اللبنانيون يستأنفون المظاهرات والمصارف تغلق أبوابها

المحتجون يرحبون بإعلان حزب "القوات" استقالة وزرائه الأربعة من حكومة الحريري التي أعلنوا تمسكهم لإسقاطها.

بيروت - بدأ اللبنانيون منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، بالتوافد على ساحة رياض الصلح في العاصمة بيروت  وساحات الاعتصامات التي تعم مدن أخرى، للمشاركة في المظاهرات التي تشهدها البلاد لليوم الرابع على التوالي احتجاجاً على فشل السلطات في إدارة الأزمة الاقتصادية.

وتداول ناشطون ومحتجون لبنانيون صور وفيديوهات مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي ترصد تنقلهم نحو التجمعات التي سينضمون إليها في أماكن مختلفة وسط بيروت وشمالا مثل طرابلس وفي مدن جنوبية أيضا.

كما شارك لبنانيون مهاجرون في بلدان غربية في مظاهرات متفرقة في فرنسا وبريطانيا وأستراليا دعما للاحتجاجات التي تشهدها بلادهم.

ولم تنجح دعوة الرئيس ميشال عون لإيجاد "حل مطمئن" للأزمة، في تهدئة الشارع اللبناني الذي قرر مواصلة المظاهرات لحين استقالة الحكومة ومحاسبة الفاسدين.

وتحول مقر رئيس الحكومة سعد الحريري في بيروت إلى "خلية نحل" منذ بداية المظاهرات مساء الخميس، حيث تجرى لقاءات شملت ممثلين من مختلف الكتل الوزارية للبحث في "مبادرة إنقاذية" للخروج من أزمة الاحتجاجات.

وكخطوة إيجابية بالنسبة للمحتجين تم الترحيب مساء السبت بإعلان حزب "القوات" استقالة وزرائه الأربعة من حكومة الحريري، فيما تمسك المحتجون بمطلب إسقاط النظام.

وقالت الوكالة الوطنية للاعلام في لبنان إن متظاهرين في منطقة جل الديب (ذات غالبية مسيحية واقعة بجبل لبنان احدى ضواحي بيروت)، احتفلوا بعدما أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع استقالة وزرائه الأربعة من الحكومة.
وأشارت الوكالة إلى أن المتظاهرين "أكدوا البقاء في ساحة جل الديب حتى ساعات الصباح الأولى، والاستمرار في التظاهر حتى تحقيق مطالبهم. ودعوا أهالي المنطقة للانضمام إليهم في تظاهرات اليوم الأحد".

وأرجع جعجع سبب استقالة وزرائه إلى “فقدان الثقة بالطبقة السياسية، وعدم رغبة مكونات الحكومة في الإصلاح الجدي الفعلي".

ونزل اللبنانيون إلى الشارع في عدة نقاط ببيروت ومدن عدة، عقب إعلان الحكومة تضمين ضرائب جديدة في موازنة العام القادم، تطال قطاع الاتصالات المجانية عبر الهاتف الخلوي، وغيره، بهدف توفير إيرادات جديدة لخزينة الدولة.

ولم يستثن حراك اللبنانيين أي منطقة أو حزباً أو طائفة أو زعيماً، في تظاهرات غير مسبوقة منذ سنوات، حيث لم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة.

وليل السبت تجمع الآلاف في بيروت للاحتجاج وسط أجواء احتفالية حاشدة رافقتها الموسيقى والرقص والهتافات مطالبين باستقالة باقي الكتل السياسية على غرار حزب "القوات".

وفي مؤشر إلى حجم النقمة الشعبية، بدا لافتاً خروج تظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على تيارات سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صوراً لزعماء وقادة سياسيين، ما استدعى ردود فعل غاضبة من مناصريهم.

في مدينة صور جنوباً، حيث يطغى نفوذ حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، خرجت الجمعة تظاهرة مؤيدة له شارك فيها عدد من أنصاره بينهم مسلحون، رداً على تظاهرات شهدتها المدينة واتهم مشاركون فيها بري بالسرقة والفساد.

وتعرّض مؤيدو بري للمتظاهرين ضد السلطة بالضرب والشتائم، وفق ما أفاد شاهد عيان. وتعهدت حركة أمل لاحقاً التحقيق في الأمر. وخرج مئات المتظاهرين مجدداً مساء ضد السلطة.

وقال أحد المتظاهرين في مدينة النبطية جنوباً، التي تعد من معاقل حزب الله، لقناة تلفزيونية محلية "نعاني منذ ثلاثين سنة من الطبقة السياسية الحاكمة" مضيفاً "يحاولون تصويرنا على أننا غوغائيون لكننا نطالب بحقوقنا".

وفي طرابلس، حيث يتظاهر الآلاف ويتمتع رئيس الحكومة سعد الحريري بنفوذ، قالت هدى سيّور، في الخمسينات، "سأبقى في الشارع، لقد استولوا على أبسط حقوقنا، بينما نموت على أبواب المستشفيات".

وأصدرت جمعية المصارف اللبنانية اليوم الأحد بيانا أعلنت فيه أن المصارف ستظل مغلقة يوم الاثنين.

وأوضحت الجمعية في البيان "مع استمرار التحركات الشعبية في أنحاء عدة من البلاد، وحرصا على أمن العملاء والموظفين وسلامتهم، ومن أجل إزالة آثار الأضرار التي أصابت بعض المراكز والفروع المصرفية، تعلن الجمعية أن أبواب المصارف ستبقى مقفلة يوم الاثنين".

وغطت بعض المصارف واجهاتها بألواح معدنية لحمايتها بعد أن أدت مظاهرة سابقة انتهت بأعمال شغب إلى تكسير واجهات المحال التجارية وواجهتي مصرفين وعدادات وقوف السيارات وإشارات السير.

وتصاعدت نقمة الشارع اللبناني خلال الأسابيع الأخيرة إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وتوجه الحكومة لفرض ضرائب جديدة ضمن حزمة اجراءات تقشفية جديدة وسط مؤشرات إلى انهيار اقتصادي وشيك.

ويطالب المتظاهرون بعزل كافة الطبقة السياسية التي باتت تحت ضغط الشارع بحاجة إلى إيجاد حلول سريعة.

ومنح الحريري الجمعة "شركاءه" في الحكومة، في إشارة إلى حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس اللبناني ميشال عون، مهلة 72 ساعة، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في اصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11.6 مليار دولار.

وقالت مصادر وزارية إنه إذا لاقت المبادرة تجاوبا ستتم الدعوة لعقد جلسة للحكومة لإقرارها وبدء تنفيذها، لكنها لفتت في الوقت عينه إلى أن "الأهم يبقى في تعاطي المتظاهرين مع هذه المبادرة، وهل سيتلقفها المحتجون في الشارع ويتراجعون عن مطالبهم التي لا تقبل بأقل من استقالة الحكومة".

وبينما أبدى الحريري استعدادا للتنحي، رفض الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أبرز خصوم الحريري السياسيين، في خطاب متلفز السبت أن تستقيل الحكومة محذراً من "ترك مصير البلد للمجهول".

ودعا جميع الفرقاء إلى "تحمّل المسؤولية"، منبهاً إلى أن "معالجة الوضع المالي والاقتصادي بالضرائب والرسوم ستؤدي إلى انفجار شعبي".

وكان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، حليف حزب الله، رفض أيضاً استقالة الحكومة.

وإثر خطاب نصرالله،، الذي يقاتل حزبه إلى جانب قوات النظام في سوريا، توجه أحد المتظاهرين في بيروت له بالقول "لبنان أهم من سوريا يا سيد"، مطالباً إياه بدعم مطالبهم.

ودشن لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ #كلن_يعني_كلن في إشارة إلى تمسكهم برحيل كل الطبقة السياسية الحاكمة حاليا.