القضاء الفرنسي يحاكم عضوا سابقا في جيش الاسلام
باريس - بعد عام من الحكم على ثلاثة مسؤولين في نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد بالسجن مدى الحياة، يُحاكم القضاء الفرنسي اعتبارا من الثلاثاء مقاتلا إسلاميا سوريا سابقا بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب بين عامي 2013 و2016 في بلاده.
ونفى مجدي نعمة العنصر السابق في جيش الإسلام والذي أودع السجن في يناير/كانون الثاني 2020 تمهيدا لمحاكمته، هذه الاتهامات، مؤكدا أنه اضطلع بـ"دور محدود" في هذه المجموعة التي حاربت النظام السوري.
وسيحاكم نعمة البالغ 36 عاما بموجب الولاية القضائية العالمية للقضاء الفرنسي بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب والانتماء إلى مجموعة إجرامية تمهيدا للتخطيط لجرائم حرب.
ويشتبه في أنه ساعد في تجنيد أطفال أو فتيان في صفوف "أشبال الإسلام" وتدريبهم على العمل المسلح وقد يواجه عقوبة السجن 20 عاما.
وقال مارك بيلي محامي الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والعديد من الأطراف المدنية إلى جانب المحامية كليمانس بيكتارت إن "هذه القضية فرصة لتسليط الضوء على مدى الطابع المعقد للحرب في سوريا التي لم تقتصر على جرائم النظام".
وانشق مجدي نعمة عن الجيش السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 لينضم إلى زهران علوش مؤسس وقائد لواء الإسلام الذي أصبح "جيش الإسلام" عام 2013. وسيطرت هذه المجموعة على الغوطة الشرقية شمال شرق دمشق عام 2011.
وكان المتهم القريب من زعيم المجموعة اتخذ من إسلام علوش اسما حركيا.
وأكد للمحققين أنه غادر الغوطة الشرقية نهاية مايو/أيار 2013 إلى تركيا حيث كان المتحدث باسم جيش الإسلام، مما يثبت أنه لم يكن بإمكانه ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. ويزعم أنه ترك المجموعة عام 2016.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وصل إلى فرنسا كطالب لمتابعة دراسته في معهد أبحاث العالم العربي والإسلامي بجامعة إيكس مرسيليا (جنوب شرق).
وبينما تم تقديم شكوى في فرنسا ضد جيش الاسلام قبل أشهر، اوقف في يناير/كانون الثاني 2020 ووجه إليه قاضٍ من قسم الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، التهمة.
وأحيل لاحقا على المحكمة بتهمة التواطؤ في حالات الاختفاء القسري. واتهم كعضو في جيش الإسلام بخطف أربعة نشطاء في مجال حقوق الإنسان في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2013 بينهم المحامية والصحافية السورية رزان زيتونة. ولم يعثر على هؤلاء إلى اليوم.
لكن محكمة استئناف باريس ألغت هذه الملاحقات في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لأسباب إجرائية، رغم أنها أكدت في حكمها أنه "يجب اعتبار جيش الإسلام مسؤولا عن اختفاء" الناشطين الأربعة. ثم صادقت محكمة النقض، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي، على ذلك.
وكان فريق دفاع مجدي نعمة طعن في مبدأ الولاية القضائية العالمية للقضاء الفرنسي الذي يسمح له بمحاكمة أجنبي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب في الخارج ضد أجانب، لكن محكمة النقض ردت الاستئناف.
ويرى محاميا المتهم رومان رويز ورفائيل كيمبف أن سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 يفتح آفاقا جديدة ويثير "مسألة شرعية" هذه المحاكمة.
وأكدا أنه "من الثابت أن القضاء الفرنسي عبر إجراء هذه المحاكمة يظهر نوعا من الازدراء حيال السوريين" الراغبين في أن يحاكموا في وطنهم.
وقال بايلي "في الوضع الحالي من المستحيل إجراء محاكمة عن هذه الجرائم في سوريا. لا سلطة دبلوماسية ولا سلطة قضائية، وفي هذه المرحلة لا فصل حقيقيا بين السلطات" وخصوصا أن العلاقات بين المجموعة والسلطات السورية الجديدة غير واضحة.
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، كان لجيش الإسلام علاقات مع هيئة تحرير الشام الاسلامية بقيادة أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي للبلاد الآن. ويمكن لجيش الإسلام أن ينشط تحت أسماء أخرى منذ أن أعلنت السلطات الجديدة حل الجماعات المسلحة ودمجها في الجيش السوري الجديد. ومن المقرر أن تستمر المحاكمة حتى 27 مايو/ايار أمام محكمة الجنايات في باريس.