الكاظمي يفشل في أول اختبار قوة مع ميليشيات إيران

المفرج عنهم من كتائب حزب الله يدوسون صورا للكاظمي بعد إطلاق سراحهم تزامنا مع بيان لقيادي في الكتائب تضمن تهديدات غير مباشرة واهانات لرئيس الوزراء.
رسائل الكاظمي وصلت لإيران وأذرعها لكن خيوط اللعبة ليست بيده
متحدث عسكري باسم كتائب حزب الله ينعت رئيس الحكومة بـ"كاظمي الغدر"
هل خضع الكاظمي لضغوط حزب الله وإيران

بغداد - نشرت وسائل إعلام عراقية مقربة من حزب الله العراقي مشاهد لعناصر في الحزب وهم يدسون صور لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ويحرقون العلمين الأميركي والإسرائيلي، على اثر الإفراج عنهم اليوم الاثنين بعد أربعة أيام من اعتقالهم من قبل جهاز مكافحة الإرهاب، في أول عملية وضعت الكاظمي في مواجهة مباشرة وعلنية مع إحدى أكبر الفصائل الشيعية الموالية لإيران والمنضوية تحت لواء قوات الحشد الشعبي وهي القوات التي تم دمجها في القوات المسلحة في عهد حكومة عادل عبدالمهدي.

وكان الكاظمي قد أعلن خلال توليه رئاسة الوزراء أن من ضمن أولويات حكومته حصر السلاح بيد الدولة وهو ما يعني عمليا الدخول في مواجهة مع الميليشيات الشيعية المسلحة.

وأُفرج الاثنين عن المقاتلين الموالين لإيران كانوا قد اعتقلوا على خلفية الهجمات الصاروخية على المصالح الأميركية في العراق، في ما يبدو بداية متعثرة لحكومة مصطفى الكاظمي الساعية لتقديم ضمانات إلى واشنطن وإرضاء طهران في الوقت نفسه.

وبعد أربعة أيام من اعتقالهم على يد قوات النخبة في جهاز مكافحة الإرهاب، تم استقبال 14 عنصرا من كتائب حزب الله في أحد مقار الفصيل المسلح، بحسب صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويعتبر الإفراج عن المعتقلين من مسلحي كتائب حزب الله، فشلا بكل المقاييس للكاظمي الذي شغل في السابق منصب مدير لجهاز المخابرات والذي يعرف جيدا مآلات المواجهة مع ميليشيا مسلحة تعتبر من أكبر الفصائل الشيعية في العراق.

ويبدو أن الكاظمي سقط في أول اختبار للقوة في مواجهة سلاح الميليشيات، حيث تأكد أن خيوط اللعبة في يد إيران واذرعها في المنطقة.

ويضم جهاز مكافحة الإرهاب قوات النخبة الأفضل عتادا وتدريبا وأنشأه الأميركيون بعيد الغزو في العام 2003، وعادة ما تناط به المهمات الأكثر صعوبة.

وأكد المتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله جعفر الحسيني أن المقاتلين الـ14 أطلق سراحهم "لعدم ثبوت الأدلة" لدى قاضي الحشد، معتبرا أن هذا دليل على أن "التهمة كيدية".

وأضاف الحسيني "الخطوة المقبلة هي إقامة دعوى ضد رئيس الوزراء" مصطفى الكاظمي "لنثبت أنه يجب أن تسود دولة القانون وليس دولة الأهواء الشخصية".

وكان هذا الفصيل اتهم رئيس الوزراء لأشهر بالتورط في عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في غارة أميركية في الثالث من يناير/كانون الثاني.

وقال متحدث باسم حزب الله يدعى أبوعلي العسكري في بيان الاثنين إن كتائب حزب الله تريد مقاضاة الكاظمي بتهمة "خطف" المقاتلين استنادا إلى "تهم كيدية".

وهاجم العسكري رئيس الوزراء العراقي في بيان نشره على حسابه بتويتر قال فيه "أولا تعهد كاظمي الغدر للأمريكان بالتعدي على الحشد واختار الكتائب لأنها تلاحقه بتهمة المشاركة في قتل القادة ورفاقهم ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد".

وتضمن البيان الكثير من الإهانات لشخص الكاظمي بوصفه رئيسا للوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة التي تضم فصائل الحشد الشعبي.

وتحدث العسكري عن بعض التفاصيل مشيرا إلى أنه تم إجبار الكاظمي على تسليم المعتقلين من كتائب حزب الله لقوة من الحشد الشعبي وأنه تم إطلاق سراحهم بعد أن تعهد الكاظمي بـ"عدم تكرار هذه الأعمال الصبيانية، مضيفا أن ذلك تم بعد أن "كفل بعض من داخل الحكومة ومن خارجها ومن داخل البلاد وخارجها" بعدم تكرار ما حدث.

وأكد مصدر في أمن الحشد الشعبي الذي كان يحتجز الموقوفين، أن قاضي الحشد هو من أطلق سراحهم، لكن مصدرا حكوميا أوضح أنه "تم إطلاق سراح 13 شخصا بكفالة وأبقي واحد تشير الأدلة إلى تورطه"، مؤكدا أن القضية لم تغلق بعد.

وقال مايكل نايتس الخبير بالشأن العراقي "إذا استطاعت كتائب حزب الله تحصين نفسها من القضاء العراقي، فإنهم سيحرجون بذلك حكومة الكاظمي".

وشكلت عملية الاعتقال سابقة أثارت قلقا من أن تمهد لمواجهة سياسية أو عسكرية في العراق، ضحية النزاع بين واشنطن وطهران.

وفي استعراض للقوة، أحرق عناصر من كتائب حزب الله الاثنين أعلاما أميركية وإسرائيلية وداسوا صور رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة.

وكتائب حزب الله جزء من الحشد الشعبي الذي تشكل بفتوى دينية في العام 2014 لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وتم اعتباره في ما بعد جزءا من القوات العراقية الرسمية ويأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة.

وبات الحشد الشعبي الذي قاتل الجهاديين إلى جانب القوات الأمنية العراقية وتحت مظلة طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، قوّة نافذة في البلاد مع مئات المقاتلين وثاني أكبر تمثيل في البرلمان.

وبلغ التوتر ذروته بين واشنطن وطهران في يناير/كانون الثاني عندما قتلت الولايات المتحدة سليماني وأبومهدي المهندس بغارة نفّذتها طائرة مسيّرة قرب مطار بغداد.

ومنذ ذلك الحين، بدا الحشد جنبا إلى جنب مع الكاظمي لتشكيل حكومته، في بلد يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، في حين واصلت كتائب حزب الله وحدها اتهام رئيس الحكومة بالتواطؤ في عملية الاغتيال.

وأكد نايتس أن عديد ومستوى تدريب مقاتلي كتائب فصيل حزب الله يجعلانه "القوة الثالثة في ما يسمى محور المقاومة في الشرق الأوسط، بعد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني" الذي يتشارك معه الاسم ولكنه لا يرتبط به تنظيميا.

وبخطوة الاعتقال الأخيرة ضد فصيل يعتقد أنه لا يمكن المساس به، كان الكاظمي "يريد التقرب إلى الأميركيين والقول لهم إنه قادر على حمايتهم"، وفق نايتس.

وأضاف "أراد أن يوصل رسالة أنه سيواجه الفصائل التي ترفض وجود الأميركيين وتتبنى مقاومتهم، لكن لقد صح الصحيح. لا يمكن لأي طرف أن يواجه شعبا يريد إخراج القوات الأميركية".

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، استهدف أكثر من 33 صاروخا منشآت عراقية تستضيف دبلوماسيين أو جنودا أجانب إضافة إلى السفارة الأميركية في بغداد وسجلت ستة هجمات خلال الأسبوعين الماضيين فقط.