القاعدة تكثف هجماتها على القواعد العسكرية في مالي

أنظمة الحكم العسكرية عاجزة عن وقف تمدد الجهاديين الناشطين في منطقة الساحل، وعلى رأسهم تنظيم "القاعدة" وأفرعه وتنظيم داعش.

باماكو – أعلنت جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة الجمعة مسؤوليتها عن هجوم على قاعدة عسكرية في شمال شرق مالي، بعد يوم من إلقاء السلطات اللوم على الجماعة نفسها في تنفيذ هجومين على معسكر آخر للجيش وقارب، مما أدى لمقتل أكثر من 60 شخصا.

واستهدفت عملية انتحارية معسكرا للجيش المالي في غاو، كما وقع هجوم "متشعب" في منطقة المطار بواسطة آليتين مفخختين تخلله إطلاق نار بحسب بيان للجيش.
وجاء ذلك بعد غارتين في شمال البلاد الخميس، على معسكر في دائرة بوريم بمنطقة جاو، التي أصبحت معقلا لنشاط الجماعات المتشددة في العقد الماضي، وقتل فيهما 64 شخصا، ومن بين الضحايا كان هناك 49 مدنيا و15 جنديا.
وحملت الحكومة المؤقتة في مالي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بتنظيم القاعدة المسؤولية عن الهجومين.

ومالي واحدة من عدة دول في غرب أفريقيا تكافح متشددين مسلحين مرتبطين بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية اتخذوا من شمال البلاد القاحل مركزا لهم في 2012 قبل أن يتوسعوا في المنطقة.

وفي أغسطس الماضي عاد المسلّحون المتطرفون إلى فرض حصار على مدينة تمبكتو في شمال مالي، بعد أكثر من 10 سنوات من دخول القوات الفرنسية إلى هذه المدينة لطرد المتطرفين منها.
ومنذ سيطرة العسكريين في انقلابين على الحكم بعد إطاحة الرئيس الراحل إبراهيم أبوبكر كيتا قبل ثلاث سنوات، لم يستطيعوا مع قوات فاغنر الروسية المتعاونة معهم، والموجودة في تمبكتو، منع التمدد "الجهادي".

وكانت القوات الفرنسية التي غادرت مالي بطلب من السلطات الانقلابية أيضاً، قد أخلت قاعدتها في تمبكتو في ديسمبر 2021، بعد وقت قصير من إخلاء قاعدتيها الكبيرتين في شمال مالي، في كيدال وتيسال.
ومع إتمام الانقلاب العسكري في مالي عامه الثالث، وحدوث انقلاب عسكري آخر في بوركينا فاسو المجاورة في منطقة الساحل، ثم انقلاب النيجر مؤخرا الذي أطاح بحكم الرئيس المنتخب محمد بازوم، تعلو الأصوات المحذرة من تمدد "الجهاديين" الناشطين في المنطقة، وعلى رأسهم تنظيم "القاعدة" وأفرعه في منطقة الساحل، وتنظيم "داعش"، دون قدرة أنظمة الحكم العسكرية على وقف تمددها، لا سيما مع تراجع الدعم الاستخباراتي والعسكري الغربي لها.

واستعان الجيش المالي بموسكو بعد الانسحاب الفرنسي من تمبكتو ، حيث انتشر جنود روس في قاعدة تمبكتو العسكرية لتدريب الجنود الماليين، وهو ما أكده الجيش المالي، في يناير/كانون الثاني 2022، متحدثاً عن "مدربين روس"، لكنه لم يذكر عددهم أو طبيعة مهمتهم المحدّدة.
وأكد الجيش المالي حينها أن القوات الروسية في البلاد جاءت وفق اتفاقات ثنائية، رغم أن ذلك لاقى استنكارا غربياً واسعاً، خصوصاً من القوة الاستعمارية السابقة فرنسا، التي تتهم موسكو بمحاولة التمدد أفريقياً بواسطة شركة "فاغنر" للمرتزقة.

وبحسب أرقام أممية غير رسمية، فإن لروسيا حوالي ألف عسكري و"متقاعد" عسكري في مالي، ومنهم العشرات في تمبكتو. وتحدثت تقارير إعلامية غربية عدة عن انتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات "فاغنر" في مالي، ومنها في تمبكتو، حيث تجري عمليات "ترويع" للأهالي، بالتزامن مع تسارع وتيرة الهجمات "الجهادية".

وذكرت تقارير إخبارية أن رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي تمّ تداولها ومنسوبة إلى قائد في "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" قد أفادت بأن الجماعة "أعلنت الحرب" على منطقة تمبكتو.
وهددت الرسائل الشاحنات القادمة من الجزائر وموريتانيا وأماكن أخرى في المنطقة من دخول المدينة. وأوضحت الجماعة المتطرفة أن الشاحنات التي لا تستجيب للتحذير سيتم استهدافها.
وحذر خبراء أمنيون من أنه من دون القواعد الفرنسية والأممية في شمال مالي، فإن القوات المالية غير قادرة على التحرك سريعاً أو التحكم جوياً لمواجهة هجمات المتطرفين، وذلك على الرغم من الدعم الروسي، ومن "فاغنر"، التي توجد في مالي وبلدان أفريقية أخرى من أجل تعزيز النفوذ الروسي.