القمح الروسي في قلب صراع قضائي بين موسكو ودمشق
دمشق - رفعت شركة روسية لتجارة الحبوب دعوى قضائية على مصرف سوريا المركزي وشركة حبوب حكومية مطالبة بمبلغ 5.6 مليار روبل (71.52 مليون دولار)، فيما تعكس هذه الخطوة غضب موسكو إزاء قرار الإدارة السورية حظر إمدادات الحبوب من روسيا.
وتسعى سوريا إلى إيجاد مصادر بديلة للقمح الروسي، فيما أشارت تقارير إلى أن أوكرانيا والعراق عرضتا المساعدة، وسط توقعات بأن تصبح كييف، غريمة موسكو، المزود الرئيسي لدمشق بالمادة الأساسية.
وتتطلع الحكومة السورية الجديدة إلى تعزيز الإنتاج المحلي للقمح، مع تحديات كبيرة بسبب سنوات الحرب والجفاف وارتفاع تكاليف المدخلات.
وظلت روسيا طيلة عهد الرئيس السابق بشار الأسد المورد الرئيسي للقمح لسوريا، لكن بعد سقوط نظامه، توقفت الإمدادات المنتظمة وعلى الرغم من ذلك، وصلت شحنة واحدة إلى ميناء اللاذقية في أبريل/نيسان 2025.
وأشارت قاعدة البيانات إلى أن شركة "بالادا"، وهي من أكبر 20 شركة تجارة حبوب روسية من حيث الإيرادات، رفعت دعوى قضائية على مصرف سوريا المركزي والمؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب في 19 يونيو/حزيران.
وأنشئت "بالادا" في 2022 عندما واجه كبار تجار الحبوب الروس عقوبات غربية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وسمحت الحكومة للشركة ببيع 145484 طنا من القمح في الفترة من فبراير/شباط إلى يوليو/تموز هذا العام.
وينتظر أن تزيد هذه القضية من تعقيد العلاقات التجارية بين البلدين، وتجعل الشركات الروسية الأخرى أكثر حذرًا في التعامل مع سوريا، مما قد يؤثر سلبًا على أي محاولات لاستئناف الإمدادات المنتظمة للحبوب أو غيرها من السلع.
وتشير تقارير إلى أن السلطات السورية الجديدة قد حظرت جميع الواردات من روسيا في يناير/كانون الثاني 2025، ما يمثل تصعيدا كبيرا في التوتر الاقتصادي، ومع رفع العقوبات الغربية المحتملة، قد تميل الحكومة السورية الجديدة للتعاون بشكل أكبر مع الغرب، وهو ما قد يقلل من اعتمادها على موسكو كمصدر للمساعدات وإعادة الإعمار، مما يثير قلق الكرملين.
وعلى الرغم من التوتر، سارعت روسيا إلى إقامة اتصالات مع الحكومة السورية الجديدة، بما في ذلك اتصال هاتفي بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الانتقالي أحمد الشرع تعهدت خلاله موسكو بدعم سيادة سوريا ووحدة أراضيها وتقديم المساعدة الإنسانية والاقتصادية.
وتظل القواعد العسكرية الروسية في سوريا محور اهتمام موسكو التي عملت على تأمينها، حتى أنها عرضت تحويلها إلى "مراكز إنسانية" للمساعدة وقد أظهرت السلطات السورية الجديدة انفتاحاً على استمرار الوجود الروسي، معتبرة إياه شراكة استراتيجية.
وتمر العلاقات بين موكسو ودمشق بمرحلة انتقالية معقدة، حيث تحاول سوريا الجديدة إعادة تعريف علاقاتها الدولية والانفتاح على الغرب، بينما تسعى روسيا للحفاظ على مصالحها ونفوذها في المنطقة بعد سقوط حليفها.