المؤسسة العسكرية في إيران بين الثورة والدولة.. البعد العقائدي

المؤسَّسة العسكرية فاعلة في السياسة الخارجية الإيرانيَّة وأنه من داخل أروقتها والحرس الثوري تحديدًا تُرسَم سياسات التعاون الدولي ويُعَيَّن السفراء وتُناقَش الاتِّفاقيات الدولية ومن خلال برامج التسلُّح والتصنيع الحربي يُوَجِّه الحرس رسائل النِّظام إلى العالَم الخارجي ويحدِّد المدى اللازم لصواريخه بما يخدم أهدافه السياسة بعد أن أصبحت الصواريخ إحدى أدوات السياسة الخارجية الإيرانيَّة أكثر من جهازها الدبلوماسي.

صدر عن “المعهد الدولي للدراسات الإيرانية” كتاب “المؤسَّسة العسكرية في إيران بين الثورة والدولة”، وهو نتاج ورشة عمل بنفس العنوان أقامها المعهد في مدينة الرياض في الثامن من مايو 2017م، وذلك في ظلّ تسارع الأحداث وتشابكها وفي إطار ضرورة فهم الآخر وقدراته وإمكانياته وتقييم نقاط القوة والضعف وأدواته المباشرة وغير المباشرة، وفي إطار الدور المنوط بمراكز الفكر والدراسات.

الكتاب يشتمل على ثلاثة محاور تَضمَّنَتها الورشة، تناول أولها “البعد الآيديولوجي للمؤسَّسة العسكرية، والعقيدة العسكرية الإيرانيَّة”، وتناول ثانيها “المؤسَّسة العسكرية وعلاقتها بتوازن القوى السياسية”، وثالثها “المؤسَّسة العسكرية والعالَم الخارجي”. وكانت الأطروحات البحثية التي يضمُّها الكتاب نتاج كثير من النقاشات والمداخلات التي شهدتها ورشة العمل يوم الانعقاد وبعده عبر مشاورات وحوارات متصلة بين المختصين في الشأن الإيرانيّ المشاركين في ورشة العمل وغير المشاركين فيها، على مدار ما يقرب من عام ما بين عقد الورشة وصدور الكتاب.

وضمّ الكتاب بين دفّتيه سبع دراسات لسبعة باحثين، كانت الأولى بعنوان “البعد الآيديولوجي للمؤسَّسة العسكرية” للدكتور سلطان النعيمي، والثانية عن “العلاقة بين المؤسَّسة العسكرية والنِّظام السياسي الإيرانيّ في ضوء نظرية التوافق” للدكتور فتحي المراغي، وتناولت الثالثة “العقيدة العسكرية للقوات المسلَّحة الإيرانيَّة” للدكتور معتز سلامة، وتطرقت الرابعة إلى “القدرات القتالية وخُطَط الانتشار” للدكتور سعد محمد بن نامي، أما الخامسة فكانت للدكتور محمد بن صقر السلمي رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية تحت عنوان “عسكرة التَّشيُّع”، في حين تطرقت السادسة إلى “تقييم العقيدة والقيادة العسكرية الإيرانيَّة.. التطوُّرات والعقبات وآفاق التغيير” للدكتور أليكس وطنخواه، أما الدراسة السابعة والأخيرة فكانت حول “النشاط الاقتصادي للحرس الثوري.. الأدوات والتداعيات على إيران والمنطقة” للأستاذ أحمد شمس الدين ليلة، ثم اختُتم الكتاب بخاتمة تَضمَّنَت أهمّ الاستنتاجات والمقترَحات التي توصَّلَت إليها ورشة عمل “المؤسَّسة العسكرية في إيران بين الثورة والدولة” والدراسات التي نتجت عنها وأُودِعَت هذا الكتاب.

 منها أن المؤسَّسة العسكرية مع الشِّقّ الأول من النِّظام الإيرانيّ، المقصود به مؤسَّسة المرشد، أصبحت تعيش حالةً من التوافق، في حين تسود قيم الصراع بين مؤسَّسة رئاسة الجمهورية والمؤسَّسة العسكرية، وأن هذه الحالة الخطيرة من انقسام طرفَي المعادلة (المؤسَّسة العسكرية والنِّظام السياسي) إلى أربعة أطراف (مؤسَّسة المرشد، ومؤسَّسة الرئاسة، ومؤسَّسة الجيش، ومؤسَّسة الحرس الثوري)، تُنبِئ بصدام وشيك في حالة غياب أحد الأطراف، والمتوقَّع حدوث الانفجار بوفاة خامنئي الذي وحَّد بين شخصه ومقام المرشد لطول فترة تولِّيه وعدم تحديده نائبًا أو خليفة له، ومن ناحية أخرى فإن في المعادلة حالة من تغييب الطرف الثالث، وهو الشعب الإيرانيّ، وما كان يمكن أن تسترضي الشعبَ الإيرانيَّ ممارساتٌ ديمقراطية زائفة مثل سلسلة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحليات وغيرها، فلم تعُد تُلهِي جموع الشعب عن جوهر الصراع على السُّلْطة في إيران.

كما توصّلَت دراسات الكتاب إلى أنه على الصعيد الخارجي أصبحت المؤسَّسة العسكرية أحد أهمّ الفاعلين في السياسة الخارجية الإيرانيَّة، وأنه من داخل أروقة المؤسَّسة العسكرية والحرس الثوري تحديدًا تُرسَم سياسات التعاون الدولي، ويُعَيَّن السفراء، وتُناقَش الاتِّفاقيات الدولية، ومن خلال برامج التسلُّح والتصنيع الحربي يُوَجِّه الحرس رسائل النِّظام إلى العالَم الخارجي، ويحدِّد المدى اللازم لصواريخه بما يخدم أهدافه السياسة، بعد أن أصبحت الصواريخ إحدى أدوات السياسة الخارجية الإيرانيَّة أكثر من جهازها الدبلوماسي.

كتاب “المؤسسة العسكرية في إيران بين الثورة والدولة” يُباع مع بقية إصدارات المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، في جميع منافذ بيع “مكتبات جرير” بالمملكة العربية السعودية.