الفارون من آخر جيب لداعش عبء يثقل على سوريا الديمقراطية

استكمال إجلاء المحاصرين من الجيب الأخير لتنظيم الدولة الغسلامية من شأنه أن يحدّد ساعة الصفر لقوات سوريا الديمقراطية لحسم المعركة سواء عبر استسلام الجهاديين أو إطلاق الهجوم الأخير ضدّهم.

قوات سوريا الديمقراطية تطالب بمساعدة لتحمل عبء الخارجين
سوريا الديمقراطية تشكو من أعباء نزوح تفوق قدرتها
عوائل الجهاديين تحت حراسة أمنية مشددة في قسم خاص بأحد المخيمات

حقل العمر النفطي (سوريا) - يزداد العبء على قوات سوريا الديمقراطية مع ارتفاع أعداد الخارجين من جيب تنظيم الدولة الإسلامية الأخير في شرق سوريا وبينهم عدد كبير من الأجانب من جنسيات مختلفة.

وجددت تلك القوات المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، دعوتها الدول المعنية إلى استعادة مواطنيها وتحمل مسؤولياتها تجاههم.

وتأمل قوات سوريا الديمقراطية في إجلاء المزيد من المدنيين من النصف كيلومتر مربع الأخير الذي ما زال تحت سيطرة التنظيم في بلدة الباغوز في شرق سوريا، ليصبح بإمكانها استعادة كامل المنطقة من أيدي التنظيم المتطرف وإعلان النصر النهائي عليه.

ولم يسجل منذ مساء الجمعة خروج أي من المدنيين من الباغوز، بينما أجلت قوات سوريا الديمقراطية منذ الأربعاء أكثر من خمسة آلاف شخص غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين فضلا عن رجال يشتبه بانتمائهم للتنظيم المتطرف.

وأوضح رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبدالكريم عمر أن "عدد المقاتلين وأفراد عائلاتهم الذي تدفقوا إلينا يزداد بشكل هائل".

وشدد على أن الإدارة الذاتية الكردية لا تستطيع "تحمل هذا العبء لوحدها"، موضحا "ليس لدينا البنية التحتية لاستيعاب هذا النزوح الهائل حتى معتقلاتنا لا تستوعب هذا العدد".

وفي منطقة قاحلة وسط الصحراء،  شوهدت يوم الجمعة الماضي جموع من الرجال والنساء يتربعون على الأرض في صفوف متراصة ينتظرون دورهم للخضوع للتفتيش وكان بينهم نساء من جنسيات مختلفة فرنسية وتركية وأوزبكية ومصرية.

وبعد انتهاء عملية التفتيش والتدقيق الأوّلي في الهويّات وجمع المعلومات الشخصية، يُنقل المدنيون لاسيّما النساء والأطفال إلى مخيم الهول الواقع إلى الشمال على بعد ست ساعات من الباغوز، بينما يتم إيداع المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في مراكز تحقيق خاصة.

واعتقلت قوات سوريا الديمقراطية خلال المعارك التي خاضتها ضد التنظيم المتطرف، المئات من المقاتلين الأجانب غير السوريين والعراقيين من عدة جنسيات أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية. وقد طالبت مرارا الدول المعنية باستعادة مواطنيها.

زوجات وابناء مقاتلي داعش بين النازحين
زوجات وابناء مقاتلي داعش بين النازحين

وقال مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي في تغريدة على تويتر "مع فرار آلاف الأجانب من الخلافة المتداعية، يصبح العبء علينا أكبر"، مضيفا باللغة الإنكليزية "هذا سيبقي العبء الأكبر علينا إلا إذا تحركت الحكومات المعنية وتحملت مسؤولية مواطنيها".

وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الدول الأوروبية قبل أيام استعادة قرابة 800 جهادي أجنبي ومحاكمتهم لديها.

ومن شأن استكمال إجلاء المحاصرين من جيب التنظيم الأخير أن يحدّد ساعة الصفر لقوات سوريا الديمقراطية من أجل حسم المعركة سواء عبر استسلام الجهاديين أو إطلاق الهجوم الأخير ضدّهم.

ولا تتوفّر لدى قوات سوريا الديمقراطية راهنا أي تقديرات لعدد مقاتلي التنظيم في الموقع الذي يتحصّن عدد كبير منهم في أنفاق وأقبية تحت الأرض.

وأعلنت تلك القوات قبل أسبوع أنها باتت "تتحرك بحذر" بعد تضييق الخناق على مقاتلي التنظيم، لإفساح المجال أمام المدنيين للخروج، بعد ما فاق عددهم توقعاتها. واتهمت التنظيم باستخدامهم "دروعا بشرية".

وفي شمال شرق سوريا، يكتظ مخيم الهول الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية مع وصول المزيد من الأشخاص إليه.

ويؤوي المخيم الذي يضمّ قسما خاصا بعائلات الجهاديين، أكثر من 45 ألف شخص، وفق ما أفادت اللجنة الدولية للإنقاذ الأحد.

وقالت ميستي بوسويل مديرة التواصل لمنطقة الشرق الأوسط في اللجنة إنّ "انفجار أسطوانة غاز في مخيّم الهول ليل الجمعة تسبّب باندلاع حريق داخل مستودع"، مما أدّى إلى إصابة "16 عاملا غالبيتهم بحروق من الدرجة الثانية" نقلوا على إثرها إلى المستشفى للعلاج.

وأتى الحريق على أكثر من مئتي خيمة مخصّصة للعائلات كانت معدة داخل المستودع، وفق المنظمة، قبل إخماد النيران.

ولم يتسبّب الحريق بإصابة أيّ من النازحين المقيمين في المخيم الذي يضمّ آلاف العائلات التي فرّت منذ 2017 من المعارك ضد التنظيم المتطرف بالإضافة إلى المئات من أسر المقاتلين الجهاديين الأجانب التي تقيم في قسم خاص يخضع لحراسة مشدّدة.

وتوقعت الأمم المتحدة وصول "آلاف آخرين خلال الساعات والأيام المقبلة إلى المخيم، ما سيرتّب عنه ضغطا إضافيا على الخدمات الرئيسية".

مخيم الهول الذي يضمّ قسما خاصا بعائلات الجهاديين، يؤوي أكثر من 45 ألف شخص، وفق اللجنة الدولية للإنقاذ

وكانت قوات سوريا الديمقراطية ناشدت في وقت سابق المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة التدخل بشكل أكبر لتأمين حاجات الفارين، كون الأمر بات يفوق إمكانية الإدارة الذاتية.

وقال عمر "هناك ضغط كبير علينا في المخيمات خاصة مخيم الهول الذي يضم عددا كبيرا من النازحين والسوريين بالإضافة إلى عوائل داعش".

وأضاف أن "المجتمع الدولي لا يتحمل مسؤوليته. نحن نعاني من عبء كبير لا نستطيع أن نتحمله وحدنا، هؤلاء الأشخاص لديهم حاجات يومية كالمواد الصحية وحليب الأطفال".

ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2018، أحصت لجنة الإنقاذ الدولية التي تتواجد طواقمها داخل المخيم وفاة 78 شخصا "غالبيتهم أطفال صغار توفوا في طريقهم إلى مخيم الهول أو بعد وصولهم بفترة وجيزة". وقالت إنّ ثلثي الأطفال المتوفّين هم دون عمر السنة.

وعلى وقع التقدم العسكري لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية، فرّ أكثر من 46 ألفا تباعا من مناطق سيطرة التنظيم منذ نهاية العام الماضي، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.