القضاء العراقي ينفي "المساومة" بشأن إعدام الجهاديين الفرنسيين

الصحافة الفرنسية تتحدث عن مطالبة بغداد مليوني دولار لقاء تحويل حكم الإعدام على الجهاديين الفرنسيين إلى حكم بالسجن المؤبد.

بغداد - نفى القضاء العراقي اليوم الثلاثاء وجود صفقة بين الحكومتين العراقية و الفرنسية بخصوص تخفيض عقوبة الإعدام بحق المحكومين مؤخرا من حاملي الجنسية الفرنسية المدانين بقضايا الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية داعش.

ولايزال الاتفاق الذي تم بين باريس وبغداد بخصوص الجهاديين الفرنسيين الذين كانوا يقاتلون في صفوف داعش في سوريا والعراق، يثير تساؤلات عدة في ظل تواصل التكتم الفرنسي والنفي العراقي لخفايا الصفقة الثنائية لمحاكمة المقاتلين في العراق وسط رفض الرأي العام في فرنسا عودتهم.

وقال القاضي عبد الستار البيرقدار المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى، في بيان صحفي إنه "لا توجد صفقة بين الحكومة العراقية والحكومة الفرنسية بخصوص تخفيض عقوبة الإعدام بحق المحكومين مؤخرا من حاملي الجنسية الفرنسية".

وأضاف أن "العقوبات التي تفرضها المحاكم العراقية تخضع لتدقيق محكمة التمييز فقط، وهي صاحبة الصلاحية بموجب القانون في الموافقة على تلك العقوبة أو تغييرها إلى عقوبة أخرى حسب ظروف كل جريمة وليس بصفقات بين الحكومات".

وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في افتتاحيتها الأسبوع الماضي تحت عنوان "مساومة ديبلوماسية-قضائية"، إن موقف باريس حيال معضلة محاكمة الجهاديين الفرنسيين في العراق "إشكالي".

كما خصصت الصحيفة الفرنسية ملفا كاملا حول "ألفي متشدد وفدوا إلى سوريا والعراق من جميع أنحاء العالم للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية بدءا من عام 2013".

ويأتي نفي القضاء العراقي "للمساومة" حول محاكمة الجهاديين الفرنسيين، على إثر كشف الصحفي جورج مالبرونو في مقال "لوفيغارو" عن "مطالبة بغداد بمليوني دولار لقاء تحويل حكم الإعدام إلى حكم بالسجن المؤبد"، مبررا ذلك بتعارض تنفيذ حكم الإعدام الذي ألغته فرنسا منذ أكثر من 38 عاما مع مبادئها وما تنادي به.

وأوضحت "لوفيغارو" أن باريس تضغط من أجل عدم تنفيذ حكم الإعدام بحق مواطنيها في العراق.

وينص القانون العراقي على عقوبة الإعدام بتهمة الانتماء إلى الجماعات الجهادية حتى لغير المشاركين في أعمال قتالية.

 وفي وقت سابق قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تعارض عقوبة الإعدام من حيث المبدأ، لكنها أضافت أنها تحترم السيادة العراقية بعد أن قضت محكمة هناك بإعدام ثلاثة فرنسيين لانتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

وقالت الوزارة في بيان "السفارة الفرنسية في العراق، بموجب دورها في تقديم الحماية القنصلية، تتخذ الخطوات الضرورية لإيضاح موقفها (المعارض لعقوبة الإعدام) للسلطات العراقية".

وقال كاتب "مانشيت" لوفيغارو إيف تريار الأسبوع الماضي، إن "الحل المالي مهما كانت كلفته على فرنسا قد يكون أسهل من تشكيل محكمة دولية خاصة بالجهاديين الأجانب" وهو اقتراح فرنسي نوقش على الصعيد الأوروبي كما أعلنت وزيرة العدل نيكول بيلوبيه.

وأضاف أن "هذا هو الثمن الذي على فرنسا دفعه لقاء احترام قانونها".

وأشار تريار إلى أن "الإرهابيين الإسلاميين، أيا كانت جنسيتهم لا يستحقون معاملة إنسانية"، موضحا أن وفرنسا رفضت استردادهم لهذا السبب".

عقوبة الإعدام تشمل حتى الجهاديين غير المشاركين في أعمال قتالية
عقوبة الإعدام تشمل حتى الجهاديين غير المشاركين في أعمال قتالية

وحسب استطلاع للرأي أجري منذ حوالى شهرين، يعارض 82 بالمئة من الفرنسيين عودة الجهاديين إلى وطنهم"، فيما ينقسم السياسيون حول هذا الملف بين يمين يرى أنهم "خونة" ويمين متطرف يطالب بتجريدهم من جنسيتهم، فيما يطالب اليسار بوجوب محاكمتهم في فرنسا إذا لم تتوفر شروط المحاكمة العادلة في العراق.

وأعلن العراق مؤخرا استعداده لمحاكمة الجهاديين الأجانب الذين قبض عليهم في العراق أو في سوريا، وخصوصا المتواجدين في قبضة قوات سوريا الديمقراطية بعد استعادة السيطرة على آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق البلاد.

وتبلغ حصة فرنسا من الجهاديين الأجانب الذين قاتلوا في صفوف داعش أكثر من 120 متشدد تعتقلهم السلطات العراقية حاليا وينتظرون صدور حكم بحقهم، ومن بينهم 11 شخصا حكم عليهم مؤخرا بالإعدام شنقا لانتمائهم لتنظيم داعش.

والاثنين، استعادت باريس 12 طفلاً من جهاديين فرنسيين بينهم عشرة يتامى، كانوا محتجزين في مخيمات للنازحين في شمال شرق سوريا تابعة للإدارة الذاتية الكردية، وذلك في إطار سياسة الاستعادة الإنسانية بناء على كل حالة على حدة التي تعتمدها الحكومة الفرنسية.

واليوم الثلاثاء، أعن القضاء الفرنسي تسلّمه تسعة أطفال وثلاثة جهاديين بعد نقلهم من تركيا.

وقالت مصادر قريبة من الملف وقضائية إن الجهاديين الثلاث هم رجل يبلغ 35 عاماً وامرأتان إحداهما تبلغ 36 عاماً، وضعوا في الحبس الاحتياطي. وقد تكفّلت أجهزة متخصصة بالأطفال.

وتندرج هذه العملية المنفصلة عن استعادة الأطفال من المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في سوريا، في إطار ترحيل تركيا لجهاديين بشكل منتظم.

وأوضح أحد المصادر أن الرجل والمرأتين والأطفال التسعة كانوا في مركز احتجاز في تركيا قبل ترحيلهم.

وبحسب مصدر قضائي، ذهب الرجل والمرأة البالغة 36 عاماً إلى العراق وسوريا مع أطفالهم الأوائل وقد أنجبوا أطفالاً آخرين هناك. وأنجبت المرأة الثانية أطفالاً من الرجل نفسه بعد أن قدمت إلى المنطقة مع طفلها من زواج سابق.

وترفض فرنسا ودول أخرى استعادة مواطنيها من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المعتقلين لدى الأكراد، وأفراد عائلاتهم الموجودين في المخيمات. إلا أنها كانت أعلنت أنها ستكتفي على الأرجح بإعادة الأطفال اليتامى من أبناء الجهاديين الفرنسيين. واستعادت في آذار/مارس وللمرة الأولى خمسة أطفال يتامى.

وفي نهاية الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أن نحو 450 فرنسياً محتجزون لدى الأكراد أو يقبعون في مخيمات النزوح في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المؤلفة من تحالف فصائل عربية وكردية عمادها وحدات حماية الشعب الكردية.