اللبنانيون يشيعون 'عريس الثورة' وسط مخاوف من حرب أهلية جديدة

الناشط علاء أبو فخر أول متظاهر يلقى حتفه على يد أمنيين منذ نحو أربعة أسابيع من الاحتجاجات السلمية وواسعة النطاق ضد النخبة الحاكمة في لبنان.

بيروت - شيع اللبنانيون، اليوم الخميس، جثمان الناشط علاء أبو فخر، الذي أطلق عليه لقب "عريس الثورة"، بمنطقة الشويفات جنوب العاصمة بيروت.
وألقت زوجة أبو فخر وأولاده نظرة الوداع عليه وقد تزيّن نعشه بالأعلام اللبنانية وأكاليل الزهور بعد أن قتل أمام أعينهم خلال مواجهات الثلاثاء التي تلت خطاب الرئيس ميشال عون.
وأقام المتظاهرون لـ"شهيد الثورة" مراسم شكلية في ساحة الشهداء ببيروت، وسط حضور كثيف.
وفي سياق منفصل، أطلق سراح الناشط خلدون جابر، الذي اعتقلته مخابرات الجيش، الأربعاء.
وشدد جابر في تصريحات إعلامية بالقول "سنبقى في الشارع ونكمل في الثورة".
ولا تزال الاحتجاجات في شوارع لبنان مستمرة، منذ حوالي شهر تقريبا، حيثُ يتظاهر اللبنانيون ضد الفساد وتدهور الأوضاع المعيشية وتردي الاقتصاد.
وشهد الأربعاء، انتشارا أمنيا على طريق القصر الجمهوري في منطقة بعبدا، بعد دعوات المحتجين إلى التظاهر أمام القصر الرئاسي بسبب الخطاب الذي ألقاه الرئيس عون والذي قالوا أنه مستفز ولا يعكس خطورة الأزمة التي تعيشها البلاد.

وأثار عون غضب المتظاهرين عندما قال في خطابه إنه لا أحد يستطيع وضع فيتو على مشاركة وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة وصهره جبران باسيل في الحكومة، وقال باللهجة اللبنانية، عن المحتجين: "إذا مش عاجبهم ولا حدا آدمي (شخص) بالسلطة يروحوا يهاجروا".

وخرج المتظاهرون إلى الشوارع مجددا بعد تصريحات عون حيث أدى تصاعد التطورات الميدانية إلى مقتل أبو فخر، برصاص عسكري بالجيش في منطقة خلدة جنوبي بيروت. وهو أول متظاهر يلقى حتفه على يد أمنيين منذ نحو أربعة أسابيع من الاحتجاجات السلمية وواسعة النطاق ضد النخبة الحاكمة في لبنان.

واحتجز الجندي الذي أطلق الرصاص على أبو فخر.

واعتبر وزير الدفاع اللبناني الخميس أن البلاد في "وضع خطير" للغاية وقارن بين الاضطرابات التي شهدتها البلاد في الأيام القليلة الماضية وبين بدايات الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وقال إلياس بو صعب وهو حليف سياسي للرئيس ميشال عون إن التوتر في الشارع وإغلاق الطرق يعيد إلى الأذهان الحرب الأهلية التي وقعت في عام 1975 واصفا الوضع بأنه "خطير" للغاية.

وأشار إلى حوادث عدة منها محاولة محتجين إقامة جدران على طريق سريع ساحلي رئيسي.

وكان الناشط أبوفخر الذي لقي حتفه مساء الثلاثاء، من أتباع وليد جنبلاط السياسي الدرزي المخضرم وأحد أمراء الحرب الأهلية الذي حث أتباعه على الحفاظ على الهدوء.

ودعاء تيمور جنبلاط نجل وليد جنبلاط ووريثه السياسي إلى بقاء الاحتجاجات سلمية.

وقال إلياس بو صعب للصحفيين إن اللوم لا يقع على عاتق "الحراك" الديمقراطي وإن المتظاهرين لهم الحق في الاحتجاج والحماية. لكنه أضاف أن الجيش وأجهزة الأمن لا يمكنها قبول أي شخص يفكر في ارتكاب أعمال عنف.

وبعد شهر من اندلاع الاحتجاجات في أنحاء البلاد، يعاني لبنان من اضطرابات سياسية واقتصادية خطيرة ولا توجد مؤشرات عن اتفاق زعمائه على حكومة جديدة تحل محل حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري الذي استقال في 29 أكتوبر/تشرين الأول.

وعلى الرغم من ضخامة الأزمة الاقتصادية، وهي الأكبر منذ الحرب، لم يتفق زعماء لبنان على حكومة جديدة كما لم يتمكنوا من علاج شكاوى المتظاهرين الذين يقولون إن السياسيين دمروا البلاد بسبب الفساد والمحسوبية الطائفية.

من جهته قال عون إنه يأمل في تشكيل حكومة في الأيام المقبلة لتلبية أحد مطالب المحتجين، لكن اللبنانيين يطالبونه اليوم بالاستقالة هو الآخر بعد مطالبتهم باستقالة صهر ووزير الخارجية جبران باسيل.

ويشهد معظم لبنان حاليا جمودا ويقول التجار إنهم يعجزون عن دفع أموال واردات السلع الضرورية.

وظلت المدارس والمصارف وكثير من المتاجر مغلقة لليوم الثالث على التوالي. وفتحت السلطات بعض الطرق الرئيسية حول العاصمة التي أغلقها محتجون مناهضون للحكومة لكن التوتر ما زال يهيمن على الساحة السياسية.

وقالت محتجة خارج مقهى "سنغلقه من أجل علاء"، وفعلا أغلق المقهى أبوابه لاحقا.

وجاب نحو 12 محتجا قلب العاصمة بيروت مرددين "ثورة ثورة"، ودعوا المتاجر إلى إغلاق أبوابها للضغط على زعماء البلاد للموافقة على إصلاحات تعالج الفقر وارتفاع نسبة البطالة وتدهور أحوال المعيشة.

وقال هاني بحصلي المدير العام لشركة بحصلي فودز للأغذية ورئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية والمشروبات إنه كان أحد مجموعة رجال أعمال حذروا من مزيد من المتاعب خلال اجتماع مع رياض سلامة حاكم مصرف لبنان وغيره من المصرفيين.

وقال بحصلي إن رسالته للمصرفيين ركزت على أن جميع اللبنانيين في موقف صعب للغاية وان الأولوية ينبغي أن تكون للغذاء لأنه أهم حتى من الوقود.

وظلت البنوك، التي أغلقت أبوابها طوال نصف أكتوبر/تشرين الأول، متوقفة عن العمل هذا الأسبوع مجددا بسبب مخاوف على سلامة الموظفين. واستمر وقف معظم التحويلات للخارج. وفي ظل ندرة الدولار، تراجعت الليرة اللبنانية في السوق السوداء.

وقال مصرفي "لديك مشكلة سيولة ولا حل لها إلا بوضع خطة ملائمة لحلها، ولا حاجة لفتح البنوك".

وأضاف أنه باستمرار إغلاقها، تتفادى البنوك مشكلة أكبر وهي حدوث ذعر بين المودعين.

وقال "تحتاج لحل سياسي، توفير قدر من الثقة وهذا سيسمح لك في النهاية بتهدئة السوق وإعادة فتحه بشكل طبيعي".

ودعا اتحاد يمثل موظفي المصارف اللبنانية أمس الأربعاء الموظفين للاستمرار في إضراب لحين وصول تفاصيل عن خطة أمنية خاصة بشأن سبل التعامل مع المودعين المطالبين بسحب ودائعهم.

وشهد سعر الليرة اللبنانية تغيرا طفيفا في السوق السوداء. وقال متعامل إن الدولار بيع مقابل 1850 ليرة وذلك بالمقارنة بسعر 1820 يوم الثلاثاء لتتراجع 23 بالمئة تقريبا عن السعر الرسمي البالغ 1507.5 ليرة.

ودفع تراجع العملة المحلية بعض التجار لرفع أسعار السلع المستوردة.