأحمد عسيري نائب رئيس جهاز المخابرات.
وقالت خمسة مصادر على صلة بالعائلة الحاكمة في السعودية إن هذه الأزمة دفعت الملك سلمان إلى التدخل.

ولي العهد السعودي لم يكن لديه علم بهذه العملية المحددة ولم يأمر بالتأكيد بخطف أو قتل أحد

وذكرت وسائل إعلام سعودية رسمية أن الملك سلمان أمر أيضا بتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد لإعادة هيكلة رئاسة وكالة المخابرات العامة مما يشير إلى أن الأمير محمـد ما زال يتمتع بسلطات واسعة.
وأصدرت دول حليفة للمملكة في الشرق الأوسط بينها الإمارات ومصر والبحرين بيانات تشيد بالملك وبقرارات السعودية.
والتحق القحطاني (40 عاما) بالديوان الملكي في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لكن لم يسلط عليه الضوء إلا بعدما لازم ولي العهد.
وتقول مصادر إن القحطاني كان يتحدث بانتظام نيابة عن الأمير محـمد ويصدر أوامر مباشرة إلى كبار المسؤولين بمن فيهم الأجهزة الأمنية في البلاد.
وقال مقربون من خاشقجي والحكومة إن القحطاني حاول استدراجه للعودة إلى المملكة بعدما انتقل إلى واشنطن قبل نحو عام خشية العقاب بسبب آرائه.
وذكرت تقارير إعلامية سعودية أن المسؤول الكبير الثاني الذي أُعفي من منصبه، عسيري، انضم إلى الجيش في عام 2002 وعمل متحدثا باسم التحالف بقيادة السعودية الذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بعدما قاد الأمير مـحمد السعودية إلى المشاركة في الحرب اليمنية في 2015. وكان عسيري قد عين نائبا لرئيس المخابرات بمرسوم ملكي في أبريل/نيسان 2017.
وقال مسؤول سعودي مطلع على التحقيقات إن الأمير محـمد لم يكن لديه علم بهذه العملية المحددة التي أسفرت عن موت خاشقجي.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه "لم تصدر لهم أوامر بقتله أو حتى بالتحديد خطفه". وأضاف أن هناك أمرا دائما بإعادة المنتقدين إلى السعودية.
وأضاف المسؤول "ولي العهد السعودي لم يكن لديه علم بهذه العملية المحددة ولم يأمر بالتأكيد بخطف أو قتل أحد".