الكشف عن مصير صحافي أميركي في سوريا يمنح الأمل لذوي المفقودين

ضابط مقرب من الأسد يقول أن الرئيس السوري السابق أصدر أمرا بإعدام الصحافي أوستن تايس عام 2013 وكشف عن مكان رفاته .

دمشق - قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأحد، إن مسؤولاً أمنياً سورياً سابقاً أبلغ المحققين بأن الصحافي الأميركي أوستن تايس، المفقود في سوريا منذ عام 2012، أُعدم عام 2013 بأمر مباشر من الرئيس السوري السابق بشار الأسد، فيما أعطت هذه المعلومات أملا لذوي المعتقلين المفقودين في سوريا بالكشف عن مصير أبنائهم بعد سنوات من الانتظار.

وذكرت الصحيفة أن مستشار الأسد سابقاً اللواء بسام الحسن، خضع لتحقيق أميركي في بيروت مطلع نيسان/أبريل الماضي، من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الاستخبارات المركزية، وبحضور مسؤولين لبنانيين.

وذكر مسؤولون أميركيون ومصادر مطلعة للصحيفة، أن الحسن وهو أحد المقربين من الأسد، أبلغ المحققين أن أوامر الإعدام صدرت بعد فرار تايس لفترة قصيرة من زنزانته، مشيراً إلى أنه نفذ الأوامر عبر أحد معاونيه، رغم محاولته إقناع الأسد بالإبقاء عليه حياً كورقة ضغط.

ومن جهتها، شككت بعض المصادر في رواية الحسن عن محاولته ثني الأسد عن القرار، معتبرة أنها محاولة للتنصل من المسؤولية، في حين بدا الجزء المتعلق بأمر الأسد بالقتل موثوقاً بدرجة كبيرة.

وأكدت الصحيفة أن التحقيق الأميركي لا يزال مستمراً في هذه الادعاءات، وأن الحسن قدم للمحققين وصفاً دقيقاً لموقع يُعتقد أنه يحتوي على رفات تايس.

واختفى الصحفي والمصور المستقل عن الأنظار منذ اختطافه في البلاد على يد النظام السابق في أغسطس/ آب 2012.

وعمل تايس مع عدد من وسائل الإعلام الرئيسية، بما في ذلك شبكة "سي.بي.إس"، ووكالة فرانس برس، وصحيفة واشنطن بوست، وكان يُغطي الأحداث في إحدى ضواحي دمشق، عندما فُقد.

ونُشر مقطع فيديو بعد أسابيع من اختفاء تايس، وهو معصوب العينين ومحتجز من قبل رجال مسلحين.

وعرضت الحكومة الأميركية - التي لطالما أكدت رسميًا أنه لا يزال على قيد الحياة - مكافأة تصل إلى مليون دولار، لمن يُدلي بمعلومات تُفضي مباشرةً إلى مكانه الآمن وعودته سالمًا.

ورفض مارك تايس والد الصحافي الأميركي الرواية التي قدمها اللواء السابق، معتبراً أنها محاولة للتنصل من المسؤولية، بحسب ما أوردته الصحيفة الأميركية.

وقال "إن بسام الحسن قاتل جماعي، ولا أصدق روايته إنها مجرد وسيلة لحماية نفسه"، مؤكداً أن العائلة لا تزال تؤمن بأن ابنهم على قيد الحياة، استناداً إلى شهادات تفيد برؤيته في سجون سورية بعد 2013.

ولفتت واشنطن بوست، إلى أن التحقيقات لا تزال جارية وتبذل فرق التحقيق الأميركية حالياً جهوداً للوصول إلى المواقع التي من المفترض أن تحوي رفات اوستن تايس.

وبعد سقوط النظام تداول ناشطون مشاهد مرئية لمواطن أميركي، في منزل إحدى العوائل السورية بقرية الذيابية بريف دمشق ظناً منهم أنه الصحافي الأميركي المفقود.

وكانت قد نفت وسائل إعلام عالمية أن يكون الشخص الذي ظهر في الفيديو هو تايسون، ليتبين لاحقاً أنه مواطن أميركي أخر يدعى ترافيس تيمرمان وأنه كان معتقلاً أيضاً في سجون النظام المخلوع.

وقال المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، في مايو/أيار الماضي إن الإدارة الانتقالية تعهدت بمساعدة الولايات المتحدة في البحث عن أميركيين مفقودين. وأضاف، في منشور على منصة إكس، إن الإدارة الانتقالية في سوريا ستساعد واشنطن في العثور على مواطنيها المفقودين في سوريا.

وأشار إلى أن الإدارة الانتقالية وافقت على مساعدة واشنطن في تحديد أماكن المواطنين الأميركيين المفقودين في سوريا، أو العثور على رفاتهم لإعادتهم إلى بلادهم.

واعتبر أن إعادة المواطنين الأميركيين، أو العثور على رفاتهم، "أولوية قصوى" في كل مكان، وأن الحكومة السورية أبدت رغبتها بمساعدة وواشنطن في هذا الأمر.

وتعطي هذه الأنباء الأمل لذوي الآلاف من المفقودين في سوريا في الكشف عن مصير أبنائهم، وقال الناشط حسان العباسي شقيق الطبيبة التي اختطفتها أجهزة الأمن السورية التابعة للأسد في مارس/آذار 2013 من منزلها مع أولادها الستة ولم يظهر لهم أثر رغم الجهود الحثيثة.

وأكدت رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، كارلا كينتانا في اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي"إن مصير المفقودين ليس أمرا محوريا بالنسبة للعائلات فحسب، بل بالنسبة للمجتمع السوري بأسره".

وقدمت كينتانا إحاطة عن عمل المؤسسة، مشيرة إلى أن "معالجة هذه القضية أمر ضروري لتحقيق المصالحة وبناء سلام مستدام. فدعم العائلات ومشاركتها في توضيح مصير المفقودين ومكان وجودهم أمر لا غنى عنه من أجل التعافي المجتمعي".

وأفادت بأنه بعد سنوات طويلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والنزاع العنيف، تقف سوريا أمام أفق جديد، منبهة إلى أنه "في حين أن التحديات لا تزال هائلة، فقد ظهرت فرص جديدة للبحث عن عشرات الآلاف من المفقودين والشروع معا في البحث عن الحقيقة".

وشددت رئيسة المؤسسة المستقلة على أن المعلومات تعد عنصرا أساسيا في البحث عن المفقودين، مضيفة "قد يبدو هذا الأمر بديهيا، إلا أنه من أكبر التحديات التي تواجه أولئك الذين يبحثون عن المفقودين، ليس فقط في سوريا، بل على مستوى العالم. نحن نتعاون مع منظمات وطنية ودولية للوصول إلى هذه المعلومات وتوحيدها وتبادلها أو ربطها ببعضها البعض".

وأشارت إلى أن المؤسسة المستقلة بدأت تحقيقات في الأطفال المفقودين، والمختفين قسرا من قبل النظام السابق، وطالبي اللجوء المفقودين، كما تعكف اللجنة الآن على جمع المعلومات التي من شأنها أن تمكن من فتح خطوط تحقيق أخرى محتملة، بما في ذلك الأشخاص المفقودين الذين اختفوا على يد داعش.

وأفادت بأن المؤسسة تعمل على تطوير استراتيجية دعم شاملة تراعي الواقع المتغير داخل سوريا وعبر الحدود، وتتضمن دعم إنشاء نظام إحالة يستجيب لاحتياجات الأسر، مضيفة "نحن نعمل على الوصول إلى كل شخص لديه مفقود في سوريا".

وقالت إن عملية البحث عن المفقودين يجب أن تكون بقيادة سورية، وبدعم دولي، مشيرا إلى أن "البحث عن المفقودين في سوريا هو بالفعل مسعٍى عالمي. فهو يتجاوز حدود سوريا والجهات الفاعلة الإقليمية التي أبدت التزامها بالفعل. وهو يتعلق بأشخاص من جنسيات عديدة".