اللبنانيون يصعدون من احتجاجاتهم رغم وعود الحكومة

حزب الله يحاول الركوب على الاحتجاجات من اجل تغيير حاكم المصرف المركزي والمتظاهرون يطالبون بتغيير كافة الطبقة السياسية بعد ازمة انهيار الليرة.
غضب الشارع لن يتوقف لمجرد تصريحات مطمئنة من قبل المسؤولين
المتظاهرون يتهمون الحكومة باحتجاز أموالهم في المصارف

بيروت - لا تزال شوارع لبنان تعرف احتجاجات بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة مع المطالبة بتغيير الطبقة السياسية في البلاد بعد تحميلها مسؤولية الازمة.
وكشفت غرفة عمليات جهاز الطوارئ والإغاثة الاسلامية في لبنان السبت إصابة أكثر من 49 شخصا بينهم ستة  عسكريين خلال مواجهات عنيفة بين الجيش ومتظاهرين خلال احتجاجات ليلية  شهدتها  ساحات مدينة طرابلس بشمال البلاد.
وافادت غرفة عمليات جهاز الطوارئ والإغاثة الاسلامية ، في بيان صحفي اليوم بثته "الوكالة الوطنية للاعلام" ، إن الاصابات تنوعت بين الاختناق والجروح والرضوض حيث جرى نقل  بعض المصابين إلى مستشفيات المدينة.
وكانت التحركات والاحتجاجات الشعبية تجددت ليل الجمعة  في مدينة طرابلس حيث  شهدت ساحاتها مواجهات عنيفة ، حطم المحتجون خلالها واجهات المحال التجارية والمؤسسات العامة الخاصة، وأضرموا النيران ببعضها وبحاويات النفايات.
واستمرت المواجهات وعمليات الكر والفر بين المحتجين وقوات الجيش إلى بعد منتصف الليل حيث تمكنت عناصر الجيش من استعادة السيطرة والزام المحتجين بالتراجع إلى عمق الشوارع الداخلية.
ووفق الوكالة ، عمدت قوات الجيش إلى فتح معظم الطرق التي قطعها المحتجون، حيث تشهد الشوارع صباح اليوم حركة سير خفيفة، فيما فتحت معظم المحال التجارية أبوابها.
والجمعة ردد المشاركون في الاحتجاجات الشعارات المنددة بالسياسة المصرفية، والرافضة للمحاصصة، متهمين السلطة بتجويع الناس واحتجاز أموالهم في المصارف، وطالبوا بإعادة الاموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، إلغاء الطائفية السياسية.
وكانت احتجاجات شعبية قد انطلقت مساء أول أمس الخميس وعمت مختلف المناطق اللبنانية وقطعت الطرقات بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية.

الاحتجاجات ادت الى اصابة أكثر من 49 شخصا بينهم ستة عسكريين
الاحتجاجات ادت الى اصابة أكثر من 49 شخصا بينهم ستة عسكريين

وتعهدت السلطات اللبنانية الجمعة بضخّ مزيد من العملة الأميركية في السوق لِلجم الانهيار غير المسبوق للّيرة المحلية.
وأتي تدهور الليرة اللبنانية في وقتٍ تعقد السلطات اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي أملاً بالحصول على دعم مالي يضع حدّاً للأزمة المتمادية، في حين تقترب الليرة من خسارة نحو سبعين في المئة من قيمتها منذ الخريف.
وقال الرئيس ميشال عون في مستهلّ جلسة حكومية طارئة في القصر الرئاسي، أعقبت جلسة أولى قبل ظهرالجمعة "توصلنا إلى تدبير سيبدأ تنفيذه الاثنين المقبل يقوم على تغذية السوق بالدولار من قبل مصرف لبنان، وعليه، يُفترض أن يتراجع سعر الصرف تدريجياً".
ونقَلَ، وفق تصريحات نشرها حساب الرئاسة على تويتر، تأكيد خبراء ماليين أنه "لا يمكن للدولار أو أي عملة أخرى أن تقفز خلال ساعات إلى هذا الحدّ، وهذا ما يُبعد صفة العفوية عن كل ما حصل ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته".
ولامس سعر الصرف، وفق ما أفاد صرافون ظهر الخميس، عتبة الخمسة آلاف ليرة مقابل الدولار، فيما نقلت وسائل إعلام محلية ليلاً أن السعر تجاوز الستة آلاف، رغم تحديد نقابة الصرافين سعر الصرف اليومي بنحو أربعة آلاف وفيما يبقى السعر الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.
وأكّد مصرف لبنان ليلاً أنّ المعلومات المتداولة عن سعر الصرف "بعيدة عن الواقع".
وطلب مجلس الوزراء من الأجهزة الأمنية "التشدّد في قمع جميع المخالفات وإحالتها فوراً على المراجع القضائية المختصة"، تزامناً مع إعلان الأمن العام توقيف خمسة أشخاص يقومون بعمليات صرافة في السوق السوداء.

البلاد لم تعد تحتمل خضات إضافية

وقال دياب في مستهل مجلس الوزراء إن البلاد "لم تعد تحتمل خضات إضافية ، ولا بدّ من اتخاذ اجراءات عملية تعطي مناعة أكبر للحكومة والدولة".
وعقد عون اجتماعاً ضمّ دياب ورئيس البرلمان نبيه بري، أعلن الأخير على أثره الاتّفاق على خفض سعر الصرف إلى ما دون أربعة آلاف ليرة.
حزب الله والركوب على الاحتجاجات
وتوقّف محلّلون وصحافيّون ومستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي عند مشاركة شبّان قادمين من مناطق نفوذ حزب الله في بيروت في الاحتجاجات الليلة الماضية، وإطلاقهم هتافات ضدّ الطائفية. بينما شهد تحرّكٌ السبت الماضي لـ"إعادة إطلاق الثورة"، خروجَ شبّان من المناطق ذاتها ذكرت تقارير أنهم أطلقوا هتافات طائفية ضد السُنّة ومناصِرة لحزب الله وضدّ المتظاهرين.
وغرّدت الإعلامية ديانا مقلد ليلاً حول هذا الموضوع "ما هي القصة، وما هو الفيلم الذي سيركب على وجع الناس؟". ووصف آخرون ما حصل بـ"التمثيلية"، في وقت رفع متظاهرون شعارات كتب فيها "كلنا جائعون".
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية عماد سلامة إنّ "بعض الأطراف الموجودة في الحركة الاحتجاجية تريد إسقاط حاكم مصرف لبنان وتحميله المسؤولية عن كامل المشكلة المالية".
وأعرب عن اعتقاده بأن "حزب الله يسعى إلى تغيير حاكم مصرف لبنان" فيما "أطراف متنوعة أخرى تدفع باتجاه اسقاط الحكومة، وهي القوى والناس والمجتمع المدني الذي أسقط حكومة الحريري".
ونفى برّي من القصر الرئاسي أيّ توجّه "للاستغناء" عن حاكم المصرف المركزي فيما عنونت صحيفة "الأخبار" المقرّبة من حزب الله الجمعة "رياض سلامة اللعبة انتهت".

حزب الله لا يزال يناور للخروج بمكاسب من الاحتجاجات
حزب الله لا يزال يناور للخروج بمكاسب من الاحتجاجات

وسبق للحكومة أن اشتبكت في نيسان/أبريل مع حاكم مصرف لبنان، الذي حمّله دياب حينها مسؤولية وصول سعر الصرف إلى أربعة آلاف ليرة.
وردّ سلامة مؤكّداً أنّ "البنك المركزي مَوّل الدولة ولكنّه لم يصرف الأموال".
وكان ينظر الى سلامة طيلة عقود على أنه عرّاب استقرار الليرة في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990). لكنّ قوى سياسية عدّة تعتبره "عراب" سياسة الاستدانة التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة.
ومنذ تشكيلها، تبدو الحكومة عاجزة عن احتواء الأزمة والحدّ من انعكاساتها معيشياً. ويتهمها متظاهرون وناشطون وقوى معارضة بمواصلة اتباع سياسة المحسوبيات في القرارات والتعيينات، بخلاف ما تعهّدت به.
وتواصل الجمعة قطع طرق رئيسة في مناطق عدة، وعملت قوى الأمن على فتحها. ويحتج المتظاهرون أيضا على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية.
وتأمل الحكومة الحصول من صندوق النقد على أكثر من 20 مليار دولار كدعم خارجي، بينها 11 مليار أقرّها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً إجراء إصلاحات لم تبصر النور.