الليرة التركية تهوي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق

الاقتصاد التركي يعاني انكماشا حادا على وقع ارتفاع إصابات كورونا مما يعزز مخاطر تفاقم المشكلات المتناثرة.
سعر صرف الليرة التركية يسجل 7.4 مقابل الدولار
ارتفاع التضخم في تركيا إلى 12 بالمئة

إسطنبول - نزلت الليرة التركية الخميس لأدنى مستوى على الإطلاق، بعد بيانات أظهرت أن التضخم السنوي ظل قرب 12 بالمئة ويفوق بشكل مستحكم توقعات البنك المركزي الشهر الماضي، مما يعزز المخاطر حيال اقتصاد يخرج من تراجع سيء ناجم عن فيروس كورونا.

وأبقت العملة التي بلغت 7.438 مقابل الدولار، أسعار الواردات مرتفعة وبددت أثر أي ضغوط تنازلية للأسعار ناجمة عن إجراءات العزل العام التي فُرضت في وقت سابق من العام الجاري.

ومما يعزز المخاطر حيال تركيا أن الإصابات الجديدة بكوفيد-19 قفزت في الأسابيع الأخيرة.

وارتفعت أسعار المستهلكين 11.77 بالمئة في أغسطس/آب، بما يتماشى مع الشهر السابق ويقل قليلا عن متوسط التوقعات البالغ 11.91 بالمئة في استطلاع أجرته رويترز. وقال معهد الإحصاء التركي إن الرقم الشهري للزيادة في أسعار المستهلكين بلغ 0.86 بالمئة مقابل توقعات الاستطلاع بزيادة واحد بالمئة.

وما زال التضخم مرتفعا في خانة العشرات منذ بداية العام الجاري ولامس هدف البنك المركزي البالغ خمسة بالمئة المرة الماضية في 2011. ورفع البنك توقعه للتضخم بنهاية العام إلى 8.9 بالمئة في يوليو/تموز، مراهنا على أن التضخم سيبدأ التراجع في وقت مبكر ربما في ذلك الشهر.

ويتوقع عدد من المحللين حدوث ذلك قريبا، وحدد استطلاع للرأي أجرته رويترز التضخم بحلول نهاية العام عند 11 بالمئة.

وكانت أكبر زيادة في أسعار المستهلكين للسلع والخدمات عند 5.09 بالمئة بحسب ما كشفته البيانات. وزادت الأسعار المرتبطة بالنقل والمطاعم والفنادق بينما انخفضت أسعار الملابس والأحذية.

وانخفضت العملة التركية نحو 20 بالمئة من بداية العام الجاري لكنها استقرت في الأسابيع الأخيرة. وأدى انخفاض قيمة العملة لزيادة التضخم عبر الواردات، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع عجز ميزان المعاملات الجارية.

وتراجعت الليرة 0.6 بالمئة إلى 7.434 مقابل الدولار صباح الخميس.

ويعزو كثير من الخبراء انهيار الليرة التركية إلى وتفاقم الأزمة الاقتصادية إلى سوء إدارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لسياسة البلاد، سواء على المستوى الاقتصادي أو على مستوى سياساته الخارجية التي استجلبت لتركيا عداءات مجانية بسبب التدخل العسكري في أكثر من جبهة، ما تسبب في قلق المستثمرين ونفور بعضهم الآخر عن الاستثمار في تركيا وهو ما يعكس حتما تراجعا اقتصاديا حادا.

كما يتهم معارضون أردوغان بإهلاك السياسة الخارجية، فيما يرى بعضهم أن استقلال الاقتصاد التركي مهدد بسبب التحالف مع قطر، مشددين على ضرورة تغيير دستور البلاد للتخلص من سطوة أردوغان وسياساته المنهكة للبلاد.

ويرى محللون أن الأزمة الاقتصادية في تركيا تشكلت نتيجة تدخلات أردوغان في السياسة النقدية وإقحام نفسه في مسائل اقتصادية ليست من مشمولاته، وشنه حملة تصفيات سياسية ضد الكوادر والكفاءات بالبنك المركزي ممن عارضوا تدخله في السياسة النقدية، ما أربك القطاع النقدي مسببا له مشاكل متناثرة.

وتعاني الليرة التركية منذ أشهر انهيارا تلو الآخر في خضم أزمات متناثرة جلبها أردوغان بسبب سياساته الفاشلة في إدارة البلاد، فضلا عن تمويله تدخلات عسكرية في أكثر من جبهة صراع بدل التفاته إلى أزماته الداخلية، ما استنزف الميزانية التركية، وهو ما قد يشكل بداية مرحلة من العزلة التركية، في ظل اكتساب أنقرة نقرة أنعداءات مجانية تجاه دول الخليج وأوروبا والدول الغربية.

ويفترض في الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه تركيا، أن يلتفت أردوغان لأزماته الداخلية، لكنه اختار التصعيد على أكثر من جبهة فخسر الشركاء التقليديين من الخليج إلى أوروبا واستنزف موازنة البلاد في حروب مدفوعة بأطماع استعمارية وبحثا عن مجد خلا للإمبراطورية العثمانية ولتحقيق طموحات شخصية وتنفيذ أجندة التمكين لجماعات الاسلام السياسي.

وتواجه تركيا أزمة اقتصادية ومالية حادة نتيجة سياسات أردوغان التي وضعت الاقتصاد التركي في موقف ضعيف في مواجهة الأزمات وخاصة تداعيات انتشار فيروس كورونا.

وتظهر ملامح الأزمة الاقتصادية التركية من خلال تفاقم معدل البطالة وارتفاع التضخم وانهيار الليرة، بفعل المخاوف من تناقض صافي احتياطات البلاد وتأثر المعنويات سلبا وتراجع المستثمرين مع توقعات نشوب صراع بين تركيا واليونان بسبب انتهاكاته في منطقة المتوسط.