
الكويت تبدأ تطبيق خطط ترشيد الكهرباء لاحتواء الأزمة في الصيف
الكويت – بدأت الحكومة الكويتية اتخاذ العديد من الإجراءات لتلافي حدوث أزمة الكهرباء خلال موسم الصيف الذي يسجل درجة حرارة تصل إلى الخمسين يرتفع معها الاستهلاك إلى أرقام قياسية، وشرعت بتنفيذ خطط واسعة لترشيد الاستهلاك، بالإضافة إلى البدء في مشروع تعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة الكهربائية.
وشملت الإجراءات العديد من القطاعات والمؤسسات الحكومية بما فيها المساجد لتطويق أزمة الكهرباء وتلافي القطع المبرمج، فقد وجه رئيس الحرس الوطني الشيخ مبارك الحمود بضرورة الترشيد في كل المعسكرات والمرافق التابعة للحرس، كما أعطى وزير الدفاع الشيخ عبدالله العلي تعليمات بالترشيد في كل مرافق الوزارة.
وأصدر وزير الصحة أحمد العوضي، الأربعاء تعميماً يوجه فيه كل قطاعات وإدارات الوزارة إلى الالتزام بتطبيق إجراءات شاملة وفعالة لترشيد استهلاك الكهرباء والطاقة والمياه، مؤكداً أن "ترشيد استهلاك الموارد لم يعد خياراً، بل هو واجب وطني وأخلاقي".
وتضمن تعميم العوضي 7 محاور للترشيد، تتمثل في ضبط الإضاءة وأجهزة التكييف والأجهزة والمعدات، إضافة إلى إجراء الصيانة الوقائية، والتوعية والتثقيف بأهمية الترشيد، مع متابعة ترشيد المياه، والقيام بمتابعة وتقييم الالتزام بالمحاور.
وفي السياق نفسه، جدّدت وزارة الشؤون الإسلامية تعليماتها للمساجد، بضرورة العمل على ترشيد الكهرباء، حيث طلبت في تعميم صدر الثلاثاء من الأئمة والمؤذنين، إغلاق الحرم الداخلي للمساجد، وأداء الصلاة في الحرم الخارجي (حوش المسجد المسقوف والمكيّف)، مع ضبط التكييف على درجة حرارة 25، إضافة إلى إغلاق مصليات النساء.
كما عممت الوزارة رسالة وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة بخصوص القطع المبرمج في جميع المساجد، بدءاً من الثلاثاء حيث يتم القطع بعد أذان الظهر بنصف ساعة إلى ما قبل صلاة العصر بربع ساعة، ومن بعد صلاة العصر بنصف ساعة إلى الساعة 5 عصراً.
وبالتوازي مع ترشيد الطاقة، تعمل الحكومة على تلبية الطلب المتزايد خصوصا في فصل الصيف، حيث وافق الجهاز المركزي للمناقصات العامة في الكويت على طرح مناقصة استراتيجية لتوريد وتركيب وتشغيل وصيانة وحدات توربينية غازية حديثة تعمل بنظام الدورة المركبة، وذلك بهدف تعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة الكهربائية بمقدار 900 ميغاواط إضافية.
ويستهدف المشروع موقع محطة الصبية للقوى الكهربائية وتقطير المياه، ويمثل المرحلة الرابعة من تطوير هذه المحطة الحيوية.

وأكدت وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة أن هذا المشروع يعد من المشاريع ذات الأولوية والأهمية الاستراتيجية لقطاع الطاقة في الدولة. ويسعى بشكل مباشر إلى رفع قدرة الشبكة الكهربائية على تلبية الطلب المتنامي على الطاقة، خصوصاً خلال فترات الذروة التي تشهدها البلاد.
ومن المقرر أن تمتد فترة تنفيذ هذا المشروع الطموح على مدار 36 شهراً، تبدأ من تاريخ توقيع العقد مع الشركة المنفذة.
وأوضحت الوزارة أن اختيار نظام الدورة المركبة لهذا المشروع ينبع من كفاءته العالية في إنتاج الطاقة.
ويعتمد على استثمار الحرارة الناتجة عن تشغيل التوربينات الغازية الأساسية في تشغيل توربينات بخارية إضافية، مما يزيد من إجمالي الطاقة المنتجة دون زيادة كبيرة في استهلاك الوقود. ويؤدي ذلك إلى خفض ملحوظ في تكاليف التشغيل، بالإضافة إلى تقليل الانبعاثات المضرة بالبيئة الناجمة عن عمليات التوليد التقليدية، مما يتماشى مع التوجه نحو الاستدامة البيئية في قطاع الطاقة.
ويأتي ذلك إثر توجيهات لرئيس مجلس الوزراء الكويتي بالإنابة الشيخ فهد اليوسف إلى وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة بالإسراع في أخذ التدابير اللازمة التي تضمن عدم تكرار أزمة الكهرباء مستقبلاً؛ معرباً عن دعمه الكامل لإنجاح جهود الوزارة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
وجاء ذلك في تصريح أثناء زيارة تفقدية أجراها إلى مركز التحكم الوطني، للاطلاع على مؤشرات الأحمال الكهربائية، وآلية إدارة منظومة الطاقة في الدولة.
وعُقد اجتماعٌ استعرض فيه وزير الكهرباء صبيح المخيزيم الحالة الكهربائية ليومي 9 و10 أبريل الجاري، التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الأحمال الكهربائية، إذ بلغت نسبة الزيادة في 9 أبريل نحو 21 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، فيما بلغت الزيادة يوم 10 أبريل نحو 17.3 بالمئة، الأمر الذي استدعى تنفيذ برنامج للقطع المبرمج.
وكانت الكويت قد شهدت انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من بعض المناطق السكنية والصناعية والزراعية، حفاظاً على استقرار المنظومة الكهربائية في البلاد، وأرجعت الوزارة طبقاً لصحيفة "القبس" سبب القطع إلى ارتفاع الأحمال الكهربائية، بالإضافة إلى أعمال الصيانة الجارية لبعض وحدات توليد الكهرباء استعداداً لتشغيلها الكامل في فصل الصيف.
وتسلط أزمة الكهرباء الضوء أيضا على صراع المنطقة المتزايد مع الظروف المناخية القاسية. والانعكاسات المحتملة لارتفاع درجات الحرارة على الحركة الاقتصادية والمعيشية، وفقا لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ".
وتتعرض الكثير من الدول في الشرق الأوسط لموجات حرارة قياسية، حيث تم الإبلاغ عن مئات الوفيات المرتبطة بالحرارة في موسم الحج السنوي العام الماضي في السعودية ونقص حاد في الطاقة في مصر.
وفي حين أن الصيف الحار ليس أمرا نادرا في الكويت، فإن حقيقة أن البلاد اضطرت إلى اللجوء إلى قطع التيار الكهربائي هو تذكير صارخ للاقتصادات الغنية الأخرى في المنطقة بشأن مخاطر تغير المناخ.
وقال الخبير البيئي، نديم فرج الله، لوكالة بلومبيرغ "الأمر لا يقتصر على الكويت فحسب، بل على المنطقة بأكملها التي ستعاني من هذا (تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة)". وأضاف أن "طول موجات الحرارة آخذ في الازدياد".
ويحذر خبراء منذ عقود من أزمة كهرباء تلوح في الأفق، بسبب التردد بشأن بناء محطات كهرباء جديدة لمواكبة ارتفاع الطلب في ظل الدعم الكبير للكهرباء. وتحث الحكومة الآن الناس على الحد من الاستخدام
وقال فؤاد العون، المسؤول السابق في وزارة الكهرباء والماء الكويتية، إنه غير متفاجئ من الأزمة الحالية. وأضاف "توقعت أن يحدث ذلك قبل عامين أو ثلاثة أعوام. لم يفهم أحد أهمية اتخاذ التدابير الوقائية، عليك أن تخطط لسنوات مقدما".
وأكد أن "محطات الكهرباء قديمة وفشلت الدولة في تجديدها بسبب نقص قطع الغيار، فضلا عن قلة الاستثمار في مشاريع جديدة لإنتاج الكهرباء، وذلك يشكل جزءا رئيسيا من المشكلة".