القضية الفلسطينية وحصان طروادة

سينتصر الفلسطينيون بدعم العرب أو من دونهم.
العرب هم نقطة الضعف الوحيدة لدى الفلسطينيين
عقلية سياسية عربية بليدة ومتبلدة تعمل ليل نهار على إذكاء الصراعات المجتمعية
تخيلوا معي لو كانت فلسطين في أرض غير عربية ويجري لها ما يجري الآن

ظلت وما تزال القضية الفلسطينية شماعة للمزايدات، وحصان طروادة تنفذ من خلاله الأنظمة العربية؛ لركوب الشعوب وإذلالها بسوط  الديكتاتورية، وسلب الحقوق والحريات والعيش الكريم. الحقيقة الواضحة وضوح الشمس أن الفلسطينيين هم آخر ما تبقى من العرب الأقحاح، الذين يدافعون عن كرامة العرب، وعن مقدسات الأمة العربية الإسلامية في فلسطين المحتلة، وأن ما عداهم من العرب حكاما وأنظمة وجماهير، ومن المسلمين دولا وحكومات وشعوبا، بالنسبة للفلسطينيين عبارة عن فضلة لا حاجة لهم بها، كل ما يقدرون على فعله، هو الدعاء بهلاك الصهاينة ومن يقف معهم، وتقديم حفنة من الأموال لعلاج الجرحى وشراء الأكفان للشهداء، ومواساة أسرهم، وفي أحسن الأحوال كفالة الأسر المشردة بمعونات شهرية تغسل عار العرب والمسلمين وعجزهم.

قدر فلسطين أنها وجدت في محيط عربي. تخيلوا معي لو كانت فلسطين في أرض غير عربية، ويجري لها ما يجري الآن، هل كانت مأساة أهلها والجرائم المرتكبة في حقهم؟! ستستمر بهذا الشكل، وإلى اللحظة الراهنة كلا وألف كلا.

زعزعت إيران استقرار أربع دول عربية، وزرعت فيها مليشيات قوضت الأمن ومزقت النسيج الاجتماعي، وسفكت دم ملايين العرب، برعاية وإشراف فيلق القدس العظيم، الذي رأى أن تحرير الأقصى، يبدأ من إشاعة الفوضى وإسقاط الدول العربية، في وحل القتل والطائفية والحروب الأهلية، ومن ثم سيكن الطريق سهلا ومعبدا؛ لتحرير الأقصى من الناحية الأخرى، حكمت الأنظمة العربية الشعوب بالحديد والنار، فهي تعتقد أن الوقوف مع القضية الفلسطينية، وإرجاع القدس لأهلها، لا ينسجم بأي حال من الأحوال، مع تنمية بلدانهم، ومع حقوق الشعوب وحريتها وعيشها الكريم.

المضحك أن قادة بعض الأحزاب السياسية العربية، رأى في تهجير حي الشيخ جراح في القدس، وجرائم الصهاينة بحق المقدسيين، فرصة لتسجيل حضور نضالي لهم، وتسجيل نقاط ضد خصومهم في آن واحد، حتى مآسي الآخرين لا تسلم من مناكفاتهم. لست في معرض الدفاع عن خصومهم، لكنها العقلية السياسية العربية البليدة والمتبلدة، التي تعمل ليل نهار، في تفتيت الأواصر وإذكاء روح الصراعات المجتمعية، خادمة بذلك من حيث تشعر ولا تشعر الصهاينة، ثم تقدم نفسها متضامنة مع الفلسطينيين، الذين في غنى عن تضامنهم الإعلامي الخطابي، الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، حرروا أنفسكم ومجتمعاتكم من الفساد والظلم، حرروا عقلياتكم من كهنوت الصراع وتنمية النزاعات الداخلية، ابنوا جيلا عربيا، مخلصا لقيم العدل والمساواة والانتماء للإنسانية، وقيم الإنتاج والتنمية الشاملة فهو الجيل الذي سيقف مع أهلنا في فلسطين وسيقلب ميزان المعركة لصالحهم، بدلا من أن تجعلوه وقودا لكم في معارككم مع بني جلدتكم، في الوصول للسلطة أو إسقاط الأنظمة الحاكمة لتحلوا محلها ليس إلا.

سينتصر الفلسطينيون بعون الله، ثم بعدالة قضيتهم، ماذا فعلتم لهم سابقا؟ غير البيانات والاجتماعات، والحديث عنهم متسولين بأوجاعهم في المحافل الدولية، بينما أنتم تقرؤون بيانات الشجب والإدانة، أطفال فلسطين يستهزئون بها، وأيديهم تقبض حجارة ترابهم الطاهر، يقذفون بها مدرعات وسيارات ودبابات الصهاينة، غير آبهين بما تنطق أفواهكم؛ لأنهم يدركون أن ما تنطقونه لا يتعدى حناجركم، لا تخدشوا عفة وطهر نضال الفلسطينيين بنباحكم، سينتصرون بدونكم، فنقطة ضعفهم الوحيدة هي أنتم وأنتم فقط.