الفتحاوي محمد إشتية رئيسا للحكومة الفسطينية

تعيين العضو في اللجنة المركزية لحركة فتح رئيسا للحكومة الفلسطينية الجديدة من قبل الرئيس الفلسطيني ينذر بتعاظم الانقسام بين الفصائل الفلسطينية.
إشتية سيتولى مهمة تشكيل حكومة تواجه أزمة اقتصادية حادة
حماس تعتبر تشكيل حكومة دون توافق إقصاء ترسيخ للانقسام
اختيار إشتية تم بشكل رسمي من فتح قبل تكليف عباس

رام الله (فلسطين) - كلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الأحد، القيادي في حركة فتح محمد إشتية بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة رامي الحمد الله في يناير كانون الثاني الماضي.

وينص القانون الأساسي الفلسطيني الذي هو بمثابة الدستور على أنه "فور تكليف رئيس وزراء جديد من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يتولى رئيس الوزراء تشكيل حكومته خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ اختياره وله الحق في مهلة أخرى أقصاها أسبوعان آخران فقط".

وقال محمد إشتية (61 عاما) في تصريحات نقلها تلفزيون فلسطين بعد تكليفه "يشرفني قبول تكليفكم لي رئيسا لوزراء حكومتكم التي نأمل أن ننجزها بالتشاور مع من كل له علاقة من فصائل منظمة التحرير وقوى وفعاليات مجتمعية ومن ثم عرضها عليكم للإقرار والمصادقة".

وأوضح إشتية الحاصل على درجة الدكتوراه في دراسات التنمية الاقتصادية من بريطانيا أنه "مدرك للظرف الذي نمر به سياسيا واقتصاديا وماليا وأعي الهجمة على صمودكم وثباتكم (الرئيس عباس)".

وتعهد إشتية "بتعزيز الاقتصاد الوطني" وسيتولى مهمة تشكيل حكومة تواجه أزمة اقتصادية بعد رفض السلطة الفلسطينية تسلم أموال الضرائب، التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة، على البضائع التي تدخل إلى السوق الفلسطينية مقابل عمولة بنسبة ثلاثة في المئة.

وقال "أفهم من هذا التكليف أنه علي وعلى الحكومة القادمة أن نخدم الناس وأن نرفع الظلم عنهم وأن نصون كرامتهم".

وشغل إشتية مواقع قيادية سياسية واقتصادية ومهنية عدة. وكان محررا في جريدة "الشعب" الفلسطينية، وأستاذا وعميدا في جامعة بيرزيت، ورئيسا للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)، ووزيرا للأشغال العامة والإسكان. وانتخب عضوا للجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح عامي 2009 و2016.

ويعتبر إشتية من المعتدلين سياسيا، وهو مؤيد قوي لفكرة حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل. شارك في المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة الأميركية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في العام 1991، وكذلك في عامي 2013- 2014، والتي قادها حينذاك وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

ويشغل رئيس الحكومة الجديدة المكلف مجموعة من المواقع الأكاديمية والأهلية أبرزها رئاسة مجلس أمناء الجامعة العربية الأميركية وعضوية مجلس أمناء جامعة القدس. وهو عضو في مجلس أمناء جامعة الاستقلال الأمنية، ورئيس مجلس إدارة قرى الأطفال العالمية، ومحافظ البنك الإسلامي للتنمية.

كما اشترك في العديد من المبادرات السياسية والتنموية وأسندت إليه معظم البرامج التنموية وبرامج إعمار فلسطين، وشارك في مفاوضات متعددة الأطراف تتناول مواضيع التجارة والمالية والبنية التحتية والسياحة في منطقة الشرق الأوسط.

حماس تعتبر تشكيل حكومة جديدة وصفة عملية لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وترسيخ الانقسام

وسيخلف إشتية رامي الحمدالله الذي شغل منصب رئيس الوزراء منذ 2014. وعلى عكس من سبقوه من الوزراء الذين اعتبروا مستقلين وأصحاب كفاءات مهنية، فإن إشتية تم اختياره بشكل رسمي من حركة فتح قبل أن يقوم رئيس الحركة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بتكليفه.

ويرى محللون أن هذه الحكومة التي سيعكف إشتية عل تشكيلها خلال أسبوعين، ستكون حكومة سياسية تسيطر عليها حركة فتح، بعكس الحكومات السابقة، وإن تشكيل هذه الحكومة سيساهم في عزل حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، والطرف الثاني الأكبر في الفصائل الفلسطينية.

ورفضت حماس، التي توصلت إلى اتفاق لم ير النور مع حركة فتح في عام 2017 لتحقيق مصالحة وطنية فلسطينية بعد عشر سنوات من سيطرتها على قطاع غزة، تشكيل حكومة جديدة.

وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس في بيان "تشكيل عباس حكومة جديدة دون توافق وطني سلوك تفرد وإقصاء وهروب من استحقاقات المصالحة وتحقيق الوحدة".

وأضاف أن تشكيل حكومة جديدة "وصفة عملية لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وترسيخ الانقسام".

وأوضح برهوم أن حركة حماس "لا تعترف بهذه الحكومة الانفصالية كونها خارج التوافق الوطني، وأن المدخل الأمثل لتصحيح الوضع الفلسطيني هو بتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات عامة شاملة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني".

وفشلت مصر على مدى سنوات وبعد عقد العديد من اللقاءات والتفاهمات والاتفاقات بين حركتي فتح وحماس في إنهاء الانقسام الذي بدأ عام 2007 بعد سيطرة حماس بالقوة على قطاع غزة.‎

ومنذ ذلك الوقت تجمدت الحياة السياسية الفلسطينية رسميا، وتعثرت أكثر من محاولة مصالحة بين الطرفين.

وتشكلت الحكومة السابقة في وقت اعتقد البعض أن المصالحة تحققت، لذلك حظيت تلك الحكومة بموافقة مختلف الفصائل الفلسطينية، وأطلق عليها "حكومة التوافق الوطني".

وأعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الشهر الماضي أن محادثات المصالحة مع حركة حماس "انهارت، وهو ما أدى إلى ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة".

وقال "إذا كانت حماس غير راغبة في المصالحة، وغير راغبة في إجراء انتخابات، وإذا كانت لا تزال مع آخرين تريد تشكيل دولة صغيرة في غزة للإخوان المسلمين، إذا كانت هذه استراتيجيتهم، فعلينا إنهاء هذا".

ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات "هذه الخطوة تمثل انتزاع سلطة عارية من جانب حركة فتح".

ويضيف "كانت هناك رغبة في استبدال الحكومة السابقة، التي كان ينظر إليها على أنها ضعيفة الأداء، مع وجود حكومة سياسية أكثر، لكنها ستؤدي أيضًا إلى إبعاد حركة حماس بالكامل من عملية صنع القرار وزيادة تقويض الديمقراطية الفلسطينية".

ويفترض أن تجري انتخابات برلمانية فلسطينية جديدة بحلول أيار/مايو، على الرغم من أن المحللين يقولون إن الفرص ضئيلة لحصولها.

وتتألف الحكومة الفلسطينية من الناحية النظرية حاليا من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها فتح، وتضم عددًا من الأحزاب الأخرى، بينما حماس ليست جزءا منها.

وأعلن فصيلان رئيسيان من منظمة التحرير الفلسطينية (الجبهتان الشعبية والديمقراطية) رفضهما المشاركة في هذه الحكومة، الأمر الذي يعزز الانطباع أن فتح الآن هي المسؤولة بالكامل.

ومن غير المتوقع حدوث تحولات كبيرة في السياسة، سواء في علاقات الفلسطينيين مع إسرائيل أو الولايات المتحدة أو مناطق أخرى، وذلك كون السياسات الخارجية والعلاقات تخضع للرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وكان أبو ردينة قال إن "الحكومة لم تكن هي صانعة السياسة هنا. منظمة التحرير الفلسطينية هي الجهة الوحيدة التي يتعين عليها اتخاذ القرارات".