الكاظمي يستبق أول جولة خارجية بمعركة مع أذرع إيران

رئيس الوزراء العراقي يحاول قبل أول جولة خارجية له تشمل واشنطن ودولا أوروبية، إظهار أنه رجل دولة قادر على كبح الميليشيات الشيعية الموالية لإيران.  
العراق ينفتح على معركة كسر عظام بين الكاظمي وأذرع إيران
ميليشيات إيران تستعرض قوتها في المنطقة الخضراء
مهمة الكاظمي تبدو محفوفة بالمخاطر فإيران لن تبقى مكتوفة الأيدي
هل يصمد الكاظمي في مواجهة التغلغل الإيراني

بغداد - يبدأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في وقت لاحق من الشهر الحالي أول جولة خارجية له منذ توليه منصبه في 7 مايو/ايار تشمل الولايات المتحدة ودولا أوروبية وتأتي بعد سلسلة أحداث من المتوقع أن تحدد مسار المشهدين الأمني والسياسي في العراق وترسم حدود علاقة العراق المعقدة بين حليفيه الخصمين واشنطن وطهران.

ويحاول الكاظمي قبل الزيارة المرتقبة التي أعلنت عنها الاثنين لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي من دون أن تحدد موعدها بدقة، أن يظهر للشركاء الغربيين (الأميركيين والأوروبيين) أنه رجل دولة قادر على كبح انفلات المليشيات الموالية لإيران وبالتالي الحدّ من النفوذ الإيراني في العراق وهو مطلب أميركي معلن.

ويريد الكاظمي الذي دخل في معركة كسر عظام مع ميليشيات إيران في العراق، الحفاظ على علاقات متوازنة مع طهران بما يضمن عدم المس بسيادة الدولة وعدم تحويل الساحة العراقية إلى ساحة حرب بالوكالة.

وتعكف الحكومة الإيرانية على صياغة إستراتيجية جديدة أقل تشددا من تلك التي رسمها قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي قتل في غارة أميركية في يناير/كانون الماضي في بغداد إلى جانب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس.

وتقوم الإستراتيجية الإيرانية محل الذكر على تغلغل في مفاصل الدولة العراقية بدبلوماسية أكثر هدوء وأقل عنفا.

لكن على ضوء التطورات الأخيرة أي دخول الكاظمي في مواجهة مع فصائل إيران، قد تعود طهران إلى تحريك أذرعها في العراق بشكل أقوى.

ودخل رئيس الوزراء العراقي بالفعل في معركة ليّ أذرع مع تلك الميليشيات بداية باعتقال 14 عنصرا من عناصر كتائب حزب الله والذين أفرج عنهم لاحقا تحت ضغط من الجماعات الشيعية المسلحة، وصولا إلى إعفاء رجل إيران القوي في القوات المسلحة العراقية فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي ومستشار الأمن القومي.

اعفاء الكاظمي للفياض هل تكون بداية قصقصة اجنحة إيران في العراق
اعفاء الكاظمي للفياض هل تكون بداية قصقصة اجنحة إيران في العراق

وتقول مصادر عراقية إن رئيس الوزراء حصل على تعهد من ميليشيات إيران المنضوية تحت الحشد الشعبي بعدم استهداف المصالح والقوات الأميركية في العراق، لكن يبدو ان هذه الميليشيات أخلت بالتزاماتها على ضوء حدوث هجمات صاروخية متفرقة في الفترة الماضية.

وهاجمت وكالة أنباء إيرانية حكومية بشدّة التغييرات الأمنية والسياسية التي أجراها الكاظمي، مشيرة إلى أنه غيّر أولوياته المعلنة قائلة "من الواضح أن رئيس الوزراء العراقي قد حول جميع الأولويات ووضع قضايا أخرى على رأس أولوياته ومن بين القضايا التي يسعى الكاظمي إلى تحقيقها هي وضع عقبات أمام مجاهدي الحشد الشعبي، فترك القوات الأميركية تتحرك بكل أريحية في العراق دون ضغوط وأحداث تغييرات غامضة ومريبة في الهيكل الأمني العراقي".  

واستهلت وكالة مهر الإيرانية تقريرا حمل عنوان 'ما الهدف من التحركات الخفية للكاظمي في العراق' بالقول "التحولات والتطورات والتحركات الأخيرة التي حدثت في العراق خلال الأسابيع القليلة الماضية، كانت بمثابة ألغاز محيّرة ولكن عندما نضع هذه الألغاز بجانب بعضها البعض تنتج لنا صورةً واضحةً، فقبل استلام مصطفى الكاظمي لمنصب رئاسة الوزراء كانت هذه الصورة غير واضحة".

واعتبرت أن الكاظمي يذهب بعيدا عن المهام الإستراتيجية الحساسة التي أوكلت له وهي "تحسين الظروف المعيشية وإنقاذ الاقتصاد العراقي من الانهيار وثانيها الاستعداد للانتخابات البرلمانية المبكرة وثالثها تخليص العراق من الاحتلال الأميركي ورابعها محاربة الفاسدين وتسليمهم إلى القضاء".

وقال مصدر من لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي إن الكاظمي سيتوجه لواشنطن على رأس وفد رفيع المستوى لاستكمال الحوار الاستراتيجي وأيضا جدولة الانسحاب الأميركي من العراق.

لكن الوكالة الإيرانية هاجمت بشدة التغييرات التي أجراها الكاظمي وذكّرته بأن الشرط الأول بينه وبين البيت الشيعي كان إخراج القوات الأميركية من الأراضي العراقية.

الكاظمي يتعرض لضغوط شديدة
الكاظمي يتعرض لضغوط شديدة

ونددت كذلك بعبدالغني الأسدي الذي تم تعيينه رئيسا لجهاز الأمن الوطني العراقي خلفا لفالح الفياض الذي صدر مرسوم بإعفائه من كافة مهامه

وقالت وكالة مهر "إن وضع شخص (الاسدي) بهذا السجل في أعلى هرم جهاز الأمن القومي العراقي يمكن أن يحتوي على رسائل مختلفة. بلا شك بهدف إرضاء الأميركيين. وفي الوقت نفسه، فإن عزل فالح الفياض من منصبه كمستشار الأمن القومي هو إجراء آخر من أعمال الكاظمي المشبوهة الأخرى".

واثنت في المقابل على الفياض قائلة إنه "شخص قريب من الحشد الشعبي وكان حاضرا دائما على جبهة قيادة الجهاد ضد الإرهاب التكفيري. لذلك، فإن إقالته من منصبه تحتوي أيضا على رسالة سلبية موجهة إلى قوات الحشد".

وتنظر أوساط عراقية للتغييرات التي أجراها الكاظمي على أنها بداية قصقصة أجنحة إيران في العراق، إلا أنها مهمة محفوفة بالمخاطر ستدخل مدير المخابرات السابق في مواجهة مباشرة مع طهران وفصائلها المسلحة في العراق.

وقد ردّت فصائل شيعية مسلحة من الحشد على تحركات رئيس الوزراء باستعراضات للقوة في المنطقة الخضراء ومحيطها.

وفي أحدث ردّ على قرارات الكاظمي، أفاد مصدر أمني عراقي بأن هجوما صاروخيا استهدف محيط مطار بغداد الدولي، في وقت متأخر من مساء الأحد.

وقال أحمد خلف ضابط برتبة نقيب في الشرطة إن "صاروخ كاتيوشا سقط بمحيط مطار بغداد الدولي دون أن يتسبب بإصابات بشرية أو خسائر مادية".

ويعتبر الهجوم الصاروخي الرابع من نوعه الذي يستهدف محيط مطار بغداد الدولي خلال العام الحالي ويتزامن مع استمرار السلطات العراقية في إيقاف الرحلات الجوية بسبب جائحة كورونا.

ويضم مطار بغداد الدولي جزئين مدني وعسكري وتتواجد فيه قوات أميركية إلى جانب القوات العراقية في الجزء العسكري من المطار.

وتتهم واشنطن فصائل عراقية مسلحة مرتبطة بإيران بالوقوف وراء الهجمات التي تستهدف سفارتها وقواعدها العسكرية التي ينتشر فيها الجنود الأميركيون.

وكانت فصائل شيعية مسلحة من بينها كتائب حزب الله العراقي المرتبطة بإيران، هددت باستهداف مواقع تواجد القوات الأميركية في حال لم تنسحب امتثالا لقرار البرلمان العراقي القاضي بإنهاء الوجود العسكري في البلاد.

وصّوت البرلمان العراقي في 5 يناير/كانون الثاني الماضي بالأغلبية على إنهاء التواجد العسكري الأجنبي إثر مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني برفقة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في قصف جوي أميركي قرب مطار بغداد الدولي.