القضاء العسكري يودع لويزة حنّون السجن مؤقتا

القضاء العسكري يودع لويزة حنّون الحبس مؤقتا، بعد التحقيق معها في تهم تخص "المساس بسلطة الدولة والجيش"، التي اعتقل بسببها سعيد بوتفليقة وقائدا المخابرات السابقان.
حنون هي أول امرأة جزائرية شاركت في انتخابات الرئاسة ثلاث مرات متتالية
حزب العمال يدعو إلى إطلاق سراح زعيمته دون شروط
تم استدعاء حنون للمحكمة لسماعها كشاهدة

الجزائر - أمر قاضي التحقيق، بالمحكمة العسكرية بالجزائر بإيداع لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال الحبس المؤقت، بعد ساعات من التحقيق معها في قضية كل من شقيق الرئيس المستقيل، السعيد بوتفليقة ورئيس المخابرات الأسبق الجنرال توفيق والجنرال عثمان طرطاق.

ويعتبر حزب العمال، أحد أكبر الأحزاب المعارضة في الجزائر، وكانت قد أعلنت حنون عدم ترشّحها للانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها، في نيسان/أبريل الماضي بعد تأكد ترشح الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.

وأفاد التلفزيون الجزائري الحكومي في وقت سابق اليوم الخميس، أن المحكمة العسكرية استدعت حنون، لسماعها في قضية سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة واثنين من كبار المسؤولين السابقين في الاستخبارات الموجودين قيد الحبس المؤقت.

وذكر التلفزيون الجزائري في نشرة الساعة الواحدة "تم استدعاء المسماة لويزة حنون من طرف قاضي التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية بالبليدة لسماعها بخصوص الوقائع في إطار مواصلة التحقيق المفتتح ضد كل من عثمان طرطاق ومحمد مدين والسعيد بوتفليقة".

وكان قاضي التحقيق العسكري أمر بسجن سعيد بوتفليقة الذي كان مستشارا لشقيقه الرئيس السابق، والفريق محمد مدين المعروف بتوفيق والذي شغل منصب مدير جهاز الاستخبارات في الجزائر على مدى 25 عاماً، والمنسّق السابق للمصالح الأمنية عثمان طرطاق المعروف باسم "بشير".

والثلاثة ملاحقون في القضاء العسكري بتهم منصوص عليها في قانون القضاء العسكري وقانون العقوبات وهي "المساس بسلطة الجيش" و"المؤامرة ضد سلطة الدولة". ولم يتم إعلان الأفعال التي ارتكبوها.

ويصف المحتجون الجزائريون المعتقلين الثلاثة بـ"ثلاثي العصابة والقوى غير الدستورية" في منظومة حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وبث التلفزيون "صورا حصرية" للويزة حنون (65 سنة) التي تعد أول امرأة جزائرية شاركت في انتخابات الرئاسة ثلاث مرات متتالية، وهي تلتحق بالمحكمة العسكرية بمفردها دون توضيح إن كانت شاهدة أو متهمة.

ويتبنى حزب العمال الجزائري، وهو حزب اشتراكي، الأفكار التروتسكية، وتقوده لويزة حنون منذ تأسيسه العام .1990 ويعد أحد أهم الأحزاب في الساحة السياسية في البلاد منذ فتح التعددية الحزبية العام 1989.

وقال حزب العمال بعد اجتماع الأمانة العامة الدائمة لمكتبه السياسي إن "المحكمة العسكرية أودعت حنون إلى السجن بعد تلبيتها لدعوة قاضي التحقيق كشاهد في القضية".
وأوضح البيان أنه "تماشيا مع سياسته ضد ولاية بوتفليقة الخامسة، قرر استقالة مجموعته البرلمانية من المجلس الوطني لنواب الشعب".

وأضاف أن "ما تتهم به السيدة لويزا حنون هو رفضها لكل المناورات التي تهدف إلى للالتفاف على الثورة الشعبية التي تطالب برحيل النظام الذي يريدون انتقاله المزعوم إلى الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو 2019".

وقال النائب رمضان يوسف تعزيبت عضو المكتب السياسي لحزب العمال "لقد تم استدعاؤها كشاهدة (...) ثم وضعوها في الحبس المؤقت"، لكنه قال إنه لا يعرف التهم التي وجهت إليها.

وأضاف أن حنون هي "أول مسؤول سياسي يتعرض لمثل هذا التصرف غير المعقول".

وحذر الحزب من عواقب توقيف حنون معتبرا ذلك "انجراف خطير جدا في المسار السياسي في البلاد، وهو بمثابة تجريم للعمل السياسي المستقل وتعبير واضح عن رغبة في وضع الناشطين تحت سيطرة السلطة".

ورفض حزب العمال كل التهم الموجهة ضد لويزة حنون داعيا إلى إطلاق سراحها دون شروط، مشيرا إلى أن هذا الاعتقال يفتح مرحلة جديدة.

وذكر حزب العمال في وقت سابق أنه يواجه "حملة قذرة ضده وضد أمينته العامة".

وقال حزب العمال بداية الأسبوع الحالي في بيان إن "الاعتقالات والمحاكمات سواء تعلق الأمر بالجنح أو الجرائم الاقتصادية أو الاعتقالات الأخيرة التي لها طعم سياسي وبخاصة علاقتها برحيل النظام والمسار الثوري، تثير عدة تساؤلات بالنظر للوضع الثوري وطبيعة ونوعية المؤسسات التي تعطي الأوامر لذلك".
وأضاف البيان أن "أغلبية الشعب تشترط رحيل النظام أولا ثم القيام في ظل عدالة مستقلة بمحاكمة جميع المسؤولين ورجال الأعمال المعنيين من أجل تفادي تصفية الحسابات وانتقائية القرارات في فترة الثورة بينما لم يتم بعد تفكيك النظام".
وأوضح الحزب الذي تتزعمه حنون أن "خطاب رئيس الدولة بالنيابة يبدو بمثابة رفض لتطلعات أغلبية الشعب التي تريد التحرر من قبضة النظام المتعفن ومن نظام الحكم الرئاسوي المستبد والمناهض للديمقراطية ودستوره الذي يريد مناصرو الوضع الراهن تقييده فيه". 

ودخلت حنون حلبة السياسة من الباب النقابي منذ سبعينات القرن الماضي. وكانت المرة الأولى التي أعلنت فيها نيتها الترشيح للانتخابات في يناير‏1999.

وقالت في ذلك الوقت إنها قبلت ترشيح اللجنة المركزية لحزب العمال، من أجل طرح رؤى وتصورات الحزب حول حقن الدماء ووقف أزمة الصراع بين الجيش والجماعات الإسلامية،‏ وعقد مؤتمر عام للمصالحة يضم القوى الوطنية‏.‏

في ذلك الوقت قالت إنها تختلف مع الرئيس بوتفليقة وكل الزعماء الإسلاميين،‏ وأنها تعتبر الجيش والإرهاب وجهين لعملة واحدة‏،‏ ولن يصلح أمر البلاد‏،‏ ولن يسود السلم الاجتماعي إلا بصلاح الاثنين معا‏.‏

واعتقلت حنون خلال الأحداث الدامية للانتفاضة التي وقعت في أكتوبر ‏1988 وعرفت باسم ثورة الخبز، ‏ثم أفرجت عنها بعد ثلاثة أيام. 

وغالبا ما توجه انتقادات سياسية وإعلامية إلى الأمينة العامة لحزب العمال لاحتكارها القيادة في حزبها  التروتسكي اليساري وسيطرتها على صناعة القرار في هيئاته القيادية، في الوقت الذي تطالب فيه بالتداول السلمي على السلطة في الجزائر.

ورغم انتقادها للسياسة الاقتصادية للجزائر وانفتاحها على الشركات الأجنبية وحتى لمحيط الرئيس بوتفليقة ورجاله في الحكومة، إلا أن حنون لم يسبق لها أن وجهت انتقادا مباشرا لبوتفليقة.

ورفضت لويزة حنون تلبية دعوة رئيس الدولة بالنيابة عبدالقادر بن صالح، الذي يطالب المحتجون برحيله كونه أحد رموز بوتفليقة، لمشاركتها في لقاء "نادي الصنوبر" حول إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات.

وانتقدت الأمانة العامة لحزب العمال دعوة بن صالح، واعتبرتها "بمثابة رد بالسلب على طموحات الأغلبية الساحقة التي تريد التحرر من النظام".

وعن توقيف الثلاثي توفيق وطرطاق وسعيد بوتفليقة، قال الحزب في نفس البيان إنه "يحمل صبغة سياسية في الظرف الثوري الحالي"، معتبرا "أغلبية الشعب تطالب برحيل النظام ثم المحاسبة في إطار عدالة مستقلة لتفادي تصفية الحسابات التي تميز كل مراحل ما قبل إتمام تفكيك النظام القديم".