الفسيفساء لا يزال يتربع على عرش الفنون العربية في المغرب

فن الزخرفة التاريخي يضفي بجانب الجمال نوعا من الخصوصية المغربية لا تخطئها عين عشاق الإبداع الأصيل.
الفسيفساء المغربي عبارة عن أشكال هندسية من الصلصال
الحرفة التاريخية تعاني العديد من التحديات من أجل البقاء
كورونا أدى إلى انخفاض معدل رواج الفسيفساء والإقبال عليه

الرباط - لا يزال فن وحرفة الفسيفساء أو "الزليج البلدي" متربعا داخل الوجدان الجمعي للشعب المغربي، رغم مرور مئات السنين وظهور بدائل فنية جمالية أخرى في البلد العربي.
وتحمل أرصفة الشوارع والميادين وجدران القصور والمساجد والمنازل والحمامات، أرثا تاريخيا بلمسات الفسيفساء، التي أضفت بجانب الجمال نوعا من الخصوصية المغربية لا تخطئها عين عشاق الفن الأصيل.
والفسيفساء المغربي، عبارة عن أشكال هندسية (مربعات أو مثلثات أو مستطيلات) من الصلصال يتم وضعها في الأفران ثم زخرفتها بألوان مختلفة، قبل أن يتم تقطيعها وتجميعها لتشكيل تحف فنية ذات رونق وجمال فريد.
وصناعة الفسيفساء، عملية فنية تتطلب مهارة ودقة متناهية في جميع المراحل، وهي حرفة تاريخية تتماشى مع كل العصور ويتوارثها الأجيال عبر الحقب الزمنية المختلفة.

فن الفسيفساء انتشر في القرن الحادي عشر الميلادي، واستخدمه الفنانون المسلمون في زخرفة وتزيين المساجد والقصور 

حرفة تاريخية
على أطراف مدينة سيدي بوقنادل (إحدى ضواحي الرباط) يتوسط المغربي التهامي زويتة (42 عاما) 4 عمال في ورشة تحمل اسمه، وتتحول مع مطلع كل صباح إلى خلية نحل لإبداع صناعة ورسم وزخرفة فن الفسيفساء.
بين التقطيع والتلوين والتشكيل والزخرفة تصدح أصوات المطارق في أرجاء الورشة، التي تبدع يوميا في عشرات القطع الفنية شديدة التميز والجمال.
يقول التهامي زويتة أثناء مروره بين العمال لإضفاء روح البهجة والمرح عليهم، إن فن الفسيفساء لا يزال يتربع على عرش الفنون العربية في المغرب، إذ تزيين به القصور والمنازل والأسقف والنوافر والأرصفة وأحواض السباحة.
ويضيف: "بدأت تعلم هذه الحرفة منذ عام 1990 وظللت أعمل في ورش لمدة 13 عاما، قبل أن أقوم بتأسيس ورشة خاصة برفقة شقيقي عبد القادر في عام 2003".
ويؤكد زويتة أن تعلم هذه الحرفة يتطلب من 7 إلى 10 سنوات لاكتساب كافة المهارات المهنية والفنية.
وعن مراحل صناعة الفسيفساء، يقول: "يتم استخراج الطين ثم العجن والحرق في الأفران، يليهما مرحلة الصباغة وثم الحرق مجددا والفرز والتشكيل في قطع فنية على الأسطح والأسقف والجدران.
ويتابع: "تختلف الأدوات والألوان المستخدمة في صناعة الفسيفساء بحسب متطلبات الزبائن وأماكن التركيب ومستوى العمل المطلوب في كل قطعة فنية".
وبحسب زويتة، رغم جمال وإبداع فن الفسيفساء المغربي لكن الحرفة التاريخية تعاني العديد من التحديات من أجل البقاء، أبرزها مؤخرا تفشي فيروس كورونا والذي أدى إلى انخفاض معدل رواجها والإقبال عليها.
وانتشر فن الفسيفساء في القرن الحادي عشر الميلادي، واستخدمه الفنانون المسلمون في زخرفة وتزيين المساجد والقصور وخاصة في عصر الدولة الأموية.