الكويتيون يستعدون لانتخابات برلمانية حاسمة

أمير البلاد الشيخ مشعل يريد تقليص نفوذ قوى نافذة في المجلس غلبت مصالحها وأجندات من يدعمونها على مصالح الدولة.

الكويت - يستعد الكويتيون لانتخابات تشريعية مصيرية حاسمة من شأنها إما أن تخرج البلاد من حالة الجمود السياسي وتنتج برلمان جديدا تنتهي معه حالة الشد والجذب مع السلطة التنفيذية أو تعيد انتاج برلمان بنفس التركيبة القديمة أي استمرار لحالة الجمود السياسي، بينما يبدى أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حزما في مواجهة محاولات لي اذرع يمارسها نواب في مجلس الأمة.

وذكرت وكالة الأنباء الكويتية “كونا” أن الدعوة جاءت بعد مرسوم أصدره أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في 15 شباط/فبراير بحل المجلس.

وكان مجلس الوزراء الكويتي وافق يوم الثلاثاء 27 شباط/فبراير الماضي على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين إلى انتخاب مجلس الأمة بتاريخ الرابع من نيسان/أبريل المقبل، ورفع المرسوم إلى أمير الكويت لتوقيعه رسمياً وفق  ما أعلنه رئيس قطاع الشؤون المحلية المتحدث باسم الحكومة الكويتية عامر العجمي.

وقال العجمي عقب اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي برئاسة الشيخ محمد صباح السالم الصباح، أنه من المقرر فتح باب الترشيح الاثنين 4 مارس، وآخر يوم للتنازل عن الترشيح يوم الخميس 28 من الشهر ذاته.

ووفقا للمادة 107 من الدستور الكويتي فإنه إذ تم حل مجلس الأمة الكويتي وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز الشهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد.

وكانت خطوة حل البرلمان مبكرة جدا وفي أول اشتباك للمجلس مع الحكومة، ما يؤكد أن الشيخ مشعل لا يريد إضاعة المزيد من الوقت والصبر على برلمان يقوم على فكرة التعطيل ويتعامل مع الحكومة كخصم وليس كشريك في مهمة النهوض بواقع البلاد التي باتت تتخلف عن محيطها الخليجي بخطوات.

وجاء المرسوم الأميري بحل المجلس على خلفية أزمة سياسية تفّجرت بالكويت بعد أن قاطعت الحكومة المجلس بسبب رفض النواب شطب مداخلة نائب تضمنت عبارات يعتقد أنها تمثل إساءة وتنال من الذات الأميرية، والتي قال عنها المرسوم الأميري أن البرلمان جاء بعد الاطلاع على الدستور وعلى المادة 107 منه، وبناء على ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة، وبناء على عرض رئيس مجلس الوزراء، وبعد موافقة مجلس الوزراء.

وكان الشيخ مشعل في خطاب أداء اليمين في العشرين من ديسمبر الماضي قد انتقد بقوة الحكومة ومجلس الأمة، مؤكدا ضرورة مراجعة واقع الكويت الحالي أمنيا واقتصاديا ومعيشيا.

وقال إن “الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح الكويت، وما حصل في تعيينات المناصب القيادية دليل على عدم الإنصاف”.

وتعد هذه المرة الثانية التي يحل فيها مجلس الأمة الكويتي في أقل من 10 أشهر، حيث تم حل البرلمان الكويتي  في نهاية أبريل 2023، وقال الشيخ مشعل–الذي كان وقتها وليا لعهد الكويت- في كلمة ألقاها نيابة عن أمير البلاد إنّه أن الخروج من تداعيات المشهد السياسي الحالي يتطلب الرجوع إلى الدستور باعتباره المرجعية ووثيقة الحكم والالتفاف حول الشعب وتنفيذ رغباته، والمرة الثانية لحل مجلس الأمة الكويتي هى التي كانت منتصف الشهر الماضي بمرسوم أميري للشيخ مشعل.

وتتناقض الظروف التي تشكل فيها البرلمان الذي تم حله مع الظروف الجديدة وأفكار الشيخ مشعل. فهذا البرلمان موروث عن الحقبة السابقة حين كانت حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد على درجة كبيرة من الضعف، ولتأمين استقرارها وضعت خارطة تشريعية مليئة بالامتيازات الاجتماعية، ما يعني ترسيخ دولة الرفاه، وهذه الأجندة مخالفة تماما لتوجهات الإصلاح التي تتبناها حكومة الشيخ محمد صباح السالم.

وحاولت الحكومة الجديدة إيجاد أرضية مشتركة بينها وبين البرلمان، لكنها اكتشفت أنه لا توجد طريقة للتفاهم مع برلمان يريد أن يستمر بالأسلوب القديم دون تجاوب مع الحكومة ومع أمير البلاد، وغلّبت قوى نافذة في المجلس مصالحها وأجندات من يدعمونها، وهو ما دفع الشيخ مشعل إلى حل المجلس في انتظار انتخابات جديدة على أسس مغايرة.

ويتوقع متابعون للشأن الكويتي أن يلجأ الشيخ مشعل إلى إصدار مراسيم أميرية لتغيير المعادلة، والحد من سلطات البرلمان في محاسبة الحكومة وعرقلة القوانين. وينتظر أن تهدف المراسيم إلى تغيير أسس الانتخاب والترشح، من ذلك منع من ترشح لأكثر من دورتين، ما يساعد على صعود وجوه جديدة وانسحاب المعرقلين.

ويرى المتابعون أن الفرصة مواتية أمام الكويت لتغيير طبيعة مجلس الأمة وصلاحياته، إما من خلال مراسيم أميرية حاسمة أو بالتوجه إلى استفتاء شعبي يغير قواعد اللعبة ويحدث التوازن بين السلطات بالشكل الذي يمنع رهن مصير البلاد بمزاج عدد محدود من الأشخاص سواء أكانوا نوابا في البرلمان أم عناصر من الأسرة الحاكمة يحركون لعبة التعطيل من وراء الستار لتحقيق مصالح خاصة.