اللبنانيون ينصحون الحكومة بإقرار ضريبة على الفاسدين بدل 'واتساب'

وزير الاتصالات اللبناني أثار ضجة في البلاد بعد حديثه عن إقرار ضريبة بـ"20 سنتا" على المكالمات التي تجرى عبر تطبيق واتساب سيتم تطبيقها العام المقبل.

بيروت  - استقبل اللبنانيون قرار وزير الإعلام فرض رسوم على المكالمات الهاتفية عبر التطبيقات المجانية مثل واتساب، بسخرية واسعة، حيث دشن ناشطون ونجوم حملة رافضة للقرار الوزاري.

وأعلنت الحكومة اللبنانية الخميس، فرضها رسماً على كل الاتصالات التي يمكن إجراؤها عبر تطبيقات الهاتف الخلوي، ضمن سلسلة ضرائب جديدة تدرس إقرارها تباعاً للتخفيف من عجز الموازنة في ظل أزمة اقتصادية حادة.

وقال وزير الإعلام جمال الجراح، وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، إن الحكومة أقرت فرض "20 سنتاً على التخابر" على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة واتساب، على أن يبدأ العمل بالقرار بدءاً من شهر كانون الثاني/يناير 2020.

يأتي التصريح رغم تأكيدات وزير المالية علي حسن خليل الشهر الماضي بأنه ليس هناك ضرائب أو رسوم جديدة في مشروع ميزانية 2020 التي أرسلها إلى الحكومة.

ومن شأن هذا القرار، وفق الجراح، أن يؤمن لخزينة الدولة مبلغاً يصل سنويا إلى 250 مليون دولار من نحو 3.5 مستخدم لتقنية نقل الصوت عبر بروتوكول الإنترنت في البلاد.

وفي لبنان مزودان اثنان فقط للخدمة كلاهما مملوك للدولة، وفيه أيضا واحد من أعلى معدلات أسعار المحمول في المنطقة.

وكشف الجراح أن القرار كان مقترحا من جانب وزير الاتصالات محمد شقير الذي أثار ضجة في البلاد بعد حديثه عن الضريبة على واتساب خلال مداخلة له على إحدى الفضائيات اللبنانية.

وأوضح شقير لاحقا في تصريح صحفي أن "الزيادة على واتساب ليست ضريبة، ولن نزيد أي شيء من دون إعطاء مقابل للمواطن"، مشيرا إلى أنه سيشرح تفاصيل الخدمات الإضافية التي سيتم تقديمها للمواطن في المقابل، خلال مؤتمر صحافي سيعقده الأسبوع المقبل.

وتدرس الحكومة اقتراحات أخرى بينها فرض رسم ثلاثة في المئة على المحروقات على أن تستوردها الدولة، وزيادة اثنين في المئة على ضريبة القيمة المضافة في العام 2021 ثم في العام 2022 إلى أن تبلغ 15 في المئة.

وأثار الرسم الجديد موجة غضب بين اللبنانيين. وغردت الفنانة إليسا على تويتر تعليقا على القرار "بعد في الواتساب ما انزادت عليه ضريبة بدل ما يوقّفو النهب والسرقة من مليار مزراب تاني. يا ويلكن من غضب الناس".

وكتبت النائبة المستقلة بولا يعقوبيان في تغريدة "لن يكون هنالك ليرة (ضريبة) على الواتساب، تراجعوا سريعاً قبل 'البهدلة'."

وأضافت "اسمعوا جيداً، الشعب لن يدفع ليرة واحدة على متنفسه الذي يشتمكم عبره".

واعتبرت منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي "سمكس" أن من شأن القرار أن يجبر المستخدمين على "دفع فاتورة استخدام الإنترنت مرّتين"، مشيرة إلى أن المستخدم الذي سيتصل يومياً عبر خدمة واتساب سيضطر لدفع ستة دولارات إضافية في الشهر.

وتُعد كلفة الاتصالات في لبنان من الأعلى في المنطقة، وهي  المصدر الثاني لدخل الدولة.

وذكرت مجموعة "تيك غيك 356"، المختصة بالأمن الإلكتروني، أنها تواصلت مع شركتي واتساب وفيسبوك بهذا الشأن. وقالت إن "متحدثاً اعتبر أنه في حال اتخذ القرار فسيشكل انتهاكاً لشروط الخدمة".

واعتبرت المجموعة أن الاستفادة مالياً من أي من خدمات واتساب المجانية أمر "غير قانوني".

وكتبت صفحة "عديلة" الشهيرة "بكرا بيصير إذا بدّك تفتح غروب واتساب بدّك تسجلوا بالمالية مع إذاعة تجارية وحقوق الاسم".

وقرار فرض رسم على اتصالات الانترنت يضاف إلى سلسلة اجراءات تقشفية تتخذها الدولة اللبنانية التي تعهدت العام الماضي إجراء إصلاحات هيكلية وخفض العجز في الموازنة العامة مقابل الحصول على هبات وقروض بقيمة تفوق 11 مليار دولار.

وشهد الاقتصاد اللبناني خلال السنوات الأخيرة تراجعاً حاداً، مسجلاً نمواً بالكاد بلغ 0.2 بالمئة عام 2018، بحسب صندوق النقد الدولي.

وارتفع الدين العام إلى 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، وهي ثالث أعلى نسبة في العالم بعد اليابان واليونان.

وأقر البرلمان في تموز/يوليو ميزانية تقشفية للعام 2019 سعياً للحد من العجز العام.

ومع تأخر الحكومة في الإيفاء بتعهداتها هذه وتأخر حصولها على المال، حذرت وكالة "موديز" من أنها قد تخفّض التصنيف الائتماني للبنان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. كما خفضت وكالة "فيتش" في 23 آب/أغسطس تصنيف لبنان درجة واحدة من "بي سلبي" إلى "سي سي سي".

وشهدت لبنان في الأسبوع الأخيرة من شهر سبتمبر الماضي  احتجاجات كبيرة في عدة مدن أهمها العاصمة بيروت، حيث طالب المتظاهرون الحكومة بالاستقالة ومحاسبة الطبقة السياسية الفاسدة التي ساهمت في تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وهتف بعض المتظاهرين "الشعب يريد إسقاط النظام"، في احتجاجات دعا إليها ناشطون من المجتمع المدني، في وقت تراجعت فيه قيمة الليرة اللبنانية للمرة الأولى منذ ما يزيد على العقدين.

وعلى الرغم من عشرات المليارات من الدولارات التي أنفقت منذ انتهاء الحرب الأهلية في لبنان في العام 1990، فإن لبنان ما زال يعاني بنية تحتية متدهورة وانقطاع يومي للكهرباء والماء وانتشار أكوام القمامة في الشوارع.