الفرنكوفونية تبحث في تونس تعزيز دورها على وقع تحديات دولية

الرئيس التونسي يقول إن بلاده نجحت في الاستجابة لالتزاماتها وتعهداتها في تنظيم القمة على الرغم من العراقيل ومساعي تنظيمها عن بعد أو دعوات البعض لنقلها إلى بلد آخر.
سعيد يؤكد ان المشاركين في القمة على علم بحجم المتغيرات الجديدة في العالم
تونس تحقق مكاسب اقتصادية في القمة بتوقيع اتفاقية تمويل مع فرنسا بقيمة 200 مليون يورو
سعيد يستخدم اللغة الفرنسية في كلمته مخالفا عادته باستعمال العربية الفصحى

تونس - بدأت في تونس السبت الدورة 18 لقمة الفرنكوفونية في جزيرة جربة بمشاركة نحو تسعين وفدا و31 من كبار القادة للتأكيد على أن بإمكان المنظمة الدولية للفرنكوفونية لعب "دور مهمّ" على النطاق الدولي لحلّ الأزمات الراهنة.
وخلال كلمته خالف الرئيس التونسي قيس سعيد عادته باستخدام اللغة العربية الفصحى في التجمعات الدبلوماسية، حيث انه خاطب ضيوفه من رؤساء ورؤساء حكومات وممثلي المنظمات باللغة الفرنسية فيما أشادت مؤسسة "تي في 5 موند" الفرنسية الشريك لمنظمة الفرنكوفونية بهذه الخطوة.
وقال سعيد الذي عرف عنه تفضيله إلقاء خطبه وتقديم تصريحاته بلغة عربية صريحة وباستعاراته من الأدب العرب في كلمته "ليس لنا أي عقدة من اللغات الأجنبية... ابن خلدون والجاحظ وعديد العلماء والفلاسفة العرب تحدثوا عن أهمية الانفتاح على اللغات".
وتابع سعيد "مثلما يقول الكاتب الفرنسي ألبرت كامو إن اللغة الفرنسية هي وطني.. وأنا أقول في الذكرى الستين لتأسيس المنظمة الدولية للفرانكوفونية إن اللغة العربية هي وطني".
وقال الرئيس التونسي إن بلاده نجحت في الاستجابة لالتزاماتها وتعهداتها في تنظيم القمة على الرغم من "العراقيل" ومساعي تنظيمها عن بعد أو دعوات البعض لنقلها إلى بلد آخر مشيرا الى أن انعقاد هذه القمة هو ثمرة عمل جماعي متواصل بإرادة صلبة لتدور في أفضل الظروف لإنجاحها بهدف الوصول إلى نتائج ملموسة وفعلية.
ولفت إلى أن انعقاد هذه القمة هو ثمرة عمل جماعي متواصل بإرادة صلبة لتدور في أفضل الظروف لإنجاحها  بهدف الوصول إلى نتائج ملموسة وفعلية، معربا عن شكره الجزيل للجميع في تونس وعلى المستوى الدولي وبالخصوص للمنظمة الدولية للفرانكفونية لجميع الجهود التي بذلتها لإنجاح القمة.
وقال "نحن واعون جميعا اليوم بالتغيرات التي تحدث في العالم بأسره والتي تفرض إيجاد حلول جديدة".
واكد أن موضوع هذه القمة وهو الرقمنة هو اختيار وجيه وهو يعود إلى اعتبارها "عنصر تنمية وتضامن في الفضاء الفرانكفوني".
بدورها قالت الأمينة العامة للمنظمة الرواندية لويز موشيكيوابو أن بامكان المنظمة أن يكون لها "تأثير في عالم ممزق" بأزمات متعددة.
وتابعت في كلمة الافتتاح "يجب أن تظل الفرنكوفونية حلقة وصل للحد من تحول التوترات إلى نزاعات".
وذكرت الأمينة العامة بالعديد من "العواصف" التي اجتاحت العالم وبالخصوص منها وباء كوفيد-19 الذي تسبب في تأجيل قمة 2020.
ويناقش المشاركون على امتداد يومين "المجال الرقمي كمحرك للتنمية" فضلا عن ملفات دولية تتعلق بالخصوص بالحرب الروسية في أوكرانيا.
ويأتي انعقاد اللقاء مع استمرار قمة المناخ في مصر واجتماع مجموعة العشرين في اندونيسيا الذي طغت على جدول أعماله الحرب في أوكرانيا البلد الذي يحمل صفة مراقب في منظمة الفرنكوفونية.
ولم تتطرق الأمينة العامة للأزمة الروسية الأوكرانية في كلمتها بينما كان هذا الملف محور محادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورؤساء آخرين خلال القمة، على ما أفادت مصادر مقربة.
ويحضر القمة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو فضلا عن رؤساء دول أفريقية.
وتعبر دول إفريقية عدة عن استيائها بسبب نقص تضامن الدول الغربية مع القارة التي تواجه أزمات متعددة ومتواصلة بينما كان اهتمامها مركزا على مساعدة أوكرانيا.

تراجع
وشدد الرئيس الفرنسي خلال لقائه بمجموعة من الشباب على هامش القمة على ضرورة "استرداد" مكانة اللغة الفرنسية في بعض الدول الفرنكوفونية بعد أن سجلت "تراجعا حقيقيا".
ودعا ماكرون إلى أن تكون الفرنكوفونية "فضاء حيّا وفضاء للصمود ... وليس فضاء مؤسساتيا".
وفي خطابه في افتتاح القمة، طلب رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان من المنظمة أن تدافع عن مبادئ "مثل عدم استخدام القوة ضد وحدة الأراضي".
وقال "نطالب المجتمع الدولي بإجراء تقييم عادل للوضع وإدانة احتلال اجزاء من الأراضي الأرمينية والمطالبة بعودة القوات الاذربيجانية الى مواقعها السابقة".
وتحتفل المنظمة الفرنكوفونية التي تضم 88 عضوا بالذكرى الخمسين لتأسيسها. وكانت تونس من الدول المؤسسة للمنظمة في العام 1970 إلى جانب السنغال ونيجيريا وكمبوديا.
وتشارك دول غير منضوية في الفرنكوفونية في أشغال القمة على غرار مولدافيا والإمارات العربية المتحدة وصربيا.
ومن المتوقع إعادة انتخاب الأمينة العامة على رأس المنظمة لأربع سنوات جديدة، وهي المرشحة الوحيدة لهذا المنصب.
ويشمل الفضاء الفرنكوفوني 321 مليون ناطق باللغة الفرنسية يتوقع أن يتضاعف عددهم وبنهاية العام 2050 بفضل انتشار اللغة الفرنسية في القارة الإفريقية.
وأكدت الأمينة العامة أن المنظمة "أكثر أهمية من أي وقت مضى"، ردا على تصاعد الانتقادات الموجهة إليها ومن بينها ما كتبه الكاتب السنغالي أمادو لمين صال في مقال، أن الفرنكوفونية "لا تُرى" و"لا تُسمع" على النطاق الدولي.
وبحسب مسؤول كبير في كندا، فإن المنظمة "يمكن أن تكون قوّة إيجابية" في القضايا العالمية مثل "تعزيز السلام والازدهار الاقتصادي وترسيخ الديمقراطية".
وتستضيف تونس الاجتماع بعد تأجيله مرتين، الأولى في العام 2020 بسبب كوفيد-19، ثم في خريف 2021، بعد الإجراءات التي اتخذها سعيّد.
وقال المنسق العام للقمة محمد الطرابلسي إن هذه الاجتماعات تمثل "اعترافا بدور تونس في العالم الناطق بالفرنسية وبدبلوماسيتها على المستويين الإقليمي والدولي" وهي فرصة "لتعزيز التعاون الاقتصادي".
وبالتزامن مع القمة، مُنع متظاهرون من الوصول إلى جزيرة جربة للاحتجاج على استمرار فقدان مهاجرين غير قانونيين في البحر منذ نهاية أيلول/سبتمبر الفائت وصدتهم قوات الشرطة باستعمال الغاز المسيل للدموع.

ماكرون طالب بضرورة استرداد مكانة اللغة الفرنسية في بعض الدول الفرنكوفونية
ماكرون طالب بضرورة استرداد مكانة اللغة الفرنسية في بعض الدول الفرنكوفونية

مكاسب اقتصادية
وتسعى تونس لتحقيق مكاسب اقتصادية لمواجهة ازمة حادة تمر بها حيث قال وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيد ، إن بلاده تسعى لشراكة دولية لإقامة مشاريع استثمارية بقيمة عشرة مليارات دينار تونسي (3.2 مليار دولار).
ونشرت الوزارة على حسابها على فيسبوك أن سعيد وقع أيضا على هامش القمة الفرنكوفونية اتفاقية تمويل مع فرنسا بقيمة 200 مليون يورو ستخصص لدعم الميزانية.
بدورها، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إن البرنامج الإصلاحي سيساعد تونس تدريجيا على تخطي الصعوبات الاقتصادية، مشيرة إلى استعداد فرنسا لمواصلة توفير الدعم الضروري لتونس.
وتوصلت تونس في وقت سابق إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء على برنامج قرض بقية 9ر1 مليار دولار يصرف أقساطا على مدى 48 شهرا مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات تشمل نظام الدعم والضرائب والتحكم في كتلة الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية المتعثرة.
وتنتظر تونس اجتماع مجلس إدارة الصندوق في كانون الأول/ديسمبر المقبل للمصادقة فعليا على القرض.