المؤسسات المالية تنفتح على دعم لبنان على وقع تغيرات داخلية
بيروت - في تطور لافت يعكس تحولات داخلية وإقليمية، بدأت المؤسسات المالية الدولية أولى خطواتها العملية لمساعدة لبنان على التعافي من آثار الحرب الأخيرة، مستفيدة من التغيرات السياسية التي أضعفت قبضة حزب الله على القرار الداخلي، ومهّدت لنهج أكثر توازناً في علاقات بيروت الخارجية
ووقعت الحكومة اللبنانية اتفاق قرض بقيمة 250 مليون دولار مع البنك الدولي مخصص لتحديث قطاع الكهرباء المتهالك الذي كبّد الدولة ديونا بعشرات المليارات على مدى عقود، بحسب ما أعلنت وزارة المالية الأربعاء.
ويأتي هذا التوجه في ظل قرار أميركي وأوروبي غير معلن بفتح الباب أمام دعم الحكومة اللبنانية الحالية، التي نجحت في اتخاذ مسافة واضحة عن الثنائي الشيعي المدعوم من طهران، ما أعاد بعض الثقة الدولية بإمكانية بناء شراكة اقتصادية حقيقية مع بيروت، بعيداً عن منطق المحاور في ظل ضغوط غربية مستمرة لنزع سلاح حزب الله.
وهذا التحول بدأ ينعكس تدريجياً على المؤشرات الاقتصادية، مع عودة الحديث عن برامج تمويل مشروطة بالإصلاح، وخطط لتفعيل قروض كانت مجمّدة، مما يمنح اللبنانيين بارقة أمل في تحسّن الوضع المعيشي، وسط انهيار اقتصادي طال جميع القطاعات، وأفقد الليرة اللبنانية أكثر من 95 من قيمتها من قيمتها خلال السنوات الأخيرة.
وأتى التوقيع على هامش مشاركة وزير المالية ياسين جابر في اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين، في وقت يأمل لبنان الذي يواجه أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة منذ العام 2019، في الحصول على دعم المؤسسات الدولية لخطوات إصلاحية، وعملية إعادة الإعمار عقب الحرب المدمّرة بين إسرائيل وحزب الله.
وأفادت وزارة المالية في بيان بأن جابر والمدير الإقليمي في البنك الدولي جان-كريستوف كاريه وقّعا "قرضا بقيمة 250 مليون دولار مخصصا لمعالجة موضوع الكهرباء في لبنان".
ونقل البيان عن جابر قوله "نحن على يقين بأن هذا القرض سيكون مفيدا جدا في دفع ودعم الإصلاحات التي نقوم بها في قطاع الكهرباء في لبنان".
وأضاف "نحن اليوم نخطو خطوات حقيقية نحو إحداث تغيير كبير في طريقة إدارة قطاع الكهرباء في البلاد"، معتبرا أن هذا القرض "سيُسهم فعليا في تمكيننا من المضي قدما في مسار الإصلاح".
وأوضحت الوزارة أن القرض يشمل "تمويل إنشاء مركز تحكم وطني جديد، تحسين نظام المحاسبة والفوترة والتحصيل في مؤسسة كهرباء لبنان، وتطوير مزارع طاقة شمسية قابلة للتوسع".
وكان البنك الدولي أعلن في تشرين الأول/أكتوبر 2024 موافقته على القرض "لتعزيز الطاقة المتجددة في لبنان من خلال استعادة خدمات شبكة الكهرباء ودعم مواصلة تنفيذ الإصلاحات".
واعتبر أن قطاع الكهرباء لطالما كان "في صلب التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها لبنان حيث أدّت الأزمات المتتالية على مدى السنوات الماضية إلى تدهور كبير في الجدوى التشغيلية والمالية للقطاع".
والقرض المخصص لقطاع الكهرباء هو جزء من حزمة مساعدات تناهز قيمتها مليار دولار، يأمل لبنان في الحصول عليها من البنك الدولي، بحسب وزير المالية.
ونقل بيان للوزارة عن جابر قوله الثلاثاء إن بيروت حصلت على "موافقة مبدئية لرفع قيمة القرض المقدم من البنك الدولي لإعادة الاعمار من 250 مليون دولار الى 400 مليون دولار".
وإضافة الى قرض الكهرباء الذي تمّ توقيعه، لفت جابر الى قروض بقيمة 256 مليون دولار للمياه، و200 مليون للزراعة، و200 مليون للشأن الاجتماعي.
ويعدّ قطاع الكهرباء من القطاعات المتداعية في لبنان منذ عقود، وكبّد الدولة ديونا تقدر بأكثر من 40 مليار دولار في حقبة ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990). ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد جلّ جذري للكهرباء بسبب الفساد وتهالك البنى التحتية والأزمات السياسية المتتالية.
واشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة في قطاعات حيوية عدة للحصول على دعم مالي.