المؤرخ ستورا 'ينكأ' الجراح ولا يُهدئ التوتر بين فرنسا والجزائر

المؤرخ الفرنسي ينفي ضمن تقريره حول مصالحة الذاكرة الذي رفعه للرئاسة الفرنسية، أن يكون أوصى بعدم اعتذار الدولة الفرنسية للجزائر عن جرائم حقبة الاستعمار.
بنجامان ستورا اقترح خطوات رمزية تؤسس لمصالحة الذاكرة بين فرنسا والجزائر
إعادة سيف الأمير عبدالقادر للجزائر من ضمن مبادرات اقترحها ستورا
فتح ملف مصالحة الذاكرة ينتظر عودة تبون من رحلة علاج في ألمانيا

الجزائر - لايزال التوتر بين فرنسا والجزائر عالقا في تفاصيل التفاصيل في ما يتعلق بحقبة الاستعمار الفرنسي التي استمرت من 1830 إلى 1962 وتخللتها مجازر بحق الجزائريين.

وتبقى أبرز نقطة خلافية حول اعتذار تنتظره الجزائر عن تلك الحقبة التاريخية التي يجري التداول حولها في الفترة الأخيرة ضمن جهود مصالحة تبدو بعيدة.

وفي أحدث تطور حول هذا الخلاف، رفض المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا الاتهامات التي وجهها إليه جزائريون حول دعوته إلى عدم "اعتذار" فرنسا عن 132 سنة من الاستعمار للجزائر، في تقريره حول مصالحة الذاكرة، كما جاء في حوار صدر الأحد في صحيفة جزائرية.

وقال ستورا لصحيفة "لكسبريسيون" الناطقة بالفرنسية "لقد قلت وكتبت في تقريري أنني لا أرى مانعا من تقديم اعتذارات من فرنسا للجزائر على المجازر المرتكبة".

وما زال تقرير المؤرخ الفرنسي الذي قدمه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، يثير الكثير من الجدل والانتقادات في وسائل الإعلام وبين المؤرخين في فرنسا والجزائر.

وكان الانتقاد الأكبر في الجزائر هو عدم التوصية في تقريره بضرورة تقديم فرنسا "اعتذارا" للجزائر على ما أصاب شعبها خلال الاحتلال الذي استمر 182 عاما.

وأضاف المؤرخ "لنكن واضحين، ليس هناك في تقريري شعار لا اعتذار ولا توبة".

وكان ماكرون وعد باتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد تقديم "الاعتذارات" التي تنتظرها الجزائر.

ولكن المنظمة الوطنية للمجاهدين (محاربو حرب التحرير الجزائرية) رفضت تقرير بنجامان ستورا لأنه "تغاضى عن الحديث عن الجرائم المتعددة التي ارتكبتها الدولة الفرنسية، باعتراف الفرنسيين أنفسهم".

وفي المقابل، لم يصدر أي رد فعل رسمي من الرئيس عبدالمجيد تبون الموجود في ألمانيا للعلاج من مضاعفات إصابته بكوفيد-19.

وأشار ستورا إلى أن عمله ومقترحه "لم يكن كتابة تاريخ الجزائر المعاصر، لكن تقدير آثار حرب التحرير في تشكيل مختلف جماعات الذاكرة في فرنسا".

وفي صلب تقريره الذي سيحول كتابا من 200 صفحة توصية مهمة: تشكيل لجنة في فرنسا باسم "الذاكرة والحقيقة" تكلف باقتراح "مبادرات مشتركة بين فرنسا والجزائر حول مسائل الذاكرة".

ومن بين المبادرات الممكنة خطوات رمزية على غرار نقل رفات المحامية جيزيل حليمي التي عارضت حرب الجزائر إلى مقبرة العظماء (البانتيون) وتخصيص مساحة أكبر لتاريخ البلدين في مناهج التعليم وإعادة سيف الأمير عبدالقادر الذي قاد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر.

لكن هذه "التوصيات لن تطبق بالضرورة، فهذه مسألة تتعلق بقرارات سياسية"، وفق الخبير بتاريخ الجزائر.

لذلك يشدد ستورا على أنه لم يعمل "كموظف في الإليزيه (الرئاسة الفرنسية) أو مستشار" ولكن عمل "كمؤرخ وأكاديمي"، موضحا "أنا لست ممثلا للدولة الفرنسية ولكنني باحث".

وأضاف "بدل رفض التقرير بشكل كامل، أعتقد أنه من المهم استخدامه كنقطة انطلاق للنهوض بقضية الجزائريين".

وقال المؤرخ في حواره مع الصحيفة الجزائرية إنه فوجئ بـ"الصدى الإعلامي" الذي أثاره تقريره "ما يدل على أن مسألة حرب الجزائر ما زالت موضوعا ساخنا".

ومع اقتراب الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر في عام 2022، فإن ملف "مصالحة الذاكرة" ستكون من أولويات المحادثات بين الرئيسين ماكرون وتبون بمجرد عودة الأخير إلى بلده.